الجمعة، 24 مايو 2013

شرعيتي أنا


     ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

     كنت أري و أنا في الحضانة ، الطلاب الأكبر سنًا يحييون العلم ، كنت أحيي العلم وراءهم بكل حماسة ، و أنظر إليهم في غبطة. كنت أحلم أن أكبر ذات يوم و أحيي العلم مثلهم و يحيي ورائي الجميع. لا استطيع أن أصف كيف كنت أنظر إليهم ، كيف كنت أشعر تجاههم ، كانوا بالنسبة إليّ شيئًا كبيرًا جدًا ، قادة أصبو أن أكبر و أصير مثلهم . كانت نظرتي  إليهم كنظرة شابة دخلت كلية علوم حديثًا متحمسة ، مشتعلة ، و تنظر من بعيد جدًا إلي أحمد زويل ، و لكني علي الأقل كنت أري حلمي أقرب قليلاً.
       مضت سنون  الحضانة و دخلت المدرسة الابتدائية ، و ظللت أنظر بغبطة إلي طلاب الصف الخامس و السادس الذين يحييون العلم ، و أحيي أنا خلفهم. كنت اّنذاك كعضوة في حركة تحرير وطنية تنظر باحترام للقادة و تحلم أن تكون ذات يومٍ من قادة الحركة الوطنية مثلهم. مضت سنون المدرسة  الابتدائية و وجدتني طالبة في العام الأخير بها ،السادس و تذكرت حلمي مذ كنت في الرابعة أن أحيي العلم ،حلم يكبر معي حتي و إن نسيته لسنوات. ذهبت إلي مدرسة مسؤولة عن تحية العلم ، قالت لي أن أذهب إلي مدرس التربية الرياضية ، ذهبت إليه ، رفض حلمي.
        قال لي أنني فتاة و يجب أن يحيي العلم فتي ، انتبهت إلي حقيقة لم أكن قد أدركتها جيدًا بعد ،دائمًا كان من يحيي العلم فتي. قلت له أنني استطيع أن أحيي العلم ، و أنني لست أقل من الفتيان ،قلت له أن مدارس الفتيات لا يوجد بها فتيان ، و مؤكد من تحيي العلم فتاة. قال لي أن الفتيان أقوي ، و أن الفتاة لا تحيي العلم إلا إن لم يكن هناك فتي ،قلت له أننا أقوي ( كنت أعني كيدنا) ، أظنه فهمني ؛لأنه رد عليّ أننا أقوي في أشياء أخري.
          كنت ضعيفة ، استسلمت ، و لكني لم اقتنع و اشتعلت غضبًا. أتذكر يومها أن صديقة لي في المدرسة قالت لي شيئًا فهمته بمعني أننا لا يجب أن نحيي العلم ، هذا دور الفتيان. لم أنسي هذه الجملة التي زادت غضبي قط ، لم أنسي هذا الموقف في حياتي أبدًا.
         مضي العام و دخلت المدرسة الإعدادية . هناك كان نظام المدرسة مختلفًا كثيرًا ،كان سيئًا جدًا ، و لأول مرة في حياتي أواجه التعليم بنسخته المصرية الحقيقية . و هناك عرفت لأول مرة لماذا لا يتشرب النشء حب الوطن ،و لماذا يكبرون بلا أي انتماء له ، عرفت كيف أن تعليم الأطفال يسلبهم حب الوطن بدلاً من أن يزرعه داخلهم ، و لكن هذا كله جزء من قصة أخري. لكن المهم أنني رأيت كيف أننا بعد أول أسبوع قضيناه في فرع المدرسة الإعدادية لم يعد فينا أحد يحيي العلم بحماسة ، خفت صوتنا جميعًا.
        في تلك اللحظة وجدتني أمام نفسي ، أفكر وحدي ، و اّخذ قراري بأن أحيي العلم بأعلي صوتٍ وحدي ، حتي و إن خفتت كل الأصوات ؛لأنها بلادي و أنا أحبها ،انتمي لها ، ويجب أن أحيي علمها ؛لأن تحيتي لعلمها رمز لانتمائي لها . كنت في البداية قد تأثرت و أخفضت صوتي و لكني عدت أرفعه من جديد ، أرفعه لأعلي درجاته ، أرفعه فوق صوت الجميع ، أرفعه ليصل إلي عنان السماء ، أرفعه ليصل إلي بلادي.
        حينها وجدتني وحدي أحيي العلم ، و كانت بداية طريقٍ طويلٍ سأتعلم أن أسلكه وحدي ، كان ذلك القرار من أوائل القرارات التي أتخذتها وحدي ، صممت عليها ؛لأني أؤمن بها حتي و إن لم يؤمن بها أحد ، و لم يفعلها أحد. أتذكر أنني نلت سخرية كبيرة من كل من في المدرسة و شهرة عارمة بالطبع و صمدت في وجه الاثنتين . و لكني أتذكر أيضًا أنني قلت لنفسي حينها ،أنني حرمت من أن أحيي علم بلادي؛ لأني فتاة ، و ها أنا ذا وحدي أحيي علمها بعد أن خفت بل ربما بكم صوت كل الفتيان و الفتيات.
       ذات صباحٍ في مدرستي الإعدادية طلبت أن أحيي العلم ، و لدهشتي قوبل طلبي الموافقة. وقفت متوترة ، و نظرت إلي العلم فوقي عالٍ و أنا صغيرة جدًا أمام ساريه ، أتذكر تلك اللحظة الاّن جيدًا ،أتذكر أنني لأول مرة أشعر أنني قريبة إلي العلم هكذا ، أول مرة أقف أمامه مباشرة و أنا أحييه.
      أظن نبضات قلبي باتت سريعة و أنا أنظر فوقي للعلم و استعد لتحيته ، نطقت :" تحيا جمهورية مصر العربية" بأعلي صوتي ، بصوتٍ قوي و عالٍ و حيا خلفي الجميع .أعدتها ثلاث مرات ، ثم دخلت إلي الصف ثانية. أذكر أنه في ذلك اليوم كنت أتحدث إلي فتاة و ربما قلت لها أنني حييت العلم ، و علمت أن صوتي كان قويًا جدًا وأن كثيرين ظنوا أنني فتي.
      اشتهرت بسرعة جدًا في المدرسة الإعدادية لأسباب كثيرة علي رأسها طبعًا تحيتي للعلم القوية سواًء و أنا من تحييه (لم أفعل ذلك كثيرًا ؛لأنني أرضاني أنني انتصرت و حييته مرة) ، أو و أنا أحييه خلف فتيانٍ اّخرين. و كما قلت من قبل نلت ثمنًا لذلك، سخرية الجميع مني و أيضًا معرفة الجميع بي.
       في المرحلة الثانوية ذهبت إلي مدرسة مختلفة تمامًا في كل شيء عن مدرستي الابتدائية و امتدادها الفاسد الإعدادي. في أول يومٍ في مدرستي الثانوية ،لم أكن أعرف أحدًا سوي زميلة واحدة لي من المرحلة الابتدائية لم تكن علاقتي بها رائعة ، و زميل اّخر لم أكن أعرف عنه شيئًا إلا أنه كان صديقًا لفتي ليست معرقفتي به جيدة في مدرستي القديمة. كنت قلقة؛لأنها المرة الأولي التي أدخل فيها مدرسة لا أعرفها ؛و لكني لم أكن  مرتبكة. أذكر أن مدرس تربية رياضية طلب من طالبة في المدرسة أن تحيي العلم و لكنها رفضت ، و أخذ يحاول إقناع الطلاب بلا فائدة و قلت أنا لمدرسة تقف أمام صفي أن أحيي العلم ، الغريب بالنسبة إليَ في ذلك الوقت أنها دهشت من طلبي ، و سأعرف لاحقًا أن سر دهشتها أن أحدًا في المدرسة لا يرغب في تحية العلم و لا حتي في نطق كلماتها ، و أن المدرسين يتعبون جدًا في إقناع الطلاب أو الطالبات بتحية العلم.
          حييت العلم بصوتٍ عالٍ ، استغربني طبعًا الجميع ، و تكرر مسلسل السخرية و الشهرة مجددًا ، و لكن هذه المرة كان الأمر أعسر ، فقد وجدت الطلاب يسخرون من تحية العلم ذاتها ، و يجعلونها شيئًا يتندرون عليه و يستهزئون به. و أحد الطلاب ليستفزني كتبت سبة قذرة علي السبورة عن مصر ، و حينها ذهبت إلي وكيلة المدرسة و أخبرتها بما فعل، و اعتذر لها.
          مضت سنون الثانوية أيضًا ،و انتهت القصة الطويلة المتكررة ، و لكن هذه القصة علمتني درسًا ، غرسته داخلي ، جعلتني أؤمن بها يقينًا . الانتماء لهذا الوطن ليس حكرًا علي ذكوره ، بل ليس حكرًا لأحدٍ فيه أيًا كان.الانتماء لهذا الوطن يكمن داخل من يحبه /تحبه حقًا مهما اختلفت الهويات الأخري ، مهما اختلف الجنس أو الدين أو الأفكار أو المباديء أو حتي الأخلاق. و لهذا السبب كل من هو/هي يملك/تملك حقًا في هذه الأرض ؛لأنه/ا عاش/ت بها،ولد/ت بها ،كل من أحبها /أحبتها بصدق ،له/ا الحق فيها كاملاً ، الحق في الدفاع عنها ، الحق في القتال لأجلها ، الحق في كل ما لغيره/ا فيها حق فيه.
         حقي كمصرية ،أن أحيا في هذا الوطن حرة ،حقي أن أعلو بصوتي  أهتف لبلادي، حقي أن أحلم لأجل بلادي ، حقي أن أكتب لأجل بلادي ، حقي أن أعمل لأجل بلادي ، حقي أن أقاتل لأجل حق كل من ينتمي/تنتمي لبلادي ، حقي أن أقاتل لأجل كل مبدأ أو معتقد أو فكرة أؤمن بها في بلادي حتي و إن اصطدمت بكثيرٍ من ما يؤمن به غيري فيها ، حقي أن أتولي فيها كل منصب يتولاه غيري ، و حقي أن أحارب لأجلها ضد أعدائها ، حقي أن أكون جزًء من جيشها.
        إنني مصرية ، و سأكررها دائمًا ، سأصرخ بها أمام الجميع ، سأسمع بها الصم صوتي ، وسأري بها العمي حقي . إنني مصرية ،و هذه هي شرعية حريتي ،شرعية حقي ،شرعيتي أنا.
        

الثلاثاء، 21 مايو 2013

رسالة إلي مرنا


      صديقتي مرنا،
                    أنا سعيدة أنك صديقتي و أنني قريبة منكِ.كنت أراكِ كثيرًا قبل الثورة في الفصل و لكنني لم أكن قريبة منكِ ، و لكنني عرفتكِ أكثر في الثورة و اقتربت منكِ أكثر و أحببتكِ حقًا كأعز صديقاتي ،كجزء كبيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير من دائرتي، و كرفيقتي في الحلم و القتال لأجل زرعتي.
                  أريدنا أن نصل إلي أحلامنا معًا ،أريد أن نجعل زرعتي تعلو فوق كل زروع العالم معًا ،أريد أن نرويها معًا ،و نقاتل لأجل حلمنا و حلمها معًا.أريد أن يأتي اليوم الذي أراكِ فيه تصلين إلي حلمكِ،و تصيرين عالمة عالمية مثل (أحمد زويل)بدون أن تتركي زرعتي .أريد أن أري حلمكِ يروي زرعتي ،و يجعلها تعلو و تعلو و تعلو .أريد أن أروي زرعتي بقلمي ،و أجعلها تعلو أيضًا.
                أنتِ صديقتي ،و أنا أحبكِ حقًا ،أحبكِ جدًا ،أنا ليس له أخوة و لا أخوات مثلكِ ،و لكن أصدقائي هم إخوتي و أخواتي ،أنا لا أعرف معني الأخوة أصلاً ،و لا أعرف ما هي العلاقة بين الأخوات و الإخوة ،و لكنني أعلم أنني أحب علاقتنا معًا ،أحب صداقتنا ،و أشعر أنني أحبكِ جدًا ،و أشعر أنني سعيدة عندما أكون برفقتكِ ،و عندما نمزح معًا ،عندما نفكر معًا ،و نجادل بعضنا في موضوعات العربي ، عندما نلعب معًا ، عندما نجري خلف بطيخة و فيكتور و سامي و أمير معًا ،عندما نقاتل معًا ،و عندما نحلم معًا.
                أنا أحبكِ و أتمني أن نظل أصدقاء أبدًا مهما كبرنا ،و ألا نفترق قط ،أتمني و أريد أن نبقي معًا أبدًا ،نلعب معًا ،نقاتل معًا ،نحلم معًا ،و نبلغ أحلامنا معًا .سأكون دائمًا بجواركِ مهما حدث ،و سنظل دائمًا أصدقاء ،و سأدافع عنكِ دائمًا و ستدافعين عني ،و لن نجعل شريرًا يؤذي أحدنا أو يحطم أحلامنا ،سنظل أبدًا أصدقاء –بإذن الله- و لن نفترق.سنقاتل معًا ،سنروي زرعتي معًا ،سنحلم معًا و سنصل إلي أحلامنا معًا.
                                                                                      

السبت، 11 مايو 2013

الفخر بالقتل


          ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

         مصدر الدموية الحقيقي و قتل القلوب و الرحمة داخل الإنسان هو بدء اعتباره الجرائم مجد قائم علي المبادئ أو الدين.الفخر بالقتل هو خطيئة و قوام للبدوية و الدموية.عندما يفخر إنسان بتحمله دماء اّخر يتحول إلي وحش ، بل أدني من الوحش متعطش للدماء.
           كيف يزرع الفخر بخطيئة القتل داخل البشر ؟ في اعتقادي يكون ذلك بإقناع ضمائرهم بأن القتل بطولة. مثلًا عندما يقنع ضابط الجيش سريته أنهم أبطالاً ؛لأنهم يقتلون العدو ، أو عندما يقنع الإرهابي أتباعه أنهم بقتلهم من يعتبرهم كفارًا أو فسقة يتحولون إلي مدافعين عن الدين و رموز للايمان الديني.بالقطع المقاتل في الحرب مضطر  للقتل ، و لكن عندما يتحول القتل و سفك الدماء إلي مجد في عينيه ،فهذه هي الغريزة الدموية للوحوش لا البشر.
             كيف عاش مرتكب مجزرة هيروشيما و ناجازاكي اليابانية عقود بعد إلقائه القنبلة من طائرته بدون أدني تأنيب ضمير علي أرواح مئات الاّلاف من المدنيين الذين قتلوا؟! كيف يعيش جزاري الاحتلال الصهيوني بفخر الأبطال بعد ارتكابهم لهذه الجرائم الإنسانية؟! كيف وصلت الدموية ببعض المتشددين الإسلاميين  إلي استغلال الأطفال الصغار في جرائمهم الشنيعة بدون أدني وخز للضمير؟! كيف تلذذ الضباط الأمريكيون بللهو بجثث المدنيين الأفغان العزل و التصوير بجوار عظامها؟! كيف وصلت الدموية الانتقامية داخل ثوار حلموا بوطن أفضل و غامروا و دفعوا حياتهم ثمنًا للطريقة اللا انسانية التي عذبوا بها القذافي و مثلوا فيها بجثته و هم فرحون؟! كيف أوهم النبلاء الذين ودوا تحرير أرض السلام الطاهرة أن العمليات التي يقتل فيها أطفال و عزل داخل إسرائيل هي شهادة و طريق إلي عليين ؟!
           الإجابة هي أن هؤلاء ظنوا أن القتل بطولة ، و أنه عزة الوطن و الدين و المبادئ و قمة الشرف ، و هذه هي أدنس الخطايا و أكبر تلويث لأفئدة البشر و معاني النبل و الشرف و العزة.القتل لا يكون بطولة تحت أي مسمي .القتل يبقي  ملوثًا للشرف و للفؤاد حتي و إن كان ضد مجرمين و دفاعًا عن مبادئ سامية، و لكن ما يجعله الصواب في الحرب وسيلة الردع و حماية الوطن و الدين و الشرف و المبادئ هو أنه الخيار الأوحد أمام العدو المهاجم ، و لو كان هناك خيار أطهر منه لفعلناه ، و لكان اختيار القتل حينها هو الخطيئة العظمي.و حتي و القتل سبيل أخير لحماية مقدساتنا و ما نعشق ، فيبقي له حدود إن تخطيناها دنسنا و صرنا مساووين لعدونا و ربما أدني ، لصرنا نحن المعتدون مثل قتل الأطفال و الضعفاء و العزل و المصابين.
             إن دخلت حربًا (إن تعرضت بلدي لأي اعتداء) ، فسأختار أن أقاتل و أقتل الأعداء  و لكني سيكون داخلي دائمًا شعور ما بالشفقة حتي علي من أقتل من مجرمين ،أجبروني علي قتلهم لذوذًا عما أؤمن به، شفقة تحميني من أن أخسر قلبي ، و أصير مجرمة تتفاخر بسفك الدماء أو تخرج لتعلن مجدها بأنها قتلت عددًا غير مسبوقِ من الجنود.إن خسرت الرأفة داخلي حتي و أنا أقتل حماية لما أحب حينها لن أكون أرقي من الوحوش التي أصون ما أعشق منها ،لن أكون أفضل كثيرًا من المعتدين . و مع الرأفة سأذكر نفسي دائمًا أنني لست نبيلة و لا بطلة ؛لأني أقتل عدوي فالقتل ليس أبدًا بطولة ، سأذكر نفسي أنني أدنس بالدماء ، حتي و إن كانت دماء المعتدين و لكنني مضطرة إلي أن أدنس لأجل حماية بلادي ، و حماية اّخرين من البطش . و قطعًا لن أسمح لنفسي مهما كانت قدسية و جلال ما ألوذ عنه أن أقتل ضعيفًا /ضعيفة أو عاجزًا/عاجزة.
             القتل إن صرنا نراه بطولة  و فخرًا، فنحن نحول أنفسنا و ما نؤمن به إلي خطيئة كبيرة مهما كنا نبلاء و مهما كانت غايتنا راقية . يجب أن نؤمن بمقدسات و ندافع عنها و نموت لأجلها و قد نقتل تحت ظروف قهرية لأجلها ،فهذا يمنح قيمة للحياة و لكن أن نجعل سفك الدماء علوًا فهذه هي الدموية ، و إن صار قتل الأبرياء لدينا مباحًا لصون مقدساتنا ، فنحن أنفسنا ندنس هذه المقدسات.

               

الثلاثاء، 7 مايو 2013

قصة مسرحيتنا


( هذه هي قصة المسرحية كما ستعطيها الطفلة لاستاذة بسمة).      
      كان هناك فتاة تسمي سماء. سماء كانت تحب مصر جدًا جدًا جدًا ، و كانت تريد أن تكون بطلة لكي تجعل مصر تتقدم. كان لسماء أصدقاء كثيرون جدًا في مدرسة ، و كانت تحبهم جدًا و كانوا يحبونها هم أيضًا جدًا، لكن واحد من أصدقائها كان يكره مصر و دائمًا يقول أنه يريد أن يترك مصر و يرحل ، و يقول علي مصر كلامًا سيئًا ، و كانت سماء تتشاجر معه دائمًا علي ذلك.
      كان هذا الفتي يسمي وائل . سماء كانت تغضب منه كثيرًا و لكنها كانت تود دائمًا أن تراه يحب مصر . كانت سماء تريد أن تشعر أنه يحب مصر ، لم تكن تريده فقط أن يقول ذلك. ما كان يحزن سماء ليس فقط كلامه السيء عن مصر ، و لكن أنها تعلم أنه من داخله يكره مصر حقًا ،و يحتقرها ، لا يريد أن يبقي فيها. سماء كانت تريد أن تغير مشاعره تلك و لكنها لم تكن تعرف ماذا تفعل ، فهي لا تعرف كيف يمكنها أن تغير مشاعره تجاه مصر.
       و في يوم من الأيام رأت سماء و هي تسير في الشارع مجموعة من الأشرار يضربون رجلاً ، أسرعت بقوة  إلي الرجل و بدأت تقاتل معه الأشرار . هزمت سماء و الرجل الأشرار . سألت سماء الرجل عن هويته و عن الأشرار فقال لها أنها لا يجب أن تخبر أحدًا عنه أو عن الأشرار و أعطاها فلاشا صغيرة و قال لها أن تسلمها للشرطة. تحمست كثيرًا و تأكدت أنها أخيرًا في مغامرة حقيقية ! و أنها ستساعد في إنقاذ البلد من الاشرار. احتفظت سماء بالفلاشا و قررت أنها ستعطيها للشرطة و هي عائدة في اليوم التالي من المدرسة.
         ذهبت سماء إلي المدرسة في اليوم التالي و هي عائدة مع أصدقائها أمل و نورا و ياسمين و منير و يامن و زياد و وائل من المدرسة وجدت مجموعة تهاجمهم من الأشرار.  حاولت سماء أن تحمي أصدقاءها ،و وجدت أن الأشرار يريدون أن يخطفوها هي لا أصدقاءها. و لكن في النهاية بعد قتال شرس أخذت فيه سماء و يامن  يضربان الأشرار؛لأنهما مقاتلان كاراتيه ،و أخذت فيه نورا و أمل و منير و زياد و وائل يدفعون الأشرار و يعضونهم طلبت سماء من الجميع الهرب ؛لأنهم لن يستطيعوا أن يهزموا الأشرار و الأشرار يريدونها هي. الجميع استطاعوا الهرب عدا سماء و يامن اللذان وقفا يضربان الأشرار و يعطلانهم بينما يهرب الباقون ، و وائل ؛لأنه كان بطيئًا قليلاً في الجري.
                 تمكن الأشرار من أسر سماء و يامن و وائل و أخذوا من سماء الفلاشا بالقوة. عندما ترك الأشرار سماء و يامن و وائل وحدهم في غرفة مغلقة ، سأل وائل و يامن سماء عن ما يحدث لهم و عن الفلاشا فحكت لهم القصة. وائل كان غاضبًا جدًا من سماء ؛و قال لها أنها عرضت حياتها للخطر و حياة أصدقائها لأجل فلاشا غبية و رجل لا تعرف عنه شيئًا. سماء للمرة المليون تشاجرت مع وائل و قالت له أنها متأكدة أن هذه الفلاشا تخص الأشرار و أنها كان يجب أن توصلها للشرطة حتي يوقفوا الأشرار . و أنها لم تكن تخاف علي حياتها أبدًا ؛لأنها كانت تفعل شيئًا سيجعل مصر تتخلص من الأشرار و تصير حرة من شرهم . غضب وائل جدًا و صرخ فيها أن مصر لم تفعل لهم شيئًا الاّن و هم سيقتلون من الأشرار بعد قليل ، و أنها عادت ثانية لتتحدث عن مصر و كأنها جيدة و تستحق أن تموت هي و هم أيضًا لأجلها. ردت سماء منفجرة بأن مصر بلادها و حلمها و تستحق منها أكثر من الموت لأجلها. فرد وائل أنها قد تري أن مصر تستحق منها الموت لأجلها و لكنها لا تستحق بالنسبة له أن يموت هو أيضًا لأجلها و فيها قبل أن يهاجر و يتركها .
              كان يامن صامتًا طوال الوقت و لكنه بعد أن انتهي هذا الشجار و وجد سماء تبكي قال لها ألا تبكي أبدًا فإن شاء الله لن يموتوا و سينقذوا و أن وائل فقط منفعل بسبب الخطر المحدق بهم. سماء و هي تبكي قالت أنها حزينة لأنها عرضت حياة أصدقائها للخطر ،و أنه ما كان عليها أن تسير معهم قبل أن تسلم الفلاشا للشرطة ، و فوق كل ذلك هي لم تستطع أن تجعل وائل يحب مصر بل هو يكرهها أكثر من أي وقت مضي الاّن بسبب خطأ سماء.
              يامن قال لسماء ألا تقلق و أنها لا يجب أن تحمل نفسها ذنب ما حدث لهم جميعًا و أن وائل لن يكره مصر أكثر بسبب خطئها ،فهو طوال الوقت يتحدث عن مصر هكذا و مصيره أن يجد الطريق إلي مصر و يحبها ذات يوم.
              بقت سماء تبكي و تبكي و هي تبكي سمعت صوتًا يدق علي النافذة ، قامت سماء بحذر و ذهبت نحو النافذة فوجدت ياسمين تطل عليها من أسفل النافذة. فرحت سماء جدًا و لكنها خافت علي ياسمين و سألتها كيف جاءت. ياسمين أخبرتها أن نورا سلمت الفلاشا الأصلية التي أعطتها لها سماء سرًا عندما هجم عليهم الأشرار للشرطة و أن الشرطة الاّن تحاصر المكان و ستهجم عليه و لكن يجب أن تتمكن سماء و وائل و يامن من الهرب قبل الهجوم .
          ذهبت سماء بسرعة لتخبر يامن و وائل .و حضرا معها عند النافذة حطم يامن الزجاج بحركة دائرية من قدمه و دفع وائل بسرعة من النافذة ، في ذات اللحظة فتح الباب و دخل اثنان من الأشرار قال يامن و سماء في صوت واحد لوائل أن يهرب مع ياسمين فهرب بسرعة معها.
         أخذ الشريران سماء و يامن معهما بالقوة و أخذا يضربانهما و قررا أن يقتلانهما .قالت سماء ليامن و هي تبكي أنها اّسفة ، و لكن في هذه اللحظة دخل وائل و منير و نورا و هجموا بمسدادات ماء و قارورات مليئة بالرمل علي أعين الأشرار و هذه المرة نظر الجميع لبعضهم نظرة واحدة و هربوا معًا جميعًا بينما اقتحمت الشرطة وكر الأشرار.
        عندما أمسكت الشرطة بالأشرار و شكرتهم جميعًا سألت سماء وائل لماذا جلب نورا و منير و عاد لإنقاذهم ،فقال لها أنه فعل ذلك ؛لأنه شعر أنه يحبهم حقًا و أنهم أصدقاء كانوا معًا دائمًا و دافعوا عن بعضهم حتي و إن تشاجروا معًا و غضبوا من بعضهم .فقالت سماء أن مصر أرض ،و لكنها ناس أيضًا ناس نحبهم و نحيا معهم و نتشاجر معهم و لكننا عشنا معهم و مع أرضنا عمرًا طويلاً و لهذا ندافع عنهم و عن أرضنا مهما غضبنا منهم و مهما كنا نراهم سيئين ، و نحاول دائمًا أن نصلحهم هذا هو قتالنا لأجلهم . لم يرد وائل و لم يبدوا غاضبًا أبدًا من كلام سماء بل بدا أنه يفكر بكلامها. و لأول مرة تشعر سماء أن وائل حقًا قد يحب مصر .

الجمعة، 3 مايو 2013

أن أفوز بنفسي


 ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

        قررت أن أفوز بنفسي ، قررت أن أتحدي الجميع و أفوز بي . قد يعتبرني الجميع عنيدة ، فاجرة ، و ربما مختلة عقلياً أو أخلاقياً ، و لكنني علي الأقل أمام نفسي صادقة ، و هذا يكفيني.
                المجتمع كاذب و منافق و متناقض ،لست كاملة بل داخلي تناقض قاسي ما بين قوي شديدة تمزقني ، و لكني علي الأقل أريد أن يكون تناقضي نابعاً من داخلي لا مراّة لتناقض المجتمع. أريد أن أخطأ و أصيب ، و لكن أن تكون أخطائي وخطاياي من فعلي و فكري أنا ،لا من معتقدات و أفكار المجتمع الخاطئة.
              مجتمع يتقبلني ان ارتديت ملابس محتشمة أمامه و ملابس عارية في مارينا. مجتمع يريدني أن أدخن الشيشة علي قهوة ، و يرفض أن أدخن سيجاراً في الشارع و يعتبر تدخيني في القهوة حلال و في الشارع فجر ! مجتمع لا يضايقه أن يكون لي حبيب أمسك يده في الشارع ، و علي ضفة النيل الخالد ، و لا يصدق و لا يستسيغ أن أصادق رجلاً بدون نظرة عاطفية.مجتمع قد يتهمني بالعهر ان سكنت وحدي بدون أهل أو سمحت لصديق لي أن يدخل شقتي، مجتمع يزدري فكرة أن أسهر خارج منزلي مع نساء عائلتي بدون ذكر ، و يبتلع سهري حتي الفجر لو كان الذكور العائلة معنا حتي و إن سهرنا في ملهي ليلي !
            مجتمع رغم رفضه لكل ما سبق لي ، يقبله ، و ربما يفضله لدرجة ما في الذكور.مجتمع قد يؤمن بأنصاف المتعلمين نواب برلمان و يرفض النساء استاذات الجامعة. يقبل الذكور رؤساء حتي و إن كانوا طغاة دكاترة و يزدريني و سيغتال حلمي لو فقط طرق مخيلتي أن أصير رئيسة عادلة لوطني لمجرد أن الله- عز وجل- خلقني في جسد أنثي.مجتمع يتقبل أن أكون حاكمة زوجي بالدهاء و يرفض أن تكون حياتي مع زوجي قائمة علي فهم و تعاون متكافئ.مجتمع قد يتهمني متشددوه بالكفر ؛لأني جهرت برفضي لدمج الدين بالسياسي و إيماني بالدولة العلمانية و قد يهدر دمي ؛لأني  أعلنت كفري بالدستور الديني، و  معارضتي الشديدة لتطبيق ما يسمونه (الشريعة الاسلامية).
           أنا أريد أن أصير حرة ، أريد أن أفوز بنفسي ، أريد أن أكون أنا لا مسخ و مراّة لتشوه المجتمع؛لذلك أخذت قراري أن أتحدي المجتمع و أفعل ما أؤمن بأنه صواب حتي لو رجمني المجتمع بنظراته القائلة و اغتياله النفسي ، كما فعل مع ملايين ممن لقبهم ب( المجانين) و( الفجار) و (الكفرة) من قبل.
        أرتدي ملابس لا تناسب مجتمع منتقب، و قد يعتبرها المجتمع عارية ؛لكي لا أكون متناقضة تماماًَ ما بين ملابسي في الساحل و ملابسي في القاهرة، مادمت سأرتدي ثياباً عارية في المصيف فلن أكون منافقة و أخشي المجتمع أكثر مما أخشي الله و أرتدي المحتشم لمنافقته.أرتدي ملابس فرعونية و جلاليب إسلامية التصميم ؛لأني أؤمن بأن هذه هويتي و لا أبالي بالسخرية التي ألقاها أحياناً في الشارع ممن يقبلون أن يرتدوا الجينز الأمريكي و يستغربون ارتداء الزي الفرعوني.لدي أصدقاء فتيان –ولو أنهم ليسوا قريبين مني جداً بسبب تفرقنا في المدرسة- و لكني أعتبرهم إخوتي و أقربهم مني و لا أبالي إن ظن من حولي أنه تجمعني بهم علاقة عاطفية. لا أسهر ليلاً ؛لأن هذا خطر علي صحتي لا ؛لأن المجتمع لا يحب ذلك ، و عندما أسهر أكون برفقة أمي فقط بدون أي ذكر من العائلة. أرفض أن يكون لي علاقة عاطفية بفتي ؛لأنني أقدس قيمة الحب و أرفض أن أرتبط عاطفياً بأحد إن لم أحبه حباً حقيقياً ، رغم أن المجتمع لا يعارض هذا الاّن.
        مرتبطة بديني ؛لأني أؤمن به حقاً، لا ؛لأني ولدت مسلمة ،أو لأن المجتمع يريدني متدينة .أرفض أن أخالف القوانين ، حتي والمجتمع يعشق خرقها ؛لأن هذا ضد مبادئي. كان يكهرني زملائي ؛لأني أرفض أن أغششهم في الامتحان ؛رغم أن هذه ثقافة المجتمع ، و لا يعتبرها خطيئة ؛لأن الغش بالنسبة إليَ بيع شرف مقابل حفنة درجات.أجاهر برأيي السياسي ، و أعلن  في مقالاتي و في كل حوار بين عائلتي أو أصدقائي أو في مدرستي برفضي لربط الدين بالسياسة بأي طريقة ، و رفضي لكل الأحزاب الدينية التي ترتدي رداء المدنية و التي تشهر كفرها بالمدنية و تكفيرها للعلمانية ، حتي و إن كانت هذه الأحزاب هي الأغلبية الكاسحة .لا أخشي في جهري بأفكاري السياسية الاتهام بالكفرو لا الاجتماعية الاتهام بالفجر.  ربما لست ذات قيمة الاّن و ليس لرأيي ثقل ، و لكني أثق أنه سيزن جبالاً ذات يوم و يهز أوطاناً ، و هذا حلمي و إيماني ، و عندما يأتي هذا اليوم لن أغير أفكاري إلا ان أقتنعت بزيفها أياً كان الثمن و أياً كانت الخسارة.
           هذا المقال قد يبدو عني و لكنه رسالة و رجاء لكل من يقرأه أو تقرأه أن يفكر أو تفكر من جديد ، و تختار أو يختار أن يكون أو تكون نفسه أو نفسها و أن يفوز أو تفوز بالنفس حتي لو خسر أو خسرت العالم. إنني أدعو للتمرد ، للجنون ، للحرية المسئولة ، أن يختار كل انسان خطاياه و حساناته بنفسه لا بما يمليه المجتمع.