الثلاثاء، 17 مايو 2016

المثلي/ة كإنسان/ة-اليوم العالمي ضد رهاب المثلية

     (هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).

    الإنسانية تعني أن تري الإنسان/ة كإنسان/ة بغض النظر عن أي صفة فيه/ا. الإنسانية تعني أن تكون هوية الإنسان كإنسان مستقلة تمامًا عن أي صفة أخري يتصف بها. الإنسانية تقتضي أن تكون حقوق الإنسان/ة كإنسان/ة مستحقة له/ا بغض النظر عن أي صفة شخصية لذلك/تلك الإنسان/ة. كثيرون يقبلون حقوق الإنسان، لكن عندما يتطرق الأمر لشخص يحمل هوية يختلفون معها، يخونون مبادءهم الإنسانية، و يحرمون ذلك الشخص من حقوقه، و حرياته الأساسية. حينها لا يرونه كإنسان بل يرونه كمجرد فكرة أو هوية واحدة يرفضونها، و يريدون محاربتها، و يحاربون الإنسان في حربهم لها.
         المثلية فكرة كأي فكرة أخري، هناك من يرفضونها، و هناك من يقبلونها، هناك مجتمعات و لحظات تاريخية قبلت فيها، و مجتمعات،و لحظات تاريخية أخري رفضت فيها. و دائمًا يدفع/تدفع الإنسان/ة المثلي/ة ثمن تغيير المجتمع، و الأفراد مع أو ضد الفكرة. المثلي/ة الذي/التي عاش/ت في العصر العباسي الذي قبلت فيه المثلية، لم يضطر/تضطر إلي دفع ثمن اجتماعي و سياسي باهظ لجزء صغير من هويته/ا كالذي/التي يعيش/تعيش في هذه اللحظة التاريخية بالعالم العربي. المثلي/ة الذي/التي يعيش/تعيش في السودان أو أوغندا، يدفع/تدفع ثمنًا غاليًا مقارنة بالمثلي/ة الذي/التي قدر له/ا أن يولد/تولد بالنرويج مثلاً. الأزمة أن الإنسان يدفع ثمن رفض المجتمع لفكرة تشكل جزءًا ضئيلاً جدًا من هويته/ا.
            الأزمة الحقيقية هي النظرة للإنسان/ة علي أنه/ا تجسد لفكرة مرفوضة، لا كإنسان/ة من لحم، و دم له/ا حقوق إنسانية كأي إنسان/ة اّخر/ي. المثلي/ة يبرر المجتمع قمعه، و تعذيبه، و رفضه، و حتي سجنه، و اغتصابه؛ لأن المجتمع يراه تجسدًا لفكرة يرفضها. المجتمع المزدوج يعامل المثلية بشكل مختلفة عن المثلي (و لا يعني ذلك أن اضطهاده لها أقل)، لكن يعني فقط أنه يعذبها بطريقة مختلفة؛ لأنه ينظر لها كمصدر شهوة، و لذة، و إثارة.
   حقوق الإنسان/ة يجب أن تكون مستقلة عن ما يمثله/تمثله الإنسان/ة من أفكار. حقوق الإنسان مصدرها الأول قيمة الإنسان كإنسان. سواءًا كانت المثلية صحيحة أو خاطئة، فذلك لا علاقة له البتة بحقوق الإنسان/ة المثلي/ة؛ لأن حقوق المثلي/ة لا تستمد من جزء صغير، و تافه من هويته/ا (الميل الجنسي) إنما تستمد من كونه/ا إنسان/ة. و الإعتداء علي حقوق المثلي/ة ليس اعتداءًا علي حقوق مثلي/ة إنما هو اعتداء علي حقوق إنسان/ة.
          حتي إن كنت تري/ن أن المثلية خطأ أو خطيئة، و المثلي/ة مخطيء/ة أو اّثم/ة، فهذا لا يعطيك حق سلبه/ا حقوقه/ا و حرياته/ا كإنسان/ة؛ لأن أساس هذه الحقوق و الحريات هي إنسانيته/ا،و عندما تفقده/ا حرياته/ا، و حقوقه/ا تصير/ين أنت المعتدي/ة؛ لأنك تعتدي/ن علي حقوق إنسان/ة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق