الثلاثاء، 11 يونيو 2013

غرس الكذب

         ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

      طوال سنين الدراسة تحرص وزارة التربية و التعليم علي تكرار الدروس، بنفس العناوين و نفس الأفكار ،و بالكاد باختلاف طفيف في الأسلوب.و تلوي أزرع الطلاب قاهرة إرادتهم و مجبرة إياهم أن يكتبوا نفس المواضيع المكررة بنفس الطريقة في التعابير.
    الوزارة تكرر موضوع (الصداقة) بحجة حماية الطلاب من صحبة السوء ، و موضوع (البيئة )؛ لتعلمهم الحفاظ عليها ، و مؤخراً ( الوحدة الوطنية ) بمناسبة الأحداث المكررة الدموية ، و (الثورة ) دخلت علي الخط  أيضاً في العامين الماضين .ما الخطأ في هذا ؟ ما المشكلة في تكرير الموضوعات ذاتها في التعبير و القراءة و الدين ؟ ما العيب في أن نربي النشئ و نلقنه تلقيناً ؟ لن أجادل التلقين الاّن و التكرار بل سأضحض مفهوماً اّخراً نسقيه للطلاب منذ نعومة أظافرهم.سأجادل فكرة (غرس الكذب).
       نحن نغرس الكذب عند النشئ عندما نجبرهم علي أن يكتبوا لنا أراءنا بأسلوبهم.نحولهم إلي كتبة و ملخصين لا مبدعين.نفرض عليهم الكتابة في الموضوعات التي نشاء ، من وجهة النظر التي نريد ، بالأفكار و الأراء التي نتبني.الطالب/ة مجبر/ة علي رفض صديق السوء ، و تعديد عيوب صحبة الفاسدين ، حتي إن كان أصدقاؤه/ا من أصحاب السوء .الطالب/ة مضطر/ة أن يكتب ضد الفتنة الطائفية و يرفع شعار (الوحدة الوطنية) حتي و إن كان هو/هي و عائلته/ا و مدرسوه/ا متشددون يرفضون المتدينيين بدين اّخر( يطلب منه/ا المعلم المتشدد الكذب علي الورقة و التحدث عن التسامح الديني).الطالب/ة –رغم عن أنفه/ا- يكتب/تكتب موضوعاً عن إنجازات الثورة حتي و إن كان/ت منكراً/ة  لها.الطالب/ة مقهور/ة الرأي يكتب/ تكتب عن مزايا الفتوحات و الغزوات حتي و إن كان/ة مؤمناً/ة بأنها احتلال.الطالب/ة يفترض به/ا أن يعدد / تعدد في مزايا الثورات و الحكام الذين يزدريهم/ تزدريهم.
     لماذا نصر علي أن نغرس الكذب داخل النشئ؟ لماذا نعلمهم بيع مبادئهم صغاراً؟ نجعلهم يتنازلون عن أفكارهم و يكتبون ضدها لأجل درجة نجاح أو تفوق؟ لا يوجد سؤال عندنا يبدأ ب(هل أنت مع أوضد) و حتي هذا النوع من الأسئلة إن وجد يكون تقيمه للطالب/ة قائماً علي إجابة السؤال لا علي الحجج التي تدعم الإجابة.لا يحق للطالب/ة أن يكون رأيه/ا ضد أراء واضع الامتحان.الكارثة التي ذكرتها في مقال سابق هي تربية ثقافة القهر ، و لكن الكارثة الأعمق هي زرع بذور الكذب و النفاق و الرشوة. إذا تعود/ت الطالب /ة علي  بيع المبادئ و الكتابة عكس الإيمان لأجل درجة ، في الغد  سنراه/ا موظف/ة مرتشي/ة لأجل المال .
        ( غرس الكذب) عند النشيء تدمير لضميرهم ، و إيمانهم بمبادئهم ، و صناعة خسيسة لمرتشي المستقبل، ان عودناهم اليوم علي مخادعتنا بذكر أرائنا و أفكارنا كما نريدها لأجل أن يحصلوا منا علي تقدير زائف ، لا يجب أن نلوم إلا أنفسنا عندما نراهم يكتبون باطلاً لأجل إرضاء حاكم ذات يوم ، أو يبيعون شرفهم بالمال لراشي أو ينافقون مديراً لأجل ترقية ،نحن من نعلمهم بيع كلمتهم ، و من يبيع كلمته ، لن يغلو عليه بيع أي عزيز.
         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق