الجمعة، 25 أكتوبر 2013

العامود الجديد في بناء دولة القمع

          ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
ملحوظة: " مصدر النص الكامل لقانون التظاهر هو بوابة الشروق).

  مرحبًا بنا مجددًا ، و دائمًا في دولة القمع. مرحبًا بنا في دولة عرفت كيف توطد دعائمها بالتأييد الجماهيري الأعمي ، بالكاريزما السيسية ، بالفزاعة الإرهابية ، بالقوة العسكرية، و أخيرًا بالقوانين المفصلة علي مقاسها ، مقاس يحصنها ، يضمن إنغراس أوتادها بحيث يحال اجتثاثها .
          قانون الضبطية القضائية لم يكن سوي خطوة أولي ، ربما تجربة لمدي لياقة ترزية القوانين بعد فترة طويلة من الراحة ، و الاّن جاءت المبارة الحقيقية الأولي لهم ، "قانون التظاهر" .
          هذه ليست المحاولة الأولي لطرح قانون للتظاهر قمعي ، فقد كانت هناك محاولة سابقة (أقل جرأة) في عصر مرسي و فشلت فشلاً ساحقًا ، و لم تستحق حتي أن يسلط عليها ضوء ساطع. هذه المحاولة أشرس ، أبجح كثيرًا ، صادمة يصعب تخيلها في أي نظام مر بعد الإطاحة بمبارك ،  فهي محاولة لا يجسر عليها إلا نظام مستبد مغتر بضعف و قلة المتصدين له.
           الأسلوب حتي الاّن يعتبر منحازًا ؛ لذلك يجب تحليل القانون لدفع تهمة الانحياز ، و إثبات حقيقة قمعية و بجاحة هذا القانون في اعتدائه علي الحرية ، و تحصينه للطغيان.
  
   أولاً: القانون يكرس لمفهوم التعامل الأمني:
           من أركان الغباء التي تميز النظم السياسية القمعية ( و خاصة المحافظة و الديكتاتورية) ، التعامل الأمني مع المعارضة السياسية ، و استخدام ما يعرف ب( الحل الأمني) بدلاً من ما يعرف ب (الحل السياسي). نادرًا جدًا ما تلجأ الدول القمعية لحلولٍ سياسية ، بل تضع الحلول الأمنية في الواجهة ، و لا تفيق لضرورة الحل السياسي إلا بعد فوات الأوان. هذا القانون يعتبر من القوانين التي تضع الحل الأمني في المقدمة بل و المؤخرة .
          التظاهر و الاعتصام و الاضراب ، و غيرها من صور التعبير السلمي عن الرأي تستهدف غالبًا أهدافًا سياسية يرتبط بها استمرار أو انتهاء الاحتجاج. في الدول الديمقراطية ، حرية الأفراد و حقهم في اختيار القرارات السياسية بالدولة يقتضيان الاستجابة للمطالب أو علي الأقل وضعها علي الأجندة السياسية . أما في الدول القمعية الديكتاتورية ، فلا مكان لحرية الافراد أو حقهم في تشكيل القرار السياسي ، و لذلك يتم التعامل معهم إما بالإهمال ( إن كان تأثيرهم هامشي) أو بالحل الأمني الغشيم.
         أشار سيد المصري رئيس حزب الدستور إلي أن هذا القانون يعطي الشرطة مسؤولية إيجاد حلول لأسباب التظاهر ، هذه وظيفة للشرطة لم يسبق لها مثيل( بوابة الأهرام).
        الدلائل علي أن هذا القانون يكرس لفكرة التعامل الأمني كثيرة ، أولها أنه يلزم المتظاهرين بإخطار الشرطة لا بموعد المظاهرة أو خط مسيرها فقط للتأمين ، ولكنه يلزمهم أيضًا بتوفير معلومات عن موضوع المظاهرة و مطالبها و أسماء المشاركين فيها و من ينظمها و كيفية التواصل معهم (طبقًا للمادة السادسة). بغض النظر أن هذه اللائحة من البيانات تعيد إلي الأذهان عصر أمن الدولة ، حيث تتم مراقبة كل نشاط سياسي و أعضائه و المسؤولين عنه ( و هو ما يعارض فكرة الحرية)، إلا أنه أيضًا يعطي الشرطة دورًا خارج نطاق اختصاصها ( الأمن) بحيث يحق لها أن تحصل علي معلومات ذات طابع سياسي بالأساس. و ما يؤكد سوء النية ، هو المادة التي تليها (السابعة) التي تفعل ما أشار إليه المصري. المادة السابعة تجعل وزير الداخلية أو من ينوب عنه وسيطًا سياسيًا ، فهو مسؤول عن إخطار الجهة التي تقوم المظاهرة ضدها بمطالب المتظاهرين لتتواصل معهم و تلبية مطالبهم. هذا الدور ليس مجرد دور جديد و غريب كما يصفه المصري ، لكنه قبل ذلك دور سياسي . في أي دولة غير بوليسية أو عسكرية يختص وزير الداخلية بدور الوسيط بين المتظاهرين و من يتم التظاهر ضدهم ؟ الوساطة دور سياسي بالدرجة الأولي ، و منحه للداخلية لا يعني أي شيء سوي تسيسها ،و التقدم خطوة في طريق الدولة البوليسية.
           لزيادة تأكيد فساد النية ، و المضي قدمًا علي صراط دولة القمع تأتي المادة العاشرة لتمنح الحق للشرطة في إخلاء المظاهرات ، و الحق للمتظاهرين بالتظلم لدي قاضي الأمور الوقتية لإلغاء قرار وزير الداخلية. رغم أن قانون التظاهر السابق لأحمد مكي وصف بالقمعية إلا أنه كان أرحم من هذا ، حيث كان يلزم الداخلية لا المتظاهرين باللجوء إلي قاضي الأمور الوقتية لإلغاء المظاهرة (بوابة الشروق).  هذه المادة تعطي الشرطة حق إلغاء المظاهرات طبقًا لتقديرها ، و أصلاُ هذا ليس حق أي مستبد ، ليس من حق أحد أن يسلب الأفراد حريتهم في التظاهر كأسلوب للتعبير عن رأيهم طبقًا لتقديره ، و إن قبلنا حتي هذه الفكرة الطاغية من حيث المبدأ ، فلن يكون ذلك الحق للداخلية  من حيث التنفيذ.
        ثانيًا: القانون يكرس للقمع البوليسي:
       المادة العاشرة تقول أن حق إلغاء المظاهرات يكون في حالة امتلاك الشرطة معلومات كافية و أدلة حول الإخلال بالأمن أو النظام العام ، أوتعطيل مصالح المواطنين أو تعريضهم للخطر أو تجاوز الوقت المخصص للتظاهر . بغض النظر عن المساواة بين تجاوز الوقت المخصص للتظاهر و كل النقاط السابقة التي تندرج تحت (البلطجة) ،إلا أن هناك كارثة أخري بهذه المادة فهي تعطي لمدير الأمن الحق في طلب ندب من يراه قاضي الأمور الوقتية لإثبات الجريمة. قد يبدو هذا النص عاديًا بل ضمانًا لعدم استغلال القانون ، لكنه ليس كذلك ، فلمدير الأمن الحق في طلب إثبات الواقعة ، ولكن لا يوجد ما يلزمه بذلك. بمعني أخر إن أراد مدير الأمن إلغاء المظاهرة و تحجج بوقوع جرائم لم تحدث هو حر في أن لا يثبت حدوثها إلا إن وجد نفسه مضطرًا نتيجة لتظلم المتظاهرين.
                و عندما يقرر مدير الأمن الفض فيحق له أن يلجأ (طبقًا للمادة الثانية عشرة) إلي الإنذار ،ثم المياه ، ثم الغازات المسيلة للدموع ، ثم الهروات ، و لا يلجأ للسلاح إلا فيما وصف ب" حالات الدفاع الشرعي عن النفس و المال و طبقًا للقواعد المنصوص عليها في قانون الشرطة ، أو بناء علي أمر قاضي الأمور الوقتية" . مجددًا قد تبدو المادة وردية و تحقن الدماء ، و لكنها ليست كذلك ، فما الذي يميز بين تعريض المواطنين للخطر و حالات الدفاع الشرعي عن النفس و المال ؟ ما الذي يحدد طبيعة الجرائم التي تواجه بالهروات و تلك التي تواجه بالسلاح الناري ؟ كما أن النص –كما ذكر سابقًا- يساوي بين تعريض المواطنين للخطر  و استمرار المظاهرات بعد الأوقات المخصصة لها ، مما يعني أن المعتصم يساوي البلطجي ، و يحق ضربه بالهروات .
        ثالثًا : من القمع إلي تحصين الطغيان :
                هذا يقودنا لأخطر بنود هذا القانون "منع الاعتصام" ، هذا البند مذكور في المادة التاسعة التي تمنع الاعتصام بتاتًا ، و المادة الخامسة عشرة التي لا تكتفي بتحديد أماكن و أعداد معينة للتظاهر غير المخطر عنه ، بل تمنع الاعتصام داخل هذه الاماكن. بمعني أخر لا يوجد ركن واحد في هذا الوطن يحق فيه لمواطنيه الاعتصام كأسلوب للاحتجاج السلمي بل و يعاقب المنظمين للاعتصام بغرامة بين ألف و خمسة اّلاف جنيه . لو كانت مباديء هذا القانون صحيحة ، فكل الملايين التي اعتصمت في 25 يناير أو أثناء حكم المجلس الأعلي للقوات المسلحة أو حكم مرسي أو في 30 يوينو و التي أتت بالنظام الحالي مجرمة و تستحق العقاب .
              هذا القانون يحصن الطغيان ، يمنع كل صور التهديد التي قد تزلزل الكراسي المتسلطة. هذا القانون يمنع أي صورة من صور الضغط السلمي الفعال علي السلطة ، فهو يجعل التعبير عن الرأي بالتظاهر مجرد واجهة أنيقة خادعة عن ديمقرطية و حرية الدولة. التظاهر ممنوع بدون إخطار إلا في الأماكن المخصصة لها و التي يختارها المحافظ و يحدد عدد من يسمح لهم بالتواجد فيها. بمعني أخر التظاهرات المليونية بل ربما الألفية ممنوعة تمامًا بدون إخطار. التظاهر بإخطار أيضًا ممنوع فيه الاقتراب من المجالس التشريعية و مجالس الوزراء و المحافظات (التي ترمز للسلطة) بأكثر من 50 إلي 100 متر ( طبقًا للمادة الرابعة عشرة) ،و هو محدد بفترة زمنية معينة و يمنع الاعتصام نهائيًا ، و في حال " تعطيل مصالح المواطنين" فيجوز فض المظاهرة. بمعني أخر ورقات الضغط التي استخدمت ضد مبارك للتنحي ، و ضد المجلس الأعلي للقوات المسلحة لإصدار خارطة واضحة للطريق ، و ضد مرسي لإيقافه من مشوار ما وصف في حلقة باسم يوسف ب"توحيد السلطات" ، ثم لخلع مرسي ممنوعة جزريًا بل جرائم يجوز التعامل معها بالفض العنيف الذي يصل للغزات المسيلة للدموع و الهروات و اعتبار المنظمين لها مجرمين تجوز محاكمتهم و تغريمهم.
               عندما يتم تحويل وسائل الضغط السلمي من التظاهر و الاعتصام السلميين إلي جرائم يعاقب عليها القانون ، فهذا يعد وسيلة مفضوحة لخنق المعارضة الساخطة علي الطغيان داخل ثوب ضيق محبوك فصله ترزية القوانين. إنها بناء صلب لقلاع الدولة القمعية الديكتاتورية.

             هذا القانون عامود أساسي وضعه بناء بجح في بناء دولة القمع .


 روابط مصادر:

السبت، 19 أكتوبر 2013

عيدي هذا العام

      عيدي هذا العام كان أفضل من العام الماضي كثيرًا ، هذا العام علي الأقل زرنا خالتي و رأيت غادة و وحيد أول يوم ، صحيح أنني كالعادة مغتاظة  جدًا من خالتي أوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووف! لكنني علي  الأقل شعرت أن لدي عائلة. أماني تقول لي أنها و عائلتها يجتمعون كل عيد ، و لكن عائلتي صارت بعيدة جدًا جدًا و لم تبقَ سوي خالتي المستفزة ،أوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووف! مرنا تقول لي أن أغلب عائلتها هاجرت ، وتركت زرعتي و لم تعد مرنا تحتفل بالأعياد إلا مع جدتها العجوز الوحيدة .
         أية كذلك تقول أن عائلتها صارت أبعد ، و لكنهم يصرون علي اللقاء كل عيد ؛لأن هذه صلة رحم ، و صلة الرحم فرض في الدين. أنا كنت أريد أن تكون عائلتي أقرب و أكبر ، لنحتفل أكثر كل عام معًا ، كنا سنكون أكثر سعادة و دفئًا و ستفرح بنا زرعتي و نحن نحتفل في الحدائق ، و لكن لا نقطع الزهور أو نفسد جمال حدائق زرعتي.
         لكن رغم ذلك أنا سعيدة، فقد أمضيت العيد هذا العام مع وحيد و غادة و خالتي المستفزة!
     ماما و خالتي طبختا أكلاً لذيذًا ، كشك و فتة و مسقعة و لحم ومحشي . خالتي سألتني عن رأيي في المحشي فقلت لها أن محشي استاذة بسمة أفضل ،خالتي غضبت جدًا و ماما كالعادة نظرت لي ، ولكنني لم أهتم ، محشي استاذة بسمة ألذ كثيرًا طبعًا .ليتني استطيع أن اّكل مع استاذة بسمة في العيد !
       ماما أعطتني عيدية (هيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييه!) لكن بابا و خالتي سخرا منها و قالا أنه عيد لحمة ،أووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووف!
     خالتي سخرت مني و من ماما مرة أخري عندما رأتني في ثوبي الجديد الوردي ، و قالت ككل عام أنني كبرت علي شراء الملابس في العيد و أعادت كلامها المستفز أنه عيد لحمة ! (حشرية!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!)
                   خالتي مستفزة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
         وحيد لم يكن مستفزًا كالعادة و لم يقل أي شيء عن زرعتي يغضبني ،و غادة كانت لطيفة جدًا كعادتها.  غادة قالت لي أنها قررت أن تعمل عندما تكبر طبيبة بيطرية لكي تعالج الحيوانات المسكينة (غادة رقيقة جدًا و تحب دائمًا أن تلعب مع القطط و الكلاب، طبعًا بدون علم خالتي) . غادة أخبرتني أن خالتي جعلتها تري الخروف و هو مذبوح و أنها حزينة جدًا لذلك ( خالتي ليست مستفزة فقط و لكنها عديمة القلب أيضًا أووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووف!)
        غادة قالت أنها لم تخبر خالتي بحلمها هذا ؛لأنها طبعًا ستسخر منها (مستفزة ، مسفزة ، مستفزة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!) و لكنها أخبرت وحيد و قال لها أن الطب ليس مربحًا كما يقول الناس ، و أنها إن أصرت أن تصير طبيبة ، فمن الغباء أن تصير طبيبة بيطيرية ؛لأن هذا العمل لا يربح أحدًا، و ستري كل يوم الفلاحين داخلين عليها بالمواشي ! وحيد ، لا فائدة منه أبدًا يجب أن ينشر اليأس بأي طريقة!
         قلت لغادة أنها لا يجب أن تهتم أبدًا بكلام وحيد أو خالتي ؛لأن هذا حلمها و يجب أن تمضي خلفه حتي النهاية مهما نظر لها من حولها . لوفي يعلم أن هناك من يسخرون من حلمه أن يصير زعيم القراصنة ، و لكنه يمضي خلف حلمه ؛لأن ذلك ما يحب أن يفعله و يؤمن به. زرعتي تحتاج إلي حلم غادة ، زرعتي تحزن علي ما يحدث للحيوانات المسكينة فيها ، و تحتاج لمن يساعدها ، حلم غادة ليس أبدًا عديم الفائدة كما تظن خالتي أو وحيد . لا يوجد حلم عديم الفائدة كل الأحلام تروي زرعتي ، كل الأحلام تجعلها تنمو و تكبر و تزدهر. كل الأحلام تحبها زرعتي.
          غادة لم تأكل اللحم رغم إصرار خالتي و قالت لي أنها لا تستطيع أن تأكل لحم الخروف الذي رأته مذبوحًا. غادة رقيقة جدًا و خالتي مفترية . أحيانًا أفكر ، غادة ربما تكون علي حق ، الخروف المذبوح المسكين مؤكد لديه أولاد أو أم حزينين عليه الاّن ،  لذلك لم اّكل أنا أيضًا اللحم.
       بعد الغداء ماما جلست تتحدث مع خالتي و بابا جلس يتحدث مع زوج خالتي ، و جلست أنا مع غادة و وحيد نلعب معًا. غادة لم تكن تريد أن تلعب بالكرة و لكنها لعبت معي أنا و وحيد ، و بعد قليل جاءت خالتي لتصيح فينا نحن الثلاثة ؛لأنني و غادة فتاتين لا يجب أن نلعب الكرة و لأن وحيد فتي كبير علي اللعب . هذه المرة كدت أنفجر في خالتي و أقول لها أن لا فرق بيني و بين الفتيان ،(مستفزة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!) لكن ماما أسرعت و جرتني قبل أن أنفجر و قالت لخالتي أننا تأخرنا و سنعود للمنزل ، و أخذتني و أبي و ذهبنا.

         في المرة القادمة سأصيح بخالتي ،إنها حقًا لا تحتمل. أنا مغتاظة ! مغتاظة ! مغتاظة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!






الجمعة، 4 أكتوبر 2013

أحلامي

          سأكتب عن أحلامي.أحلامي التي أؤمن بها ، التي أحبها ،التي أحيا أمضي و أقاتل في طريقها.جزء من أن أقول من أنا أن أقول ما أحلامي.إني أحلم أن أصير ذات يوم أديبة من أفضل أدباء العالم ،و أن أصنع رسومًا متحركة بمصر بمستوي اليابان، رسوم متحركة كالتي ربتني و لكن بروح مصرية من تراثنا تحترم و تأسر قلوب و عقول الأطفال ؛لأسير ذات يوم في الشارع فأري أطفالاً يتحدثون عن أبطالي كأبطالهم و يلعبون بألعاب تشبه أبطالي.
            أحلامي واسعة و كبيرة يصعب امساكها.لا أعرف كيف سأصير مقرؤة من جمهورٍ عريض ،لا أعرف كيف سانتشر بقوانين دور النشر المادية القمعية،لا أعرف كيف أجد من يتحمس لكاتبة ليست مشهورة، لا أعرف من سأجد يتحمس لإنتاج رسوم متحركة تحترم عقلية الأطفال بالنهج الياباني في مصر ،و لكني أعرف سبيلي لأكتب أفضل ، سبيلي الذي سرت عليه مذ كنت في العاشرة من عمري. أعرف أن أكتب بلا توقف ، أعرف أن أقرأ كمية لا يقرأوها أحد، أعرف أن أحلل و أنقد كل عمل أراه في أي مجال. أعرف أن أتابع كل الأعمال السينمائية و الكارتونية و الدرامية و الروائية الواعدة و مرتفعة المستوي التي أصل إليها و أعرف أن عليَ أن أدرس كتابةً و تحليلاً أكثر مما درست.كل هذا أعرفه و أفعله إلي حدٍ كبير ؛لأنني أعمل لأحقق أحلامي ،لأنني أؤمن بأحلامي.
             أحلامي ليست أمنيات عابرة بالنسبة إليَ ،ليست تطلعات إن لم أصل إليها أحزن و أبكي ،أحلامي هويتي و إيماني ، أحلامي هي الأهداف الواضحة لحياتي.لن أتنازل عنها –بإذن الله- ، لن أضعف و أتركها ، لن ألقيها وراء ظهري ، لن يأتي يوم و أبكي أطلالها. أولئك الذين يتنازلون عن أحلامهم لديهم دائمًا غايات  أخري أهم ، مال ، شهرة ، عائلة ،أمان .أو من ناحية أخري يخافون الفشل ،ييأسون بسرعة ،و يستيسرون الاستسلام للظروف.و لكني لا أريد شيئًا أهم من أحلامي ، لا اريد عائلة ، مالاً أو شهرة إن لم يتوازوا مع أحلامي ، لا أريد أن أضعف أو أن أسقط ،لا أريد أن أكون نذلة متكاسلة ترمي أحلامها عندما تجد الطريق إليها طويلة مليئة بالعثرات و الأفخاخ و الوحوش ، إن فعلت ذلك ساحتقر نفسي ما حييت ، إن سقطت و لم أقم ،سأبقي أبدًا أندم –إن قويت علي الندم-،و أبكي أطلال أحلامي و ربما ازدري نفسي ،كلها نظرت إليها.
              أحلامي الشيء الذي أحمله منذ طفولتي ، الشيء الذي سيستمر معي طالما لم أيأس و لم أتخلي عنه بنذالة أو ضعف.أحلامي حقيقة أراها ،لا أكذب و أقول أني لا أقلق عليها في لحظات ،و لكني أبدًا أحيا و أصب كل ما أفعله و أراه في حياتي لها.أنا أقابل الناس في كل مكان ، من كل الطبقات و الشخصيات و الأفكار و المعتقدات لأجل الكتابة ،لأجل أحلامي.أنا عندما أقرأ ، و أشاهد ،و أحلل ، و أنقد كل شيء و أي شيء يكون من أجل الكتابة ، من أجل أحلامي.
               هذا الإيمان بأحلامي ، ليس وليد رغبتي فقط في الوصول إليها ، ليس منبعه نجاحي النسبي ،و لكنه نابع من كوني تربيت  معها ،مع الكتابة.أول شيء نشر لي كان مقالاً (نصف عمود صحفي) في بلبل عن الانتفاضة الفلسطينية الثانية و أنا في الثامنة . أول كتبٍ أقرأوها كانت سلسلة ( المغامرون الخمسة) ، و أول مجموعة قصصية ،تعد بداية كتابتي المنتظمة بدون توقف كانت و أنا في العاشرة. مدرستي و مدرسيَ الرائعين الذين أدين لهم بالكثير شجعوني ، و لكن ما دفعني حقًا للكتابة كان الرسوم المتحركة اليابانية المدبلجة التي أثرت فيَ و في وجداني و إيماني بالتضحية و الصداقة و الأحلام و أهمها كان (أبطال الديجيتال)،هم جعلوني أمسك بقلمي و أكتب و أؤمن بأحلامي إيمانًا طفوليًا جدًا و صافٍ و بريء.و بدأت أكتب و أسير نحو أحلامي ،و أمي في هذه الفترة مابين الثانية عشرة و السادسة عشرة ساعدتني كثيرًا،بحثت لي عن مسابقات اشترك و أفوز بها ، عن أدباء يتبونني (لم يساعدني أحد منهم) ، عن إعلام يلقي الضوء عليَ، عن دور نشر تقبل النشر لي (لم ينشر لي أحد) ، و أخيرًا نشرت لي كتابي الأول من أموالي أنا.بعد هذه الفترة و أنا في السادسة عشرة. بدأت أيأس، أسقط ، أتنازل عن أحلامي ،بعدما رأيت حقيقة الطريق إليها ، حقيقة ما يقف بيني و بينها ، و بدأت السماء تغيم فوقي و أبكي طويلاً جدًا و جاءتني لحظة أظنني شككت فيها تقريبًا في أحلامي ، أو ربما مجرد لم أعد أؤمن بها حقًا ، و إن لم أترك قلمي.و في هذه اللحظة ،ظهرت في حياتي شخصية جديدة ،شخصية أعادت إلي هذه المرة إيمانًا حقيقيًا يقينيًا لا يهتز بأحلامي ،شخصية علمتني معني الإصرار و التصميم ،و عدم التوقف حتي بلوغ الأحلام ، شخصية أرتني الحلم يقينًا واضحًا أمامنا و طريقة مهما كان عسيرًا و غير ممهدٍ مستقيمًا.تلك الشخصية كانت كرتونية من رسوم متحركة يابانية شهيرة تسمي (لوفي) ، و لكن صدقت (لوفي) ،فهو قيم ربما لا تكون سائدة و موجودة مثله تمامًا و لكنها حقيقية جدًا ،حقيقية أكثر من الواقع الذي نعيشه. 
                       لقد جعلني (لوفي) أعود من جديد بإيمان صادق لا يتزعزع بالأحلام ، و غدا كاتبه مثلي الأعلي في الكتابة ؛لأنه يرسم و يكتب بالأساس للمراهقين و الأطفال و الشباب مجلات مصورة (مانجا) ، يوجه فيها قيمًا حقيقية مثالية ، و يناقش فيها المبادئ من منظورات عدة بحيادية تامة من خلال شخصيات مختلفة متصارعة تحمل أبعادًا كثيرة للمبادئ المتصادمة، و يناقش أيضًا فيها بأسلوب خيالي مثير جدًا قضايا سياسية و اجتماعية مثل ( العنصرية ) و (الطائفية ) و (رفض الاّخر) و (العبودية) و (الانتماء للوطن) و (التطرف والإرهاب) و ( النظم الديكتاتورية القمعية التي تزيف الوعي و تخفي الحقائق) و ( الحكام الفاسدين) و (الانقلاب علي حكومات القهر و الفساد) و (سرقة الحكومات للشعوب الفقيرة لتصير هي أثري و هم أفقر) و ( كتابة التاريخ الحقيقية) و ( التمسك بالأحلام ) و (هيبة الدولة) و(البحث عن الحرية) بعمق يعجز عنه أكبر و أشهر المفكريين السياسيين و الاجتماعيين، و كل هذا في مجلات مصورة و رسوم متحركة مثيرة و خيالية !
               و لذلك بت أحلم أن أصل لمستوي (إيشيروا أودا) هذا الكاتب.بت أود أن أكتب هكذا بهذا العمق عن هذه المواضيع و غيرها السياسية والاجتماعية و بهذه الجاذبية و الإبداع التعجيزي.حينما أصل إليه أظنني سأصير فعلاً من أكبر أدباء العالم ، و لكن بهويتي أنا و روحي أنا .
                 إنها أحلامي و لن أتخلي عنها .إنها أحلامي و سأصل إليها –بإذن الله-