الاثنين، 7 أغسطس 2017

تساؤلات (١٥): هل الإنتاجية معيار نجاح؟

        عندما تحدث مقارنة بين الأفراد المختلفين وحتي الدول المختلفة، تتخذ الإنتاجية معيارا للمقارنة. عندما ينظر المجتمع لشخص ما، ويقيم مكانته الاجتماعية في كثير من المجتمعات يقيمها علي أساس انتاجيته. وعندما يتم النظر ل"نجاح" الدولة، ومقارنته ب"فشل" دول أخري تكون هذه المقارنة قائمة على أساس الإنتاجية العلمية والاقتصادية بغض النظر عن توزيع المنتجات العلمية والاقتصادية، وعن وضع حقوق الإنسان، وحرياته الحقيقية داخل هذه الدول بل إن من يضع معيار الحياة المرفهة، وحقوق الإنسان، وحرياته هو الأكثر إنتاجية.

      لكن هل الإنتاجية معيار النجاح؟ هل الإنتاجية هي القيمة الحقيقية للحياة الإنسانية؟ هل الإنتاجية معيار تفرقة بين الأفراد والدول؟ هل الإنتاجية هدف الحياة والمجتمعات الإنسانية؟ هل الإنتاجية مفيدة دائما أم أنها أحيانا مضرة؟ هل الإنتاجية غاية أم أنها وسيلة؟ هل حقا نحتاج الإنتاجية؟ أليس ممكنا أن تكون قيمة الإنتاجية واحتياجنا لها هي مجرد وهم صنعته الاستهلاكية؟

          تاريخيا، حققت كثير  من الحضارات الإنسانية إنتاجية مرتفعة، لكن لم تكن للإنتاجية ذات القيمة والتقدير، والنظر إليها كمعيار مقارنة إلا في العصور الحديثة. ما قبل الحداثة، كان الدين، والأعراف، والقيم الروحية، والاجتماعية، والتركيب العرقي، والاجتماعي، والأسري هو قوام المقارنة، والتمييز ليس بين الأفراد لكن أيضا بين الشعوب. الإنتاجية لم يكن ينظر لها كهدف. كانت طريقة إشباع للاحتياجات الأساسية، ولتوفير الرفاهية للأعلي مكانة لكنها لم تكن طريقة تعريف الأعلى مكانة.

         هذا الاختلاف التاريخي، لا يحدد ما إذا كانت الإنتاجية معيار النجاح أو مفيدة أو ذات قيمة عظمي أم لا لكنه يجعلنا ندرك أن مكانة الإنتاجية في الثقافات الإنسانية ليست تلقائية؛ إنما هي متغير تاريخي، يستحق أن ونطرح تساؤلات بشأن حقيقة قيمته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق