الجمعة، 4 أكتوبر 2013

أحلامي

          سأكتب عن أحلامي.أحلامي التي أؤمن بها ، التي أحبها ،التي أحيا أمضي و أقاتل في طريقها.جزء من أن أقول من أنا أن أقول ما أحلامي.إني أحلم أن أصير ذات يوم أديبة من أفضل أدباء العالم ،و أن أصنع رسومًا متحركة بمصر بمستوي اليابان، رسوم متحركة كالتي ربتني و لكن بروح مصرية من تراثنا تحترم و تأسر قلوب و عقول الأطفال ؛لأسير ذات يوم في الشارع فأري أطفالاً يتحدثون عن أبطالي كأبطالهم و يلعبون بألعاب تشبه أبطالي.
            أحلامي واسعة و كبيرة يصعب امساكها.لا أعرف كيف سأصير مقرؤة من جمهورٍ عريض ،لا أعرف كيف سانتشر بقوانين دور النشر المادية القمعية،لا أعرف كيف أجد من يتحمس لكاتبة ليست مشهورة، لا أعرف من سأجد يتحمس لإنتاج رسوم متحركة تحترم عقلية الأطفال بالنهج الياباني في مصر ،و لكني أعرف سبيلي لأكتب أفضل ، سبيلي الذي سرت عليه مذ كنت في العاشرة من عمري. أعرف أن أكتب بلا توقف ، أعرف أن أقرأ كمية لا يقرأوها أحد، أعرف أن أحلل و أنقد كل عمل أراه في أي مجال. أعرف أن أتابع كل الأعمال السينمائية و الكارتونية و الدرامية و الروائية الواعدة و مرتفعة المستوي التي أصل إليها و أعرف أن عليَ أن أدرس كتابةً و تحليلاً أكثر مما درست.كل هذا أعرفه و أفعله إلي حدٍ كبير ؛لأنني أعمل لأحقق أحلامي ،لأنني أؤمن بأحلامي.
             أحلامي ليست أمنيات عابرة بالنسبة إليَ ،ليست تطلعات إن لم أصل إليها أحزن و أبكي ،أحلامي هويتي و إيماني ، أحلامي هي الأهداف الواضحة لحياتي.لن أتنازل عنها –بإذن الله- ، لن أضعف و أتركها ، لن ألقيها وراء ظهري ، لن يأتي يوم و أبكي أطلالها. أولئك الذين يتنازلون عن أحلامهم لديهم دائمًا غايات  أخري أهم ، مال ، شهرة ، عائلة ،أمان .أو من ناحية أخري يخافون الفشل ،ييأسون بسرعة ،و يستيسرون الاستسلام للظروف.و لكني لا أريد شيئًا أهم من أحلامي ، لا اريد عائلة ، مالاً أو شهرة إن لم يتوازوا مع أحلامي ، لا أريد أن أضعف أو أن أسقط ،لا أريد أن أكون نذلة متكاسلة ترمي أحلامها عندما تجد الطريق إليها طويلة مليئة بالعثرات و الأفخاخ و الوحوش ، إن فعلت ذلك ساحتقر نفسي ما حييت ، إن سقطت و لم أقم ،سأبقي أبدًا أندم –إن قويت علي الندم-،و أبكي أطلال أحلامي و ربما ازدري نفسي ،كلها نظرت إليها.
              أحلامي الشيء الذي أحمله منذ طفولتي ، الشيء الذي سيستمر معي طالما لم أيأس و لم أتخلي عنه بنذالة أو ضعف.أحلامي حقيقة أراها ،لا أكذب و أقول أني لا أقلق عليها في لحظات ،و لكني أبدًا أحيا و أصب كل ما أفعله و أراه في حياتي لها.أنا أقابل الناس في كل مكان ، من كل الطبقات و الشخصيات و الأفكار و المعتقدات لأجل الكتابة ،لأجل أحلامي.أنا عندما أقرأ ، و أشاهد ،و أحلل ، و أنقد كل شيء و أي شيء يكون من أجل الكتابة ، من أجل أحلامي.
               هذا الإيمان بأحلامي ، ليس وليد رغبتي فقط في الوصول إليها ، ليس منبعه نجاحي النسبي ،و لكنه نابع من كوني تربيت  معها ،مع الكتابة.أول شيء نشر لي كان مقالاً (نصف عمود صحفي) في بلبل عن الانتفاضة الفلسطينية الثانية و أنا في الثامنة . أول كتبٍ أقرأوها كانت سلسلة ( المغامرون الخمسة) ، و أول مجموعة قصصية ،تعد بداية كتابتي المنتظمة بدون توقف كانت و أنا في العاشرة. مدرستي و مدرسيَ الرائعين الذين أدين لهم بالكثير شجعوني ، و لكن ما دفعني حقًا للكتابة كان الرسوم المتحركة اليابانية المدبلجة التي أثرت فيَ و في وجداني و إيماني بالتضحية و الصداقة و الأحلام و أهمها كان (أبطال الديجيتال)،هم جعلوني أمسك بقلمي و أكتب و أؤمن بأحلامي إيمانًا طفوليًا جدًا و صافٍ و بريء.و بدأت أكتب و أسير نحو أحلامي ،و أمي في هذه الفترة مابين الثانية عشرة و السادسة عشرة ساعدتني كثيرًا،بحثت لي عن مسابقات اشترك و أفوز بها ، عن أدباء يتبونني (لم يساعدني أحد منهم) ، عن إعلام يلقي الضوء عليَ، عن دور نشر تقبل النشر لي (لم ينشر لي أحد) ، و أخيرًا نشرت لي كتابي الأول من أموالي أنا.بعد هذه الفترة و أنا في السادسة عشرة. بدأت أيأس، أسقط ، أتنازل عن أحلامي ،بعدما رأيت حقيقة الطريق إليها ، حقيقة ما يقف بيني و بينها ، و بدأت السماء تغيم فوقي و أبكي طويلاً جدًا و جاءتني لحظة أظنني شككت فيها تقريبًا في أحلامي ، أو ربما مجرد لم أعد أؤمن بها حقًا ، و إن لم أترك قلمي.و في هذه اللحظة ،ظهرت في حياتي شخصية جديدة ،شخصية أعادت إلي هذه المرة إيمانًا حقيقيًا يقينيًا لا يهتز بأحلامي ،شخصية علمتني معني الإصرار و التصميم ،و عدم التوقف حتي بلوغ الأحلام ، شخصية أرتني الحلم يقينًا واضحًا أمامنا و طريقة مهما كان عسيرًا و غير ممهدٍ مستقيمًا.تلك الشخصية كانت كرتونية من رسوم متحركة يابانية شهيرة تسمي (لوفي) ، و لكن صدقت (لوفي) ،فهو قيم ربما لا تكون سائدة و موجودة مثله تمامًا و لكنها حقيقية جدًا ،حقيقية أكثر من الواقع الذي نعيشه. 
                       لقد جعلني (لوفي) أعود من جديد بإيمان صادق لا يتزعزع بالأحلام ، و غدا كاتبه مثلي الأعلي في الكتابة ؛لأنه يرسم و يكتب بالأساس للمراهقين و الأطفال و الشباب مجلات مصورة (مانجا) ، يوجه فيها قيمًا حقيقية مثالية ، و يناقش فيها المبادئ من منظورات عدة بحيادية تامة من خلال شخصيات مختلفة متصارعة تحمل أبعادًا كثيرة للمبادئ المتصادمة، و يناقش أيضًا فيها بأسلوب خيالي مثير جدًا قضايا سياسية و اجتماعية مثل ( العنصرية ) و (الطائفية ) و (رفض الاّخر) و (العبودية) و (الانتماء للوطن) و (التطرف والإرهاب) و ( النظم الديكتاتورية القمعية التي تزيف الوعي و تخفي الحقائق) و ( الحكام الفاسدين) و (الانقلاب علي حكومات القهر و الفساد) و (سرقة الحكومات للشعوب الفقيرة لتصير هي أثري و هم أفقر) و ( كتابة التاريخ الحقيقية) و ( التمسك بالأحلام ) و (هيبة الدولة) و(البحث عن الحرية) بعمق يعجز عنه أكبر و أشهر المفكريين السياسيين و الاجتماعيين، و كل هذا في مجلات مصورة و رسوم متحركة مثيرة و خيالية !
               و لذلك بت أحلم أن أصل لمستوي (إيشيروا أودا) هذا الكاتب.بت أود أن أكتب هكذا بهذا العمق عن هذه المواضيع و غيرها السياسية والاجتماعية و بهذه الجاذبية و الإبداع التعجيزي.حينما أصل إليه أظنني سأصير فعلاً من أكبر أدباء العالم ، و لكن بهويتي أنا و روحي أنا .
                 إنها أحلامي و لن أتخلي عنها .إنها أحلامي و سأصل إليها –بإذن الله-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق