الجمعة، 28 يونيو 2013

العدالة و الانتقام

    ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).

   هناك دمج كبير بين مفهومي " العدالة " و "الانتقام" ، برغم أنهما ليسا أبدًا  مترادفين ، و ليسا حتي مرتبطين.هناك كثيرون يؤمنون بأن " العدالة" بسموها ليست سوي تحقيق ل" الانتقام" ، و أن "الانتقام" ذاته هو المفضي إلي "العدالة".و هذا طبعًا منطق كارثي ،هو منشأ فكرة "الثأر" الهمجية ،و هو الطريقة التي يبرر بها أغلب المجرمين جرائمهم.
       "العدالة" قيمة من أسمي و أرقي القيم الإنسانية. "العدل" قيمة عاجزة مقارنة ب "العدالة" ؛لأن "العدالة" مزيج من "العدل" و "الحكمة" و "الرحمة"."الانتقام" رغبة بشرية في رد الألم لصاحبه و حسب . أؤمن أن من الخطأ الشديد الخلط بين قيمة و رغبة بشرية ،ليسا بالضرورة يفديان لبعضهما.
         هناك من يجادلون أن "العدالة" ليست سوي ضامن و ضابط شرعي للانتقام.و لكن إن كان ذلك صحيحًا ، فهذا يعني أن "العدالة" تؤدي ل"الانتقام" المنضبط ،و أن "الانتقام" هو جزء من "العدالة"، فهل هذا هو الصواب ؟
          لا،ليس أبدًا ذلك صوابًا. قد يكون "الانتقام" هو خام "الإجحاف" و قد يكون "التسامح" جوهر "العدالة".عندما يثأر إنسان من شخص قتل والده مثلاً فيقتل ابنته ،ليحرق قلب الرجل كما أحرق الرجل قلبه ، فهذا "انتقام" ، و لكن هل هذا  يسمي "عدالة" ؟ إنه أدني دركات " الظلم" ؛لأن إنسانة بريئة أخذت بذنبٍِ لم ترتكبه. عندما ينتقم فقير لا يجد قوت يومه من مجتمعٍ ظالم لا يكفل له حقه في "العدالة" الاجتماعية ،فيسرق بنكًا و يأخذ أموال أناسٍ ربما منهم من يعطي الفقراء و يحارب ؛لأجل إنصافهم ، هل ما فعله يسمي "عدالة"؟  عندما تزيح ثورة أو انقلاب نظام مستبد ظالم كما حدث في ثورات عدة مثل "البلشيفية" و "الفرنسية" ثم تعدم كل من مت ل "النظام" بقرابة حتي قرابة الدم بدون أي محاكمة عادلة ،هل هذا الثأر الثوري المجتمعي هو "عدالة" ؟
            و من ناحية أخري قد يكون "التسامح" مفهومًا أشمل ل"العدالة".الحدث الصغير الذي لم يجد رغيفًا يأكله ، ووجد نفسه ملقًا في الشارع بلا أهل ،و تعرض للذل و الإهانات و ربما التحرشات و حتي الاغتصاب ،ثم سرق ليأكل ،أو اعتدي علي شخصٍ اّخر ليأخذ منه ثمنًا يحميه الضرب و الإهانة من مرؤوسيه الذي لا يملكون ذرة إنسانية ، هل " العدالة " للمجتمع هي في سجن هذا الطفل و تحوليه إلي مجرمٍ عتي الإجرام داخل السجن لتحقيق مبدأ "الانتقام" المجتمعي من فعلته ،أم "الرحمة" و ” التسامح" و إعادة تأهليه و إعطائه حقوقه علي المجتمع؛ ليصير إنسانًا صالحًا في مجتمعه قادرًا علي تعويض ما حطمه هو جوهر "العدالة" ؟

          "العدالة" هي رد الحقوق لأصحابها بال" عدل" و "الرحمة"و "الحكمة". و هذا ليس بالضرورة يعني أن "العدالة" هي "الانتقام" هما ليسا أبدًا واحدًا ، و "العدالة " هي أبدًا " الأسمي".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق