(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
الخوف من الاّخر/ي دائمًا خلفه درجات مختلفة من
الجهل. مجتمعنا يجبرنا أن نرتدي أقنعة تحجب وجوهنا الحقيقية عن بعضنا البعض، لنظل
جميعًا مناسبين للصورة الواحدة المفروضة التي نرسمها علي القناع. و أحيانًا يصل
قمع المجتمع إلي ضغطنا لنرتدي هذه الأقنعة أمام المراّة، لنخادع أنفسنا و نجعلها
تؤمن أن صورتنا الحقيقية هي الصورة المرسومة علي القناع، الصورة التي يريدها
المجتمع. تظل حقيقتنا سجينة خلف القناع،
لذلك يصعب أن نعرف بعضنا، أن نعرف صورتنا الحقيقية.
أغلب أزمات اضطهاد الأقليات سببها الجهل
بحقيقتها. الأقليات تنغلق في مجتمعات صغيرة و ترتدي أمام المجتمع الكبير أقنعة، بل
أحيانًا تطمس حقيقتها و تدعي أنها جزء من الأغلبية (وهذا يحدث مع الأقليات الجنسية
و الجندرية بالذات). هذا يسهل علي المجتمع الكبير اضطهادها، بل و أحيانًا إنكار
وجودها. الخوف خلفه الجهل بالأقلية و التفكير فيها كعدو خطير يهدد الأغلبية لا
كبشر من لحم و دم نقابلهم كل يوم، و ربما جزء منا يشابهم.
الأقليات الجنسية و الجندرية في العالم العربي تعيش في الغالبية الكاسحة من
الحالات في الظلام، تجبر علي ارتداء أقنعة كاذبة أمام المجتمع و أحيانًا أمام
مراّتها. أحيانًا يعاني المثليون و المثليات من خوف من أنفسهم هو انعكاس لخوف
المجتمع منهم. المجتمع يراهم خطرًا يهدد أمنه، يراهم أقلية صغيرة تختار الفسوق و
تهدد بنيانه. الأفراد يظنونهم بالضرورة متحرشين و منحرفين. لا أحد يتخيل/تتخيل أن
علي الأقل واحد/ة من كل عشرة يعرفهم/تعرفهم مثلي/ة أو مزدوج الميل الجنسي أو
مضطرب/ة الهوية الجندرية.
ما
يعمق الخوف أنه نادرًا ما يواجه/ تواجه مثلي/ة أو مزدوج الميل الجنسي أو مضطرب/ة
الهوية الجندرية المجتمع. نادرًا ما يمنح الأفراد فرصة معرفة إنسان/ة من لحم و دم
من الأقلية التي يظنونها بعيدة و منحرفة و شاذة و متحرشة. نادرًا ما يمنح الأفراد
فرصة الشعور بمعاناة مختلفي الميول الجنسية و الجندرية و حقيقة أوضاعهم و اّلامهم.
نادرًا ما يمنح الأفراد فرصة التواصل الإنساني مع المختلف/ة.
أعلم
أن هذا صعب، و لا يناسب الجميع، لكن الحل الحقيقي أن يظهر مختلفي الميول الجنسية و
الجندرية و يواجهوا المجتمع و يعرفوا من حولهم أنفسهم كبشر لا كمجرد فكرة
يحتقرونها. الحل أن نبدأ حوارًا حقيقيًا مع من حولنا حول إنسانية مختلفي الميول
الجنسية و الجندرية. المواجهة صعبة، لكن المواجهة بإنسانيتنا هي الخيار الوحيد
ليعرفنا المجتمع كبشر، و فقط عندما يعرفنا كبشر سيمكن أن يتخطي كثيرًا من خوفه
منا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق