( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
طوال سنين الدراسة تحرص وزارة التربية و
التعليم علي تكرار الدروس، بنفس العناوين و نفس الأفكار ،و بالكاد باختلاف طفيف في
الأسلوب.و تلوي أزرع الطلاب قاهرة إرادتهم و مجبرة إياهم أن يكتبوا نفس المواضيع
المكررة بنفس الطريقة في التعابير.
الوزارة تكرر
موضوع (الصداقة) بحجة حماية الطلاب من صحبة السوء ، و موضوع (البيئة )؛ لتعلمهم
الحفاظ عليها ، و مؤخراً ( الوحدة الوطنية ) بمناسبة الأحداث المكررة الدموية ، و
(الثورة ) دخلت علي الخط أيضاً في العامين
الماضين .ما الخطأ في هذا ؟ ما المشكلة في تكرير الموضوعات ذاتها في التعبير و
القراءة و الدين ؟ ما العيب في أن نربي النشئ و نلقنه تلقيناً ؟ لن أجادل التلقين
الاّن و التكرار بل سأضحض مفهوماً اّخراً نسقيه للطلاب منذ نعومة أظافرهم.سأجادل
فكرة (غرس الكذب).
نحن نغرس
الكذب عند النشئ عندما نجبرهم علي أن يكتبوا لنا أراءنا بأسلوبهم.نحولهم إلي كتبة
و ملخصين لا مبدعين.نفرض عليهم الكتابة في الموضوعات التي نشاء ، من وجهة النظر
التي نريد ، بالأفكار و الأراء التي نتبني.الطالب/ة مجبر/ة علي رفض صديق السوء ، و
تعديد عيوب صحبة الفاسدين ، حتي إن كان أصدقاؤه/ا من أصحاب السوء .الطالب/ة مضطر/ة
أن يكتب ضد الفتنة الطائفية و يرفع شعار (الوحدة الوطنية) حتي و إن كان هو/هي و
عائلته/ا و مدرسوه/ا متشددون يرفضون المتدينيين بدين اّخر( يطلب منه/ا المعلم
المتشدد الكذب علي الورقة و التحدث عن التسامح الديني).الطالب/ة –رغم عن أنفه/ا- يكتب/تكتب
موضوعاً عن إنجازات الثورة حتي و إن كان/ت منكراً/ة لها.الطالب/ة مقهور/ة الرأي يكتب/ تكتب عن
مزايا الفتوحات و الغزوات حتي و إن كان/ة مؤمناً/ة بأنها احتلال.الطالب/ة يفترض به/ا
أن يعدد / تعدد في مزايا الثورات و الحكام الذين يزدريهم/ تزدريهم.
لماذا نصر
علي أن نغرس الكذب داخل النشئ؟ لماذا نعلمهم بيع مبادئهم صغاراً؟ نجعلهم يتنازلون
عن أفكارهم و يكتبون ضدها لأجل درجة نجاح أو تفوق؟ لا يوجد سؤال عندنا يبدأ ب(هل
أنت مع أوضد) و حتي هذا النوع من الأسئلة إن وجد يكون تقيمه للطالب/ة قائماً علي إجابة
السؤال لا علي الحجج التي تدعم الإجابة.لا يحق للطالب/ة أن يكون رأيه/ا ضد أراء
واضع الامتحان.الكارثة التي ذكرتها في مقال سابق هي تربية ثقافة القهر ، و لكن
الكارثة الأعمق هي زرع بذور الكذب و النفاق و الرشوة. إذا تعود/ت الطالب /ة
علي بيع المبادئ و الكتابة عكس الإيمان
لأجل درجة ، في الغد سنراه/ا موظف/ة
مرتشي/ة لأجل المال .
( غرس
الكذب) عند النشيء تدمير لضميرهم ، و إيمانهم بمبادئهم ، و صناعة خسيسة لمرتشي
المستقبل، ان عودناهم اليوم علي مخادعتنا بذكر أرائنا و أفكارنا كما نريدها لأجل
أن يحصلوا منا علي تقدير زائف ، لا يجب أن نلوم إلا أنفسنا عندما نراهم يكتبون
باطلاً لأجل إرضاء حاكم ذات يوم ، أو يبيعون شرفهم بالمال لراشي أو ينافقون مديراً
لأجل ترقية ،نحن من نعلمهم بيع كلمتهم ، و من يبيع كلمته ، لن يغلو عليه بيع أي
عزيز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق