( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
ما الذي علي كتابته الاّن ؟
هل أنعي
الحرية ؟
لن أيأس من الكتابة ،لكني أتألم ، أتألم و أنا
أري أمامي الظلم و القهر و القمع ، و الدم. أتألم و أنا كل ما قاتلت لأجله يتهاوي
أمام عيني ،أري الدماء تسيل أمامي ،و أراها ستسيل أكثر و أكثر حتي تغرق شوارع
بلادي ،أري القمع و الظلم أمامي و لا أعرف كيف أدفعه ، أراه ينقض علي ، علينا ،
يحاول أن يخرسني ، يحاول أن يسلبني القدرة علي أن اتنفس. أراه يكاد يحاصرني ،
يخنقني ،و أسمع علو التصفيق للقمع، تصفيق يكاد يطرشني ، صوت التصفيق يمنع صوتي أن
يبلغ أحدًا. صوتي لا يصل أحدًا،صوت الحرية يضيع وسط صوت التصفيق للقمع.
الاّن أري من ينطق يكتم ، من ينطق بما يتجاوز
الحد يعدم . أري القمع بوجهه الوحشي يبهر الجموع ، تسقط صرعي وحشيته التي تعشقها.
أري الجموع أدمنت الوحشية ، عشقتها ،تقبل أقدام الوحش ، تعشق القمع ، تدرك أو لا
أنه يومًأ ما سيبتلعها هي ، و لكنها تصفق بحرارة له و هو يلتهم القرابين ، يمضغ
بأنيابه الحادة عظام كل من أطلق صوتًا غير التصفيق. و التصفيق بحب ! بعشق للوحش لا
بخوف ! التصفيق للقمع الوحشي بالحب ، للدم بالعشق !
الاّن يحكم القمع علي كل من يقول فكرته بالقتل .
يحاكم الصوت بالدم . الصوت جريمة ، و القمع فضيلة ، و القامع الوحشي بطل يحمي
الوطن ،يحمي الدماء بالدماء .
صمتت أو
صفقت الجماهير لقتل كل من يهتف /تهتف باسم الإخوان ، صفقت الجماهير لدمائهم ، قررت أن قتلهم حلال في دين الوطن ، قتلهم علي
صوتهم هو العدل ، هو الحق ، هو حصن للوطن.
الدم
ليس أبدًا حلالاً في دين الوطن ، الدم يجلب الدم ، يزيد البرك ، يغرق الوطن في
بحور الدماء ، يجعل الأحمر لون النيل ، يحجب الأزرق ، يبتلعه.
قتل
الإخوان اليوم علي صوتهم ، يعني في الغد قتل غيرهم و غيرهم. قتل المجرم القاتل
للعزل من أي فكرٍ كان ربما مباح ، و لكن قتل الصوت ، قتل صاحب الصوت ؛لأنه يهتف
لإيمانه بصوته جريمة وحشية تغرق الوطن في الدماء و تزيد القاتل شعبية ، تجعل القتل
لغة محل الصوت.
أولاً :
إعدام الإخوان علي هتفاتهم ، لن يضر فكر الإخوان ،لن يفنيه ، الفكر لا ينتهي
بالقتل ، الفكر صوابًا أو خطأ يعيش ، و تجدد حياته ، و ينتقل من جيل إلي جيل ،
الفكر يحيا ، و لا يهزمه إلا الفكر. قتل الإخوان لن يقتل فكرهم بل سينعشه و يزيد
التعاطف معه. فكر الإرهاب ذاته ( سواء كان مرتبطًا بالإخوان أم لا) لا يفني بقتل
الإرهابيين ، فكر الإرهاب يجابه بالفكر المتسامح بالحوار . الإرهابي/ة يحاسب/
تحاسب علي جرائمه و لكن فكره يواجه بفكر متسامح . القتل ذاته و تكميم الأفواه ، و
خرس صوت الفكر ليس مجرد عاجز عن إفنائه بل هو أيضًا قوة دافعة للفكر أن يتحول من
الصوت إلي الدم.
ثانيًا :
مساواة العنف بالصوت ، تزيد من العنف و تفني الصوت. من يهتف/تهتف من الإخوان للفكر
الإخواني قرر/ت استخدام الصوت للتعبير عن الفكر ، إن صار الصوت مساويًا للدم ، إن
صار الهاتف/ة للفكرة مواجهًا/ةً للإعدام كالقاتل/ة الوحشي/ة الإرهابي/ة تمامًا ،
حينها يشجع /تشجع الهاتف/ة لاستخدام العنف. الدم لا يورث إلا الدم . و مواجهة
الصوت بالدم ، مساواة الكلمة بالقنبلة تدفع صاحب/ة الكلمة للتحول لصاحب/ة قنبلة. قتل
أولئك المؤمنين بالحوار داخل الإخوان يعني إتناج جيلٍ جديد مؤمن تمامًا بالدم و
الدم فقط. يعني أن نبقي أسري دائرة الدم الأبدية.
ثالثًا: إباحة الدم اليوم ضد صوت الإخوان ،غدًا
تعني إباحة الدم ضد معاض/ة اّخر/ي لمجرد أن الفصيل الذي ينتمي/تنتمي إليه بعضه
يلجأون للعنف ،بل ربما تعني إباحة دمه/ا لمجرد أن الفصيل متهم بالعنف. القمع
ليس أبدًا مقصورًا علي فصيل ،القمع قة وحشية توجه للجميع، القمع كثقب أسود يبتلع
الوطن بأكمله ، ليس أبدًا نيزكًا يصيب هدفًا بعينه. القمع الوحشي عندما يصفق له
الجمهور المتعطش للدم في مسرحٍ روماني،يري فيه الجمهور الضحية تؤكل أمام عينه من
الوحش و هو يتمتع بسادية ،هو قوة مدمرة تكمن في داخل القامع/ة و الجمهور ، هو مدمر
لكل ما وجد يومًا في وطن.
رابعًا :
إن كنا أصلاً نريد الحرية أو الديمقرطية ( و هو شيء بدأت أشك بحقيقته) فما نفعله
الاّن لم يبنٍ يومًا بلادًا حرة أو ديمقراطية. اختلال أن نظن القمع يخلق حرية ، أن
الديكتاتورية تلد ديمقراطية. القمع يلد قمعًا ، و الديكتاتورية لا تصنع إلا ديمقراطية
مزيفة (في أحسن الأحوال). و الظلم لا يخرج من رحمه إلا الظلم. كما أن طريق الدم لا
ينتهي إلا بالدم.
إني أبكي أحلامي في الحرية و العدالة و المساواة
. إني أبكي وطني . أبكي ؛لأنني أري أننا نختار بأنفسنا القمع ، و الظلم ، و نهلل
لهما . و لكني سأحارب حتي لا أيأس ، حتي و إن لم يصل صوتي أحدًا وسط التصفيق ،
حتي و إن رأيت القمع و الظلم يلتهمانني بينما يصفق الجمهور المسرح بحرارة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق