السبت، 12 ديسمبر 2015

إلم ندافع الاّن فلأشرف أن نعتزل الكتابة إلي الأبد.

   (هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).

    منذ فترة طويلة ابتعدت عن قلمي. قرار واعٍ، نابع من أسباب عميقة و تراكمات ألم. أردت الابتعاد حتي أخفف عن نفسي الضغط، و الألم. أردت أن أرحم نفسي التي عذبتها معي في قتالي، نفسي التي تستحق مني الرحمة، نفسي التي عندما تنفجر، و تنتقم، تعرف كيف ترديني أرضًا. أردت ألا أظلمها أكثر، قابتعدت.

    ابتعدت كذلك؛ لأنني أردت أن أتغير، و أغير أسلوب كتابتي. ابتعدت؛ لأنني عدت أشعر أننا صحنا كثيرًا، و قلنا كل ما يمكن أن يقال، و لا تؤثر كلماتنا الاّن. لا أحد يريد أن يسمع/تسمع.

       و ابتعدت؛ لأنني تعبت، تعبت بعمق.

      لكنني الاّن يجب أن أكتب، إلم أكتب الاّن، فسأكون قد خنت أهم مباديء قلمي. إلم أكتب الأّن، فربما من الشرف أن أعتزل الكتابة للأبد. إلم أدافع عن حرية القلم، فلا يحق لي حمله. شرف القلم حريته، و إلم أدافع عن حريته، سأتنازل عن شرفه، و إن تنازلت عن شرفه، لا أملك شيئًا من شرف حمله.

       ما يحدث الاّن مع أحمد ناجي تهديد لكل قلم. كل كاتب/ة يصمت/تصمت عما يحدث مع أحمد ناجي مهدد/ة أن يأتي يوم، و يقصف قلمه/ا، مهدد/ة أن يلقي/تلقي السجن  عقوبة لكلمة حررها قلمه/ا. أحمد ناجي مهدد بالسجن (هو و طارق طاهر رئيس تحرير مجلة الأدب) لنشره فصلاً من روايته  بمجلة الأدب. لم يعجب الفصل أحد القراء، فبكل بساطة قدم بلاغًا ضد أحمد ناجي و لقي بلاغه إهتمامًا أمنيًا، و اليوم كانت محاكمة أحمد ناجي و طارق طاهر بتهمة "خدش الحياء العام"، و يوم 2 يناير الحكم في القضية.

        تهمة "خدش الحياء العام" تهمة مطاطة؛ لأن "الحياء العام" مفهوم مطاط و نسبي. يمكن بكل بساطة أن يعتقل أي كاتب/ة بهذه التهمة، و يجد نفسه/ا في السجن بسبب عمل أدبي حر. لا يمكن لأديب/ة أن يظن/تظن نفسه/ا محصن/ة من هذه التهمة بحجة إلتزامه/ا ب"الأخلاقيات العامة"، ف"الأخلاقيات العامة" أيضًا مفهوم مطاط و نسبي، و يمكن لأحد القراء رؤية عمل أي كاتب/ة كعمل فاجر أو خادش للحياء أو داعٍ للفتنة، و بموجب تهمة "خدش الحياء العام"، يمكن أن يجد أي كاتب/ة نفسه/ا في السجن، لأنه/ا لم يرضِ/ترضِ ذوق أحد القراء. هذا تهديد عنيف لحرية القلم. هذه جلدة تهدف لارتعاش الأقلام. كل كاتب/ة قد يخاف/تخاف انتقاد الأفكار الدينية أو الاجتماعية بشكل مباشر، و صريح خشية الملاحقة القضائية.

        إن صمتنا الاّن عما يحدث مع أحمد ناجي، فسنخاف جميعًا غدًأ الكلمة حتي المتخيلة، و الأشرف لنا أن نعتزل الاّن عن رؤية ذلك اليوم.

           الكتابة جزء عميق مني، مهما طال بعدي عنه، سأعود إليه ذات يوم. مهما طال بعدي عن قلمي أعود. و لن أسمح لنفسي أن أخسر احترامي أمام نفسي، أو صدقي مع قلمي. و الأشرف، و الأصدق مع قلمي إن صمت علي قهر حريته أن أتركه. و ما دمت أتمسك بقلمي كجزء من روحي، و مادمت أتمسك بشرفه، فلن أصمت.عن حريته. لن أصمت عن حق كل كاتب/ة في التعبير عن رأيته/ا، و لا في تحدي المجتمع بنقد الواقع أو بالخيال.

          لأجل شرف القلم، أدافع عن أحمد ناجي. لأجل شرف القلم يجب أن نقاتل حتي النهاية دفاعًا عن حرية القلم أو لنحترمه و نتركه للأبد.

           أحب القلم،
           اخترت القتال.

http://albedaiah.com/news/2015/10/31/99467


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق