الأربعاء، 19 ديسمبر 2018

سلسلة خبرات السفر- الإمارات- أبو ظبي

الإمارات- أبو ظبي

        الإمارات نموذج تطلع له دول كثيرة وتنظر له بحسد وتحاول تقليده حتي وإن كانت طبيعتها الحضارية أكثر تعقيدا وثراءا منه. لم أكن في البداية أرغب في زيارة الإمارات لكنني غيرت رأي رغبة مني في معرفة هذه الظاهرة عن قرب أكثر وقبل أن تتاح لي فرصة اختيار زيارتها، رمتني الأقدار إليها؛ فقدت تأخرت طائرتي لكينيا في الإقلاع لساعتين بسبب عطل حاسوبها، ولم ألحق الترانزيت، واضطررت للمبيت ليلة في أبو ظبي

        لم أضيع الفرصة، وبمجرد أن وضعت حقائبي خرجت توا ولففت أبو ظبي كلها بسيارات أجرة في ثلاثة ساعات؛ حيث مررت بقلعة الإمارات، والأبراج الشهيرة فيها، ومول منظمة التجارة العالمية وأهم وأجمل معالمها المريحة للنفس جامع الشيخ زايد الكبير.

          ونموذج الإمارات نموذج مميز؛ فهي مجتمع مختلط للغاية، ونسبة الإماراتيين فيه أقلية لكنهم يتمتعون بحقوق كاملة في تعليم عالمي مجاني، ونظام صحة مجاني مميز، ودعم للبطالة. والشعب الإماراتي اكتسب كثيرا من اختلاطه بالأجانب؛ فهو شعب يقدس المسافة الشخصية، ولا يعتدي عليها، ويحترم لدرجة مميزة الاختلافات الثقافية، ويعامل متحدي الإعلقة معاملة أكثر تحضرا حتي من بعض شعوب أوروبا وهو بارد مقارنة بالشعوب العربية الاخري.

           من الخارج تبدو الإمارات دولة رائعة؛ منظمة، وجميلة، ومتحضرة، ومنضبطة، وهي المركز التجاري العالمي، ومول العالم الكبير، ويوجد بها تعدد عرقي وديني واسع، وهي من أكثر البلدان احتراما للإنسان، وتحقيقا للأمان حيث لا يخشي علي شيء داخل الإمارات؛ لدرجة أن سائق الأجرة قد يترك حسابه ويعود إليك وهو يثق أنك لن تسرقه. لكن رغم كل هذا الجمال الخارجي توجد حقيقة يستحيل التغاضي عنها؛ وهي وضع كل فرد المحدد داخل الإمارات. فالهنود والاسيويون -ويكادون يكونون الأغلبية- هم القائمون بالأعمال الخدمية، والأفارقة يقومون بأعمال قيادة الأجرة، والعرق الأبيض سياح أو رؤوساء وخبراء أما الإماراتيون فيتمتعون بكل الحقوق ويعملون غالبا في الشرطة

             وملحوظة مهمة في الإمارات هي الإهتمام الشديدبالجودة المقدمة في كل الخدمات، والمنتجات، والأسعار المناسبة نسبيا للخدمات والمنتجات.

             الدولة الإماراتية دولة حكم شمولي، وهناك تقديس عام لشخصية الراحل العظيم الشيخ زايد، وهذا العام تحتفل الإمارات بالذكري المائة لمولده، وصوره في كل مكان، وهذا العام يسمي ب"عام الشيخ زايد". 


             التخطيط لعمراني للإمارات معتمد علي فكرة محورية المركز التجاري سواءا في الأبراج التجارية أو المطار أو الطائرة. وهو ليس تخطيطا معماريا صديقا لفكرة المجتمع أو الشارع أو الإنسان. فصحيح أن الشوارع واسعة ونظيفة ومنظمة ولا يوجد بها أي تكدس مروري ومريحة عصبيا إلا أنها بوسعها غير مصممة للسير فيها. ولا توجد فكرة البقالة أو الصيدلية بجوارك فكل شيء في المركز التجاري. ونسخ مصر لهذا النموذج في التجمع كان خطيئة كبيرة لموروثها الحضاري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق