الجمعة، 27 ديسمبر 2013

المسرح الروماني (إعدام الإخوان)

( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

ما الذي علي كتابته الاّن ؟
      هل أنعي الحرية ؟
      لن أيأس من الكتابة ،لكني أتألم ، أتألم و أنا أري أمامي الظلم و القهر و القمع ، و الدم. أتألم و أنا كل ما قاتلت لأجله يتهاوي أمام عيني ،أري الدماء تسيل أمامي ،و أراها ستسيل أكثر و أكثر حتي تغرق شوارع بلادي ،أري القمع و الظلم أمامي و لا أعرف كيف أدفعه ، أراه ينقض علي ، علينا ، يحاول أن يخرسني ، يحاول أن يسلبني القدرة علي أن اتنفس. أراه يكاد يحاصرني ، يخنقني ،و أسمع علو التصفيق للقمع، تصفيق يكاد يطرشني ، صوت التصفيق يمنع صوتي أن يبلغ أحدًا. صوتي لا يصل أحدًا،صوت الحرية يضيع وسط صوت التصفيق للقمع.
      الاّن أري من ينطق يكتم ، من ينطق بما يتجاوز الحد يعدم . أري القمع بوجهه الوحشي يبهر الجموع ، تسقط صرعي وحشيته التي تعشقها. أري الجموع أدمنت الوحشية ، عشقتها ،تقبل أقدام الوحش ، تعشق القمع ، تدرك أو لا أنه يومًأ ما سيبتلعها هي ، و لكنها تصفق بحرارة له و هو يلتهم القرابين ، يمضغ بأنيابه الحادة عظام كل من أطلق صوتًا غير التصفيق. و التصفيق بحب ! بعشق للوحش لا بخوف ! التصفيق للقمع الوحشي بالحب ، للدم بالعشق !
         الاّن يحكم القمع علي كل من يقول فكرته بالقتل . يحاكم الصوت بالدم . الصوت جريمة ، و القمع فضيلة ، و القامع الوحشي بطل يحمي الوطن ،يحمي الدماء بالدماء .
         صمتت أو صفقت الجماهير لقتل كل من يهتف /تهتف باسم الإخوان ، صفقت الجماهير لدمائهم  ، قررت أن قتلهم حلال في دين الوطن ، قتلهم علي صوتهم هو العدل ، هو الحق ، هو حصن للوطن.
         الدم ليس أبدًا حلالاً في دين الوطن ، الدم يجلب الدم ، يزيد البرك ، يغرق الوطن في بحور الدماء ، يجعل الأحمر لون النيل ، يحجب الأزرق ، يبتلعه.
       قتل الإخوان اليوم علي صوتهم ، يعني في الغد قتل غيرهم و غيرهم. قتل المجرم القاتل للعزل من أي فكرٍ كان ربما مباح ، و لكن قتل الصوت ، قتل صاحب الصوت ؛لأنه يهتف لإيمانه بصوته جريمة وحشية تغرق الوطن في الدماء و تزيد القاتل شعبية ، تجعل القتل لغة محل الصوت.
        أولاً : إعدام الإخوان علي هتفاتهم ، لن يضر فكر الإخوان ،لن يفنيه ، الفكر لا ينتهي بالقتل ، الفكر صوابًا أو خطأ يعيش ، و تجدد حياته ، و ينتقل من جيل إلي جيل ، الفكر يحيا ، و لا يهزمه إلا الفكر. قتل الإخوان لن يقتل فكرهم بل سينعشه و يزيد التعاطف معه. فكر الإرهاب ذاته ( سواء كان مرتبطًا بالإخوان أم لا) لا يفني بقتل الإرهابيين ، فكر الإرهاب يجابه بالفكر المتسامح بالحوار . الإرهابي/ة يحاسب/ تحاسب علي جرائمه و لكن فكره يواجه بفكر متسامح . القتل ذاته و تكميم الأفواه ، و خرس صوت الفكر ليس مجرد عاجز عن إفنائه بل هو أيضًا قوة دافعة للفكر أن يتحول من الصوت إلي الدم.
        ثانيًا : مساواة العنف بالصوت ، تزيد من العنف و تفني الصوت. من يهتف/تهتف من الإخوان للفكر الإخواني قرر/ت استخدام الصوت للتعبير عن الفكر ، إن صار الصوت مساويًا للدم ، إن صار الهاتف/ة للفكرة مواجهًا/ةً للإعدام كالقاتل/ة الوحشي/ة الإرهابي/ة تمامًا ، حينها يشجع /تشجع الهاتف/ة لاستخدام العنف. الدم لا يورث إلا الدم . و مواجهة الصوت بالدم ، مساواة الكلمة بالقنبلة تدفع صاحب/ة الكلمة للتحول لصاحب/ة قنبلة. قتل أولئك المؤمنين بالحوار داخل الإخوان يعني إتناج جيلٍ جديد مؤمن تمامًا بالدم و الدم فقط. يعني أن نبقي أسري دائرة الدم الأبدية.         
         ثالثًا: إباحة الدم اليوم ضد صوت الإخوان ،غدًا تعني إباحة الدم ضد معاض/ة اّخر/ي لمجرد أن الفصيل الذي ينتمي/تنتمي إليه بعضه يلجأون للعنف ،بل ربما تعني إباحة دمه/ا لمجرد أن الفصيل متهم بالعنف. القمع ليس أبدًا مقصورًا علي فصيل ،القمع قة وحشية توجه للجميع، القمع كثقب أسود يبتلع الوطن بأكمله ، ليس أبدًا نيزكًا يصيب هدفًا بعينه. القمع الوحشي عندما يصفق له الجمهور المتعطش للدم في مسرحٍ روماني،يري فيه الجمهور الضحية تؤكل أمام عينه من الوحش و هو يتمتع بسادية ،هو قوة مدمرة تكمن في داخل القامع/ة و الجمهور ، هو مدمر لكل ما وجد يومًا في وطن.
        رابعًا : إن كنا أصلاً نريد الحرية أو الديمقرطية ( و هو شيء بدأت أشك بحقيقته) فما نفعله الاّن لم يبنٍ يومًا بلادًا حرة أو ديمقراطية. اختلال أن نظن القمع يخلق حرية ، أن الديكتاتورية تلد ديمقراطية. القمع يلد قمعًا ، و الديكتاتورية لا تصنع إلا ديمقراطية مزيفة (في أحسن الأحوال). و الظلم لا يخرج من رحمه إلا الظلم. كما أن طريق الدم لا ينتهي إلا بالدم.
         إني أبكي أحلامي في الحرية و العدالة و المساواة . إني أبكي وطني . أبكي ؛لأنني أري أننا نختار بأنفسنا القمع ، و الظلم ، و نهلل لهما . و لكني سأحارب حتي لا أيأس ، حتي و إن لم يصل صوتي أحدًا وسط التصفيق ، حتي و إن رأيت القمع و الظلم يلتهمانني بينما يصفق الجمهور المسرح بحرارة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق