( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
هناك دمج كبير بين مفهومي " العدالة
" و "الانتقام" ، برغم أنهما ليسا أبدًا مترادفين ، و ليسا حتي مرتبطين.هناك كثيرون
يؤمنون بأن " العدالة" بسموها ليست سوي تحقيق ل" الانتقام" ،
و أن "الانتقام" ذاته هو المفضي إلي "العدالة".و هذا طبعًا
منطق كارثي ،هو منشأ فكرة "الثأر" الهمجية ،و هو الطريقة التي يبرر بها
أغلب المجرمين جرائمهم.
"العدالة" قيمة من أسمي و أرقي القيم
الإنسانية. "العدل" قيمة عاجزة مقارنة ب "العدالة" ؛لأن
"العدالة" مزيج من "العدل" و "الحكمة" و
"الرحمة"."الانتقام" رغبة بشرية في رد الألم لصاحبه و حسب . أؤمن
أن من الخطأ الشديد الخلط بين قيمة و رغبة بشرية ،ليسا بالضرورة يفديان لبعضهما.
هناك من
يجادلون أن "العدالة" ليست سوي ضامن و ضابط شرعي للانتقام.و لكن إن كان
ذلك صحيحًا ، فهذا يعني أن "العدالة" تؤدي ل"الانتقام" المنضبط
،و أن "الانتقام" هو جزء من "العدالة"، فهل هذا هو الصواب ؟
لا،ليس
أبدًا ذلك صوابًا. قد يكون "الانتقام" هو خام "الإجحاف" و قد
يكون "التسامح" جوهر "العدالة".عندما يثأر إنسان من شخص قتل
والده مثلاً فيقتل ابنته ،ليحرق قلب الرجل كما أحرق الرجل قلبه ، فهذا
"انتقام" ، و لكن هل هذا يسمي
"عدالة" ؟ إنه أدني دركات " الظلم" ؛لأن إنسانة بريئة أخذت
بذنبٍِ لم ترتكبه. عندما ينتقم فقير لا يجد قوت يومه من مجتمعٍ ظالم لا يكفل له
حقه في "العدالة" الاجتماعية ،فيسرق بنكًا و يأخذ أموال أناسٍ ربما منهم
من يعطي الفقراء و يحارب ؛لأجل إنصافهم ، هل ما فعله يسمي "عدالة"؟ عندما تزيح ثورة أو انقلاب نظام مستبد ظالم كما
حدث في ثورات عدة مثل "البلشيفية" و "الفرنسية" ثم تعدم كل من
مت ل "النظام" بقرابة حتي قرابة الدم بدون أي محاكمة عادلة ،هل هذا
الثأر الثوري المجتمعي هو "عدالة" ؟
و من
ناحية أخري قد يكون "التسامح" مفهومًا أشمل ل"العدالة".الحدث
الصغير الذي لم يجد رغيفًا يأكله ، ووجد نفسه ملقًا في الشارع بلا أهل ،و تعرض
للذل و الإهانات و ربما التحرشات و حتي الاغتصاب ،ثم سرق ليأكل ،أو اعتدي علي شخصٍ
اّخر ليأخذ منه ثمنًا يحميه الضرب و الإهانة من مرؤوسيه الذي لا يملكون ذرة
إنسانية ، هل " العدالة " للمجتمع هي في سجن هذا الطفل و تحوليه إلي
مجرمٍ عتي الإجرام داخل السجن لتحقيق مبدأ "الانتقام" المجتمعي من فعلته
،أم "الرحمة" و ” التسامح" و إعادة تأهليه و إعطائه حقوقه علي
المجتمع؛ ليصير إنسانًا صالحًا في مجتمعه قادرًا علي تعويض ما حطمه هو جوهر
"العدالة" ؟
"العدالة" هي رد الحقوق لأصحابها بال" عدل" و
"الرحمة"و "الحكمة". و هذا ليس بالضرورة يعني أن
"العدالة" هي "الانتقام" هما ليسا أبدًا واحدًا ، و
"العدالة " هي أبدًا " الأسمي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق