الجمعة، 18 يوليو 2014

استراتيجية المقاومة في الحالة الفلسطينية

     ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

    المقاومة ليست طريقًا واحدًا، المقاومة كأي نهج سياسي سبل عدة. اختيار طريقة المقاومة يجب أن يكون مرتبطًا بمدي فعالية هذا الطريق لردع الخصم. مدي فعالية طريقة المقاومة مرتبط بإطار تاريخي و عملي. يتطلب تحديد طريقة المقاومة الدراسة التحليلية للإطار التاريخي، و مدي كون هذا الطريق عمليًا. فمثلاً ما كان مناسبًا كطريق للمقاومة في القرن الماضي مثل المليشيات المسلحة التي عملت ضد الاستعمار، لم يعد مناسبًا كطريق للمقاومة الاّن. طبيعة المقاومة حتي ضد الحكم  القمعي تحولت إلي موجات تظاهر سلمي لا جماعات تحمل السلاح. هذا لا ينطبق علينا في العالم العربي و حسب، بل ينطبق علي أوروبا الشرقية و أمريكا اللاتينية كذلك. الرأي العام العالمي لم يكن بذات الأهمية في القرن الماضي كما هو في عالم العولمة . و مع ذلك الرأي العام العالمي في القرن الماضي أيد فكرة المقاومة المسلحة ضد الاستعمار لكنه اليوم يرفضها و ينتقدها.
      الحالة الفلسطينية تتطلب استراتيجية مقاومة تتعامل مع مدي خصوصيتها.المفاوضات ليست مقاومة و أثبتت فشلها في العقدين الماضيين، و حتي و إن كانت خيارًا صائبًا، فستكون كذلك عندما يمتلك الفلسطينيون ورقة ضغط، و هذه الورقة هي المقاومة. المفاوضات بدون ورقة ضغط، هي مسلسل تنازلات أمام الطرف الأقوي. المقاومة المسلحة خيار إتبعته حماس، لكنه ليس الخيار الأصوب لأكثر من سبب.
          أولاً: حماس لا تملك سلاحًا مساويًا أو حتي معتدًا به أمام السلاح الإسرائيلي، و مقاومتها لا ينتج عنها ضرر لإسرائيل غير ضغط نفسي.
        ثانيًا: المقاومة المسلحة ينظر إليها من الرأي العام العالمي كخيار غير أخلاقي، و إرهاب. و بذلك يكون انتهاج خط المقاومة المسلحة متسببًا في خسارة التعاطف العالمي مع القضية الفلسطينية.
        ثالثًا: إسرائيل تستغل صورة المقاومة المسلحة كإرهاب، في تبرير جرائمها ضد المدنيين العزل بذريعة "الدفاع عن النفس"، و حماية أمن إسرائيل من الإرهاب.
       إذّا فالمقاومة المسلحة لا تحقق فوزًا للجانب الفلسطيني واقعي ضد إسرائيل و في ذات الوقت تشكل درعًا واقيًا لحماية إسرائيل من أي إتهام يوجه إليها لعدوانها الإجرامي علي الفلسطينيين. يمكن قبول خيار المقاومة المسلحة و تجاهل الرأي العام العالمي، و الموقف السياسي الدولي في حالة تحقيق المقاومة المسلحة لنجاحات واقعية لا وهمية حماسية. "حفظ ماء الوجه" هو مجرد كبرياء أعمي يشبع مشاعر الشباب العرب الحماسية، و لكنه لا يحقق مكسبًا حقيقيًا قصير أو طويل المدي للقضية الفلسطينية.
          حتي انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 لم يكن –كما صورت حماس- بسبب المقاومة المسلحة بل سببه رغبة إسرائيل في حماية نفسها من مسؤوليتها كمستعمر، و إدراكها لأنها تملك خيارًا من اثنين إما أن تعطي الغزاويين الحقوق السياسية و الاجتماعية كعرب 48 و تفقد تدرجيًا يهودية الدولة؛ لأن الأغلبية في إسرائيل ستصير في وقت قريب جدًا غير يهودية، و إما أن تظل مواجهة لتهم العنصرية. وجدت أن الخيار الأيسر هو الانسحاب و في ذات الوقت الإبقاء علي القبضة الاستعمارية عن طريق حصار غزة (الذي يكتسب شرعيته من حجة حماية أمن إسرائيل من صواريخ حماس).
             فتح تتبع طريق التفاوض الذي ينتهي بالتفريط في مزيد من الحق الفلسطيني، و حماس تتبع خط المقاومة المسلحة العاجزة الذي يعطي جرائم الاحتلال الإسرائيلي مزيدًا من الشرعية، بينما لا توجد حركة واحدة قوية بفلسطين تتبع خط المقاومة السلمية. لا توجد حركة واحدة منظمة قوية من المظاهرات السلمية واسعة النطاق داخل و خارج فلسطين تعمل بشكل منظم و دائم ضد الاحتلال الإسرائيلي. حتي التظارهات المنددة بالاحتلال الإسرائيلي تخرج أوقات العدوان، لكن لا تشكل حركة سياسية قوية مستمرة تتبع نهج النفس الطويل.
            قيام حركة مقاومة سلمية خيار أكثر عملية و فعالية من خيار المقاومة المسلحة لعدة أسباب.
            أولاً: المقاومة السلمية يتعاطف معها الرأي العام العالمي بسرعة، و يعتبرها مظهر حضاري و أخلاقي لرفض القمع. و إن حاولت إسرائيل قمعها-و هو ما ستفعله-  فتظهر أمام الرأي العام العالمي كسلطة قمعية (لا الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط) تحاول سلب مواطنين عزل حقهم في التعبير السلمي عن رأيهم، و دفاعهم عن حقهم في أرضهم.
               ثانيًا: لن تملك إسرائيل ذريعة لعدوانها؛ لأن الحركة سلمية، و بذلك ستتعري و سيظهر حقيقة هجومها كعدوان غير أخلاقي.
              ثالثًا: طبيعة حركات التغييرالسلمي تسمح لقطاعات عريضة بالاشتراك فيها داخل و خارج الدولة. لا يوجد قطاع –حتي الأطفال- لا يمكنه الاشتراك في حركات المقاومة السلمية مثل التظاهرات. الحشد للاشتراك في حركة مقاومة سلمية داخليًا و خارجيًا أوسع نطاقًا من الحشد للاشتراك في مقاومة مسلحة. معركة كمعركة تحرير فلسطين يجب أن تضمن إتساع رقعة التأييد و المشاركة قدر الإمكان و إتساع هذه الرقعة عملي أكثر في حركة احتجاجات سلمية.
              رابعًا: الدول التي تدعم إسرائيل ستسمر في دعم إسرائيل في كل الأحوال، لكن ستضطر للتراجع قليلاً علي الأقل في مواقفها المعلنة عمدما تجد الرأي العام داخل بلدانها ساخطًا علي إسرائيل و عندما تواجه موجة تظاهرات سلمية داخل أراضيها، و خاصة عندما تفشل في التبرير لإسرائيل؛لأن إسرائيل سستخسر ذريعتها للعدوان (حماية الأمن) و ستظهر كمستعمر قامع يقتل متظاهرين سلميين يطالبون بالعدالة و الحرية.
            ربما يكون السؤال هو هل تستحق معركة الرأي العام العالمي التنازل عن خيار المقاومة المسلحة و حشد المقاومة السلمية خاصة مع عدم احترام إسرائيل للقانون الدولي ؟
            الإجابة تتطلب رؤية تحليلية متعمقة لاستراتيجية إسرائيل السياسية. إسرائيل تنتهك القانون الدولي، ولكنها تهتم جيدًا بإيجاد مبررات دبلوماسية لكل انتهاك تقوم به. و حركة المقاومة السلمية ستسلبها كل حجة قانونية و سياسية تملكها. قوة إسرائيل الحقيقة لا تكمن في السلاح الإسرائيلي بل في مدي تأييد الدول الداعمة لها. الدول الداعمة لها –حتي أمريكا- لا تستطيع خسارة الرأي العام لشعوبها، لا تغامر به، لذلك تتعمد إظهار إسرائيل دائمًا بالإعلام الغربي كالضحية، و هنا تأتي المرحلة الأهم في استراتيجية المقاومة، لعبة الإعلام و اللوبيهات.
            حركة المقاومة السلمية ستكون بلا جدوي تمامًا إن لم نملك السيطرة علي الإعلام العالمي أو علي الأقل جزء منه. الإعلام العالمي هو الذي يتولي تجميل إسرائيل أمام الرأي العام العالمي بطمس حقيقة الوضع داخل فلسطين، و تضخيم معاناة إسرائيل، و ستر معاناة الشعب الفلسطيني. الإعلام العالمي يعمل برأس المال؛ لذلك يحرص الصهاينة علي السيطرة علي رؤوس الأموال المسيطرة علي الإعلام العالمي. نحتاج أن نلعب لعبتهم، أن نشتري نحن أيضًا ميول الإعلام الغربي. ستكون كذبة ساذجة إن قلنا أننا ليس بيننا من يملك/ تملك شراء انتماء وسائل إعلام غربية. لدينا رؤوس أموال كما لدي الصهاينة، و يستطيعون إن أرادوا شراء قنوات إعلام غربية لتغير أجندتها و تلقي الضوء علي حقيقة معاناة الشعب الفلسطيني ثم علي حركة المقاومة السلمية التي سيخوضها ضد المحتل القامع الإسرائيلي.
           لعبة اللوبيهات لعبة شديدة الأهمية. أقوي لوبي صهيوني هو اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة. لدينا جاليات مليونية في مختلفة دول العالم و داخل الولايات المتحدة و لكن ليس لدينا لوبي عربي بقوة اللوبي الصهيوني قادر علي التأثير في السياسة الخارجية لهذه الدول. اللوبي الصهيوني لا يستطيع رئيس أمريكي حتي البوح بتصريح ضد إسرائيل لا يعجبه و إلا دفع ثمنًا سياسيًا غاليًا. لماذا لا نملك لوبي عربي قادر علي الضغط لدعم القضية الفلسطينية و إجبار السياسيين الأمريكيين و الأوروبيين للتراجع عن التأييد المطلق لإسرائيل ؟
                    بناء استراتيجية للمقاومة السلمية من خلال حركة تظاهرات سلمية وعصيان مدني ضد الاحتلال الإسرائيلي مع السيطرة علي وسائل إعلام رئيسية غربية لإظهار حقيقة الإجرام الإسرائيلي و لدعم المقاومة السلمية علاوة علي تأسيس لوبي عربي قوي قادر علي الضغط علي السياسيين الأوروبيين والأمريكين هو الطريق العملي و الفعال و المناسب لطبيعة عالم العولمة للمقاومة في الحالة الفلسطينية.

           

الجمعة، 11 يوليو 2014

أحبهم كما هم و يحبونني كما أنا

 لوفي لديه أصدقاء كثيرون جدًا مختلفون؛ لأنه يحبهم كما هم، لا كما يريدوهم أن يكونوا. لوفي يحب أصدقاءه و لا يحاول أن يفرض عليهم أن يتغيروا ليصير صديقهم. يحبهم رغم أن طباعهم ، و شخصياتهم، و مبادئهم و أفكارهم مختلفة جدًا عنه و عن بعض. لوفي يري اختلافهم شيء يضحكه، شيء يحبه، و لا يمنعه أن يقترب منهم، بل أظنه لا يعنيه كثيرًا. لوفي لا يضع شروطًا لأصدقائه، يصادق كل من يقترب منهم دون أن يسألهم كثيرًا عنهم، و لا يعنيه أن يعرف عنهم الكثير. لا يعنيه أفكارهم، أديانهم، أفعالهم، طريقة ملابسهم أو حياتهم، كل ما يعنيه هو أن يحبهم و يحبونه، كل ما يعنيه أن يكونوا خيرين لا يؤذون أحدًا، و لا يخونون أصدقاءهم.
        ماما كانت تضع شروطًا كثيرة لأصدقائي. لم تكن تريدني أن أصادق مرنا و أنا صغيرة؛ لأنها مسيحية. لم تكن تريدني أن أصادق من لا يحصلون علي درجاتٍ مرتفعة كثيرًا مثل أمير و ياسمين. لم تكن تريدني أن أصادق دادة دلال أو عمو إلهامي؛ لأنهم أقل منا مالاً. ماما أرادتني أن أضع شروطًا لأصدقائي، لدائرتي.
            أنا لا أريد ذلك، و لا استطيع أن أسمع كلام ماما. صحيح أن ماما غيرت رأيها في مرنا و لكنها لم تغير رأيها في أمير و ياسمين و دادة دلال و عمو إلهامي ، لم تغير رأيها في انتقائها لأصدقائي. أنا لا أريد أن أترك أصدقائي، أريد مثل لوفي أن أحبهم كما هم، لا كما أريدهم أن يصيروا. هم أيضًا يحبونني كما أنا، لا كما يريدونني أن أصير. مرنا لم تطلب مني أن أصير مسيحية لتحبني، كريستين لم تطلب منب أن أصير الأولي مثلها لتحبني، فيكتور لم يطلب مني أن أكون ثرية مثله ليحبني، ياسمين لم تطلب مني أن أهتم بالملابس مثلها لتحبني. لماذا يجب ان أطلب أنا من أصدقائي شروطًا ليصيروا أصدقائي؟
                أنا أحب أصدقائي كما هم، و هم يحبونني كما أنا. أحبهم؛ لأنهم أصدقائي. أحبهم؛ لأنهم يحبونني و يبقون معي، و يثقون بي، و يحاولون أن يجعلوني سعيدة دائمًا. أحبهم؛ لأنهم معي. لن أفرض شروطًا علي أصدقائي. سأكون مثل لوفي أحبهم كما هم، و لا أريد منهم سوي ألا يؤذوا أحدًا، و أن يظلوا أوفياء لأصدقائهم يحبونهم.
                أظن أن زرعتي أيضًا تحتاج أن نحبها كما هي، و تحبنا كما نحن، و نحب بعضنا كما نحن أيضًا. دائرتي تحتاج ألا نفرض شروطًا علي حبنا لبعضنا، تحتاج رواتها أن يحبوا بعضهم كما هم؛ ليستطيعوا معًا أن يرووها و يجعلوها تكبر و تعلو أكثر و أكثر. سأحب دائرتي كما هي، لن أطلب من أحد رواتها شروطًا للحب، سأحب دائرتي كلها كما هي، مادامت لا تؤذي أحدًا، و دائرتي أيضًا يجب أن تحبني كما أنا.

               احتاج للحب أن أقبل من أحب كما هم، و يقبلونني كما أنا.