ماما كان تحدث بابا عن عمو منيب، ذهبت لأسألها عنه، فقالت لي أنه متعب قليلاً. بدا علي ماما أنها مختلفة، رأيتها حزينة من قبل و لكن تلك المرة شيء في ملامحها الحزينة كان مختلفًا، لكني حينها لم أفهم.
وجدت ماما ليلاً تغير ملابسها للأسود، استغربت ؛لأن ماما لا ترتدي الأسود عادة، سألت ماما : "هل مات عمو منيب؟"
ماما لم ترد في البداية، فقلقت، و سألتها مجددًا: " هل مات عمو؟"
ماما قالت بهدوء: "مات."
صدمت للحظة، ثم لم أصدق، ظننت ماما تمزح. لم استطع التصديق، تذكرت وجه عمو، و لم أصدق أنه مات.
بكيت في أول لحظة، لكني بعد البكاء قليلاً صمت. لم أصدق بعد.
ذهبت إلي المدرسة حزينة، أخبرت مرنا أن عمو مات. مرنا لم تتركني، ظلت بجواري و كتبت لي رسائل كثيرة. قالت لي أنها لن تتركني و أن عمو ربما ليس حزينًا كما أظن، ربما يراني الاّن و سعيد، بل ربما قريب حتي و إن لم استطع أن أراه. خرجت من الفصل و ذهبت لأبكي في الحمام و عندما عدت وجدت أية و كريستين تتجهان نحوي. أية قالت لي أنه حتمًا في مكان أفضل الاّن، و أنني لا يجب أن أحزن. أخبرتني أن والدتها قالت لها أننا سنري من نحب في الاّخرة؛ فربما ليست اّخر مرة أراه.
أمير و بطيخة و سامي حاولوا أن يمثلوا أدوارًا كوميدية ا و يجعلونني أضحك، شعرت أنني ممتنة لهم، لا يتركوني. تذكرت عندما فقد لوفي أخاه إس، لوفي حزن، و لكنه استطاع أن يقاتل و يسير خلف أحلامه من جديد عندما تذكر أنه مازال لديه أصدقاؤه. أنا أيضًا لدي أصدقائي الذين لا يتخلوا عني أبدًا و يقفون إلي جواري ، يقاتلون معي.
لا أعلم إن كانت أية علي حق أم لا. لا أدري إن كنت سأقابل عمو ثانية أم لا، أود أن يكون ذلك صحيحًا؛ لا استطيع تخيل انني لن ألقاه ثانية أبدًا، أنها النهاية. لا أظن أن ربي الذي أحبه سيفرقني أبدًا عن عمو، هو الذي منحني ماما و بابا و عمو و أصدقائي و دائرتي؛ لأجد من أحبهم و يحبونني.
عمو منيب وعدني أن يأخذني معه إلي المتحف المصري؛ لأنه درس اّثار و سيستطيع أن يشرح لي كل شيء عن رواة زرعتي القدماء. إتفقنا أن نذهب الشهر القادم، لكنه الاّن مات و لم أسمعه يشرح لي قبل رحيله. ماما قالت لي أن الحياة قصيرة جدًا و لا يجب أن نضمن فيها أي شيء، فكلنا قد نرحل في أي لحظة، لم أفهم ماما حينها لكنني أفهمها الاّن جيدًا.
بكيت طويلاً، ومازلت لا أصدق تمامًا أنني لن أري عمو ثانية، و لن أسمع منه مجددًا كلامه عن رواة زرعتي القدماء الذين يحبهم، لكنني مازلت أملك أصدقائي، و أظن أن ربي سيجعلني أراه، أظنها ليست النهاية بيني و بين عمو .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق