الثلاثاء، 10 سبتمبر 2013

الضبطية القضائية بالجامعة

        ( هذا المقال بقلمي لا بقلم  الطفلة ).

          الحركة الطلابية تاريخيًا كانت دائمًا المحرك الرئيسي للحراك السياسي داخل الدولة هذا لا ينطبق علي مصر بشكلٍ خاص و لكنه ينطبق علي كافة الدول التي واجهت مراحل طويلة من التحولات السياسية و القتال لأجل بلوغ الحرية و العدالة. هذا ليس أمرًا جديدًا ، و لكنه تاريخ ممتد منذ بداية القرن العشرين و ربما قبل ذلك .  ربما تكون أشهر حركة طلابية هي الحركة الطلابية في أواخر ستينات القرن الماضي التي اكتسبت بريقها الخلاب من الحركة الطلابية الفرنسية ليشع نوارها و يشعل قلوب طلاب العالم.
           أما مصر فلها تاريخ خاص جدًا مع الحركات الطلابية و خاصة في الجامعة المصرية (جامعة القاهرة) . ذاكرة الحركة الطلابية الجامعية المصرية طويلة جدًا ، تحمل دماء الطلاب الذين ماتوا في العصر الملكي و هم يطالبون باستقلال حقيقي لهذا الوطن ، ثم دماء الطلاب الذين حلموا بالحرية و الديمقراطية و قاموا لأجلهما النظام البوليسي القمعي الدموي في عصر عبد الناصر ، ثم دماء الطلاب الذين دافعوا و قاتلوا حتي النهاية لأجل حلم العروبة و العدالة الاجتماعية الذي رأوه يقتل رويدًا رويدًا في عصر السادات ، ثم دماء الطلاب الذين قاوموا قمع دولة مبارك  الديكتاتورية المتشبة بالديمقراطية و وقفوا ضد العودة للملكية تحت ستار الجمهورية الديمقراطية و ظلوا يحاربون وحدهم دولة أمن الدولة حتي كبروا رويدًا رويدًا و أسقطوا دولة مبارك بسلمية ثم انقسموا و ثار جزء منهم ضد ما اّمنوا أنه بذرة الدولة الدينية الفاشية ، و وقف بعضهم الاّخر ضد ما رأوه ردة للدولة العسكرية القمعية.
             و في كل الأوقات كانت الجامعة هي الحلبة الأولي للقتال لأجل ما اّمنوا أنه الحرية و العدالة . كانت دائمًا أرضهم الأولي ، أرض أحلامهم الأولي ، الأرض التي يبدأ حلمهم فيها صغيرًا يؤمن به حالمون قليلون ربما يبدون مجانين ، ثم يكبر الحلم و يكثر الحالمون، و يصير حلمًا واحدًا يوحد الكثيرين  ، حلمًا يعكس الحرية و العدالة . الجامعة كانت دائمًا المكان الذي يلتقي فيه الجميع ، اليسار،الوفديون ، الاسلاميون ، الليبراليون ، حتي أنصار الحكم العسكري ، مكان واحد يوحد الأفكار السياسية المتضاربة و يجعلها تصطدم ، ربما أدي هذا الصدام لكثير من الأخطاء ، و لكنه كان دائمًا روح الحراك السياسي الحقيقي في هذا الوطن في كل الأوقات حتي أكثر الأوقات قمعية و خاصة الأوقات السياسية المعقدة العصيبة. لو نظرنا إلي أهم سياسيينا و مثقفينا في مختلف الأجيال سنجد أغلبهم كانوا جزًء من الجامعة و كثيرين جدًا منهم تأثروا و أثروا في حراكها السياسي الطلابي و شاركوا في مظاهراتها في مختلف الأزمان و ضد مختلف صور القمع و الظلم مثل جمال الغيطاني ، و لطيفة الزيات  .
                  إن كان ممكنًا قتل روح الجامعة و تجميد حراكها السياسي ، فسيكون ذلك من أكبر المجازر التي ارتكبت للحرية في هذا الوطن - و إن كنت فعلاً أشك في إمكانية قتل روح الجامعة التي بقت حية متقدة حتي تحت وطئة أشرس النظم القمعية في تاريخ هذا الوطن-. و لكني أظن أن هناك الاّن محاولة لفعل ذلك ، محاولة لتجميد الحراك السياسي داخل الجامعة .
                  قانون منح الضبطية القضائية لأمن الجامعات يبدو ردة لعصر "حرس الجامعة" ، و لا أظننا نسينا بسرعة ذلك  العصر. إنه يعطي سلطة لحرس مدني ليلقي القبض علي طلاب الجامعة. إنه -سواء كان هذا هو المقصود منه أم لا- يعد فزاعة تخيف الطلاب من التظاهر و الاحتجاج علي أي قرارٍ جامعي أو سياسي لا يؤمنون به. إنه يعطي بعدًا عسكريًا للجامعة و أمنها المدني ، لا يجعلها مكانًا مدنيًا لطلب العلم و الامتزاج الطبيعي بين كل الأطياف الاجتماعية و السياسية داخل المجتمع. إنه يقيد داخلها شعور الطلاب بالحرية المدنية ، حرية الرأي ، الحوار ، التظاهر السلمي لأغراض أكاديمية أو سياسية.
                 هناك من عارضوا القرار(1) و جادلوا ضده و قالوا أن الجامعة لا تحتاج أمنيًا لمثل هذا القرار ؛لأنها تستطيع استدعاء الشرطة أو النيابة في حالة تعرضها للخطر بسبب الشغب ، و أنا أؤيد هذا الرأي ، و أؤمن حقًا أن وظيفة أمن الجامعة ليست هي ذاتها وظيفة الشرطة و أن إعطاء أمن الجامعة صلاحيات تساويهم بالشرطة لا تجعلهم أبدًا أمنًَا مدنيًا طبيعيًا.
                  لماذا نحن ضد وجود أمن شرطي للجامعة ؛لأن الجامعة ببساطة مكان مدني ، مكان يحتاج للروح المدنية فيه ، الروح الحرة ، لا يحتاج أبدًا للحصار الأمني ، هذا الحصار يفقد الجامعة طبيعتها المدنية الحرة . جعل أمن الجامعة أصحاب سلطة قانونية شرطية كالضبطية القضائية يشبه الوجود الأمني الشرطي و هو بذلك يسلب الجامعة روحها المدنية الحرة.
                   إن استخدم هذا القانون ضد المتظاهرين السلمين داخل الجامعة الذين يهتفون ضد أي نظام إداري أو سياسي بدون اللجوء إلي أي عنف سيكون ذلك ردة حقيقية من الداخل ضد الحرية ؛لأن الجامعة -كما أوضحت سابقًا - هي ميدان رئيسي يدفع الحراك السياسي داخل الوطن ، و قمع الحرية داخلها هو خطوة أساسية قوية لقمع الحرية عامة في هذا الوطن، قمع قوي يبدأ من المعقل.
               هذا القانون خطوة أولي لتقييد الحرية و تجميد الحراك الطلابي السياسي داخل الجامعة ، و لا يمكن أبدًا القبول و الصمت علي ذلك ، إن كنا نريد دولة حرة ديمقراطية مدنية ، فالجامعات من أؤائل الميادين التي ترسي فيها هذه القيم ، قيم الحرية و الديمقراطية و التعدد و الحوار و المدنية . و هذا القانون يهدد هذه القيم إن لم يكن يتعارض معها بل يصطدم بها.

مصدر:
1) http://new.elfagr.org/Detail.aspx?nwsId=420393&secid=61&vid=2

هناك تعليقان (2):

  1. قرأت اليوم علي الفيس بوك خبر منقول من جريدة الشروق يقول أن الضبطية القضائية لن تطبق علي الطلاب وحدهم بل ستشمل الأساتذة أيضًا . هذا جدال لا يعني أبدًا أن الضبطية القضائية صائبة ؛لأن هذا منطق فاسد ، منطق أن تطبيق قرار معين علي الجميع يجعله قرارًا صائبًا ، و هذا ليس منطقيًا ،فيمكن أن يطبق قرار خاطيء علي الجميع ، و يدفع الجميع ثمنه . و هذا ما سوف يحدث ، فالقمع الذي قد ينتج عن تطبيق هذا القرار سيدفع ثمنه الطلاب و الأساتذة معًا . بمعني اّخر خضوع الأساتذة للضبطية القضائية لا يجعل الضبطية القضائية صوابًا و لا يذهب بشبهة القمع التي تعلق بها ، بل إنه يزيل حصرية القمع للطلاب ، و يرفع شعار " القمع للجميع".

    ردحذف
  2. http://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=12092013&id=4e2674dc-3fc9-483f-9675-0a1b7a59e594

    ردحذف