الجمعة، 5 سبتمبر 2014

من تقنين القمع إلي دسترة الديكتاتورية

          ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).   

          تم الترويج في الخطوات الأولي لإحياء دولة الفرد الديكتاتورية بمصر لدستور 2014 و الزعم بأنه دستور الحريات و الأكثر ليبرالية في تاريخ مصر. و لم يفاجأ إلا القليلون بأن الدستور ليس سوي حبر علي ورق، و أنه كما توقع الكثيرون سيحدد بقوانين سالبة للحريات، تحول القانون و القضاء المجبر علي الامتثال له، لمجرد  سور من أسوار الزنزانة.  و الاّن لا يشبع النظام النهم الجشع أنه قيد الحريات كما يحلو له في ظل وجود دستور ورقي بل يريد أن يرتفع من مرحلة تقنين القمع إلي دسترة الديكتاتورية.
           النظام الأّن يرمي فقاعته كما يفعل دائمًا قبل كل مصيبة كبيرة، يجس نبض الشارع و يمهد لها. النظام يسرب جزًء من مخططته لتعديل الدستور الورقي ليجعل ديكتاتورية الفرد دستورية. هو طبعًا قادر علي دهس الدستور متي شاء، لا مجرد التحايل عليه. لكنه يريد أن يجعل طغيانه و قمعه أقوي قانون، يريد أن يجعل تملكه للدولة و من فيها دستورًا. يريد بطريقة رسمية فجة فاجرة أن يجهر بأن البلد و من فيها حتي حياتهم ملك لفرد واحد لا يشاركه أحد.
          معني أن يصير لفرد يلقب ب"رئيس الجمهورية" الحق في إعلان الحروب دون الرجوع لمجلس الشعب أن يصير هذا الفرد مالكًا لحياة الشعب، مالكًا وحده لحق تعريض حياة كل المواطنيين للخطر حتي لمجرد رغبة منه. التجنيد إجباري، يعني أن الرئيس يملك الحق في إجبار الشعب علي وضع حياته علي المحك حتي شبابه الصغير.
         لا يمكن التفكير بحجة منطقية واحدة لجعل حياة شعب بأكمله معلقة بيد فرد أيًا كان حجم التأييد الشعبي له، و أيًا كان الظرف التاريخي.  لكن لماذا البحث ؟ المنطق ضد حياة الدولة الديكتاتورية، المنطق قاتل لها. لو فكرنا بالمنطق للحظة دون مشاعر مخادعة يزرعونها داخلنا مثل الخوف، و عشق العبودية، و تأليه القائد، لوجدنا أن كل قانون قامع و كل جريمة ارتكبت ضد المنطق، خطأ بل أقذر خطيئة، لوجدنا أن الفرد لا يملك ذرة من الحق الذي نمنحه إياه في امتلاكنا، في استرقاقنا.
        أعلم أن الأمر سيمضي، و سنخطو خطوة واسعة نحو الهاوية. أعلم أنهم سيحققون مرادهم  -ربما أيسر مما خططوا بمراحل-. أعلم أنه سيملكنا رسميًا وحده، كما امتلك مالك العبيد العبيد بقوة القانون، بل بحصانة الدستور لقرون في الغرب.
         أعلم و أعيش العذاب و نحن نسير بسرعة نحو العبودية الكاملة، و لكني أكتب كي أؤدي واجبي، و انتظر. انتظر و أتفرج.
         انتظر متي يؤلم العبيد العبودية، متي لا تمتعهم أكثر.
         و ربما يتساؤل كثيرون:
         هل سيأتي أصلاً يوم يؤلم العبيد العبودية؟
             

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق