الجمعة، 26 يوليو 2013

التوقيع الأعمي

   ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).

    ما سيحدث اليوم ربما سيستحق أن يدونه التاريخ كتفويضٍ من شعبٍ كاملٍ لحكامه بالقمع . اليوم سينزل الملايين ليقولوا كلمتهم ، ليقولوا أنهم يدعمون السيسي زعيمهم الجديد ، ليقولوا أنهم يدعمون القمع لكل ما هو إخواني باسم " محاربة الإرهاب" ، اليوم سيقولون كلمتهم ، سيفضون لإغراق الشوارع بالدماء.
     مصطلح " مقاومة الإرهاب" مصطلح مستهلك ، مصطلح نعرف جميعًا كيف يستخدم لتبرير القتل و التنكيل بالأطفال في سوريا. نعرف كيف استعمل لتبرير جرائم أمريكا في العراق و أفغانستان و باكستان. نعرف كيف استخدم لسنوات طوال في تبرير كل صور القمع و سلب الحريات باسم الطوارئ في مصر. كلنا نعلم أن "مقاومة الإرهاب" حجة مكررة و مملة لكافة صور القهر ، و القمع و إرهاب الدول. نعرف و بكل إصرار نمضي خلف الحجة ، و نبدأ طريقًا سلكناه و سلكه غيرنا من قبل نحو القمع و الظلم و الدم  باسم " مقاومة الإرهاب".
     السيسي لا يدعو لدعمٍ في مقاومة الإرهاب ، فالجيش يحاربه منذ أعوام في سيناء ، و الدولة كانت تحاربه قبلاً في كل ربوع الوطن ، في التسعينات. الدولة لا تحتاج تفويضًا من الشعب لمقاومة الإرهاب ، هذا عملها. و لكن ربما يكون ما يطلبه السيسي هو تفويض بالقمع ( و مبدئيًا قمع الإخوان) من الشعب ، تفويض بقتل المعارضين السياسين.إنه يطالب بشرعية لما يصفه ب(التصدي للإرهاب) و الذي لا نعرف بالضبط ما وصفه. هو لم يقل كيف سيتصدي ، هل سيفتح النار ؟ هل سيضع الدولة تحت أحكامٍ عرفية ؟ و إن كان ذلك صحيحًا، فما هي الأحكام العرفية التي سيخضعنا لها ؟  هل سيفتح السجون علي مصرعيها لمن يسميهم "الإرهابيين" ؟ و لم يقل ما تعريفه لكلمة "إرهاب" . هل هو شهر السلاح في وجه المدنيين ؟ هل هو القتل لفرض نظام سياسي معين ؟ هل هو ترويع الشعب ؟ أم أنه حتي مجرد التظاهر و الحشد لدعم مرسي و الإخوان ؟ أم أنه مجرد الهجوم علي الإطاحة بمرسي ؟
          لم يحدد أي شيء ، عوم كلامه ، و استخدم مرادفات شديدة الخطورة تحتاج لتعريفٍ دقيق حتي لا تتسع لتشمل كل صور القمع ضد المعارضين ، لكي لا تجيز بحار الدم . و مع ذلك كثيرون أيدوه ، و اعتبروه بطلاً ، و الإعلام سواًء العام أو الخاص وقف في ظهره بقوة يعبيء الجماهير لتنزل و تعطي التفويض الأعمي ، لتمضي علي عقد لا تعرف بنوده ، كل ما تعرفه عنوان عريض في أعلي الورقة يسمي " التصدي للإرهاب". و ربما قريبًا جدًا ستكتشف الجماهير أنه نصب عليها ، و أن العقد يبيعها أغلي  ما تملك ، ما دفعت كل شيء حتي الدماء لأجله، يبيعها "الحرية".
          كل ذلك يتم الاّن و هناك زعيم ، موثوق فيه ، مبجل ، معشوق في أعلي الصورة. كل ذلك يتم و السيسي بطل مضمون ، يمضي علي العقد ؛لأن اسمه ينور الورقة. و لا أحد يتعظ أن النية الحسنة لا توجد في السياسة ، و أن إحسان الظن فيها مفتاح لبابٍ تقبع خلفه الجرائم ، الخسائر ، و الدماء. لا نتعظ من إحسان الظن بناصر (الزعيم الثوري العسكري) ، و لا حتي بمرسي الذي أطيح به للتو ، و الذي ظل أنصاره يقولون للجماهير أن تحسن الظن به عندما استحوذ أو أخضع كل السلطات له ، و الذي حاول أن يبدو زعيمًا ثوريًا أيضًا. القمع يحتاج لشيء من اثنين إما الزعيم أو الأغلبية ، و الاّن السيسي يملك الزعامة، و يطلب اليوم الأغلبية.
          لا أريد أن أشكك بأحد ، و لا أن ألقي التهم جزافًا ، و لكني فقط أريد لحظة وقوف مع الذات و تأمل للخطوة التي سترتكب اليوم . أريد لحظة تفكير ، تأني ، إدراك لحقيقة التوقيع الذي سيوقعه الشعب اليوم. أريد تأملاً لمعني ذلك التوقيع ، لحدود ذلك التفويض و الجهة الموجه ضدها .أريد مراجعة أخيرة للذات قبل ألا يفيد الندم ، قبل أن نكون نحن من وقعنا عقدًا نبيع فيه حريتنا للقمع بحسن نية ، و نشتري فيه الوهم بالدماء و الحرية.

الجمعة، 19 يوليو 2013

مفهوم القائد

      (هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).

    هناك فرق كبير ما بين مفهوم القائد و الفرعون . ليس بالضرورة كل قائد هو فرعون و ليس بالضرورة كل جماعة تسير بلا قائد حرة من حكم الفرعون .القائد هو الشخص الذي يقود مجموعة و ينسق ما بينهم حتي لا تكون جهود كل فرد في  إتجاه  و تعم الفوضي . ليس أهم شيء في القائد أن يكون الأقوي أو الأمهر في اللعب  مشاعر المقودين بالكاريزما و الخطب الرنانة ، كما ليس مهماً أن يكون الأثري أوالأذكي ، و لكن أهم خصلة يجب أ ن تتوافر فيه في اعتقادي هي القدرة علي القيادة بحكمة و بوعي و بإدراك لدور كل فرد في مجموعته.
      لابد أن يكون للقائد احترامه ، و التزام نسبي بأوامره و لكن  يجب أيضاً أن يكون القائد ملتزماً هو الأخر برأي مجموعته و القواعد المتفق عليها من الجميع .و يفترض بكل فرد في المجموعة أن يقف للقائد بالمرصاد علي كل هفوة مهما كانت صغيرة .فالقائد هو المسئول الأول عن المجموعة ، و مسئوليته عن المجموعة تخوله الأمر و النهي و توجب الطاعة النسبية في أغلب الأمور ،  و الطاعة المطلقة في الظروف الخطرة كالحروب إلا في حالات قليلة جداً ، و لكن هذه المسئولية أيضاً تلزمه بأن يكون الأكثر التزاماً و اتباعاً من الجميع لمبادئ المجموعة و تجعله حسابه أعسر من حساب أي فرد فيها.
      قد يعتقد البعض أن القائد (لكونه قائد ) يجب أن يحظي بقدر من المعاملة الخاصة ، و أن يحصل علي امتيازات لا يحصل عليها أي فرد أخر حتي بعد انتهاء قيادته .  لا ريب أنه من حق القائد أن يميز في المكاسب كما يميز في العقاب ، و لكن يجب أن تكون المميزات التي يحصل عليها معلومة لجميع الأفراد و متفق عليها ، و يفترض أن تكون محددة جداً  فمثلاً من غير الأخلاقي أن لا يخضع القائد للحساب ان ارتكب خطيئة لمجرد أنه قائد أو أن يكون من حقه انتهاك المبادئ  لكونه قائد ، و مثلاً إن حبس قائد أمام محكمة مثلاً يجب أن يعامل كأي متهم من أفراد المجموعة .

           و أهم شيء حتي يبقي القائد قائداً و لا يغدو  ديكتاتوراً مستبداً أن يبقي مدركاً أن شرعيته كقائد مكتسبة من إتفاق الأفراد عليه . و ليبقي  القائد مدركاً لهذه الحقيقة ، يجب أن يجد نفسه محاسباً دائماً علي مستوي اّدائه كقائد من فريقه و يقوم كل فترة إن ظهر عليه إمارات اعوجاج ، و أهم شيء أن يتصدي الفريق له إن ظهر عليه أي إمارات للاستبداد بالرأي أو بفرض إرادته علي المجموعة أو أي علامات نرجسية ، و ألا تسمح المجموعة بأي شبهة محاباة أو مجاملة من أحد الأفراد للقائد أو العكس . هذه كلها أشياء واجبة لتجعل القائد واضحاً نصب عينيه أبداً أنه يعمل لدي مقوديه لا العكس ،و لتحول دائماً بينه و بين الفرعنة.

الجمعة، 12 يوليو 2013

سأحب و سأعطي

    الله – عز و جل-جميل و طيب و رحمن يحبنا جميعًا .إنه يحبني و رحيم بي ، دائمًا أشعر أنه بجواري ،أنه يسمعني ، إنه يعلم بكل ما أتمناه و يستجيب لي حتي بدون أن أدعيه.ربي يحبني ، يحبني جدًا،حتي عندما أخطأ و أضايق ماما ،أو عندما أسخر من أصدقائي و أحزنهم،و أحزن بعد ذلك و أندم أشعر و أعلم أن الله –عز و جل- يسمعني ، و يكون معي ، و يخفف عني حتي شعوري بالذنب .إنه يسمعني دائمًا ،هو معي دائمًا ،حتي قبل أن أقول لأي أحد أني حزينة أو فرحة هو يشعر بي.
       أود دائمًا لو لا أغضبه أبدًا مني ،أود لو يكون دائمًا سعيدًا بي ،أود لو أفعل ما يسعده مني ؛لأشكره علي كل ما يفعله لي ، علي وجوده دائمًا بجواري ، علي إنصاته لي متي حزنت و متي فرحت و متي دعوته.أحب أن أعمل ما يسعده ؛لأني أحبه بصدق.أعلم أنني أخطأ كثيرًا ؛فأنا عصبية جدًا ،و أضايق ماما ،و أصيح كثيرًا بمن حولي ،أريد أن أعمل ما يجعل الله-سبحانه و تعالي- يسعد بي و يحبني أكثر .
         أية تقول أن الله-عز و جل- يحبنا أن نصلي له ،و نوزع الصدقات ،و نقرأ القراّن ،و أن والديها يجعلانها تصلي كثيرًا و تقرأ القراّن لترضي الله –سبحانه و تعالي- .أنا أصلي لله –عز و جل- و أقرأ القراّن قليلاً ،و لكني لا استطيع أن أقرأ أغلبه ؛لأنني لا أنطقه صوابًا و أجده صعبًا عليَ.أحب أن أصلي ؛لأنني أشعر أنني أقرب من ربي الذي أحبه و أريد دومًا أن أشكره ،أحس أنني أقرب إليه من أي وقت اّخر.و لكن لا أحس أن هذا هو الذي يريده مني فقط ،لا أظن أن ربي يريدني أن أصلي و أقرأ القراّن و حسب.ربي الذي أحبه و أعرفه يحبني أيضًا أن أحب من حولي ، أن أسعدهم ،أن أكون بقربهم ،و أدافع عنهم ، يحبني ألا أجرح أحدًا ،أن أخاف علي مشاعر من حولي.إنه يحبني أن أجعل ماما سعيدة بي ،و لا أغضبها ،يحبني أن أقاتل لأجل زرعتي و أحلم معها ،و أجعلها أعلي زروع العالم و لا أتخلي عنها أبدًا .الله –عز و جل-الذي أحبه أعلم أنه يريدني أن أمد يدي لكل من حولي ، لكل دائرتي ، يحبني أن أحب أصدقائي جميعًا و نكون معًا دائمًا فريقًا واحدًا قويًا ندافع عن بعضنا و نقاتل معًا و نحلم معًا و نحقق أحلامنا لأجل زرعتي معًا.
          الله – سبحانه و تعالي- يحبني أن ألا أتكبر ،ألا أكره ،ألا أترك أحدًا ، ألا أكذب علي أحد.يحبني أن أحب الجميع ،و أدافع عن الجميع ،و أضحي لأجل الجميع.حتي الأشرار لا أظنه يريدني أن أكرههم ،إنه يريدني فقط أن أدافع عن الجميع من شرهم ،و أسامحهم ،و أحاول أن أجعلهم خيرين.
            عندما أساعد أصدقائي أنا أسعده ،عندما أريح ماما أنا أسعده ،عندما أقاتل و أعمل لأجل زرعتي أنا أسعده ،عندما أحب الجميع ، و أساعد كل من يحتاجونني ،و أدافع عن كل الضعفاء ،و أحارب لأجل الخير بدون يأس أنا أسعده ،عندما أحلم و أدافع عن أحلامي و أجعلها تسعد زرعتي و ماما و أصدقائي و الجميع ،أنا أسعده.
            إني أحبه ،و لأني أحبه سأحب الجميع ،لأني أحبه لن أكره سوي الشر ،حتي الأشرار لن أكرههم ،لأني أحبه سأحلم حتي النهاية و لن أتخلي عن أحلامي لأجل زرعتي ، سأكون دائمًا بجوار كل من يحتاجون إليَ ،أساعدهم ،أدافع عنهم ،و أقاتل لأجلهم ،لأني أحبه سأحب و سأعطي ،و هذا هو ما أعلم أنه يحب.