(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
أرهقت من هذا المجتمع وقذارته، وقسوته؛
يلومني أنني أغضب، وأثور، ولا أصمت، ولا يلوم نفسه أبدًا علي ما يفعله بي أو بمن
أحب. سئمت هذا المجتمع، وجرائمه تجاهي، وتجاه كل من أحببتهم في حياتي لأسباب
مختلفة، وأثور أكثر لشعوري أن المجتمع يلومني، ويسخر مني، ويضحك من غضبي، وهي لا
يدرك للحظة حجم الألم، والتعذيب الذي يعرضني، ويعرض من أحب له. أنا أحارب هذا
المجتمع، وأحاول أن أعالج الاّلام التي يجرحها لمن أحب؛ لذلك أحيا، ولذلك أكتب.
لدي
أصدقاء الاّن في مصحات ل"العلاج" النفسي؛ لأن أهلهم أجبروهم علي
"العلاج" من المثلية. أنا لا استطيع أن أصل إليهم، لكنني غاضبة، وثائرة،
وموجوعة، وخائفة. أعرف ما هو "العلاج" المدعي الذي يجبر المجتمع
المثليين علي معاناته –رغم أنه ممنوع طبيًا في كثير من دول العالم، و مرفوض
علميًا-. أعلم أن المصحات التي أجبر أصدقائي –ككثير من المثليين- دخولها، تستخدم
هذا التعذيب لأجل إجبارهم علي تغيير ميلهم الجنسي، رغم أن هذا التعذيب مشكوك فيه
تمامًا، ولا يوجد إجماع أو حتي غالبية طبية تؤيد نجاحه عالميًا. إنهم يتبعون طريقة
علاج ابتدعها طبيب نفسي في منتصف القرن التاسع عشر، وشكك تمامًا في نتائجه، وإتضح
أنه زورها! علاوة علي أنها طريقة علاج غير أخلاقية، وإجرامية تعتبر شكل من أشكال
التعذيب البدني، والنفسي للمثليين، وينتج عنها تدهور الحالة النفسية، والاكتئاب،
وفي حالات نادرة الانتحار.
"العلاج" المدعي للمثلية يقوم علي أساس إعطاء المثلي مخدر يجعله
في حالة بين الوعي و اللاوعي ثم عرض صورة مثلية مثيرة، وإعطاؤه مع مشاهدتها دواء
يسبب القيء، فيربط المثلي في لاوعيه المثلية بالقيء، فيشعر بالاشمئزاز من المثلية.
هذه هي طريقة "العلاج" في المرة الأولي، أما في المرة الثانية، فبدلاً
من إعطاء المثلي الدواء للقيء تتم كهربته بعنف، و تعذيبه أثناء مشاهدته لمشاهد
مثلية مثيرة؛ ليرتبط بين الألم، والتعذيب، والمثلية. نتيجة هذا التعذيب، يدخل
المثلي في حالة اكتئاب حادة، وربما يتسبب له الأمر في بعض الأمراض النفسية الأخري،
وربما يصل الأمر للانتحار. و لا يؤدي هذا "العلاج" المدعي لأي نتائج
علمية يعتد بها من تغيير الميل الجنسي؛ فهو يؤدي فقط لتنفير المثلي من الجنس لفترة
قصيرة بعد التعذيب، ويعود بعدها لسابق عهده.
هذا
التعذيب ممنوع في كثير من دول العالم، لكنه مسموح به، بل ومشجع في مصر، وكثير من
الأهالي يجبرون أبناءهم عليه دون رحمة؛ لأن هذا المجتمع القذر لا يبالي بتعذيب المثليين
بل يفرح له، ويتلذذ به. كل ما يهم هذا المجتمع أن تكون العلاقة الجنسية بين قضيب،
ومهبل بحيث يثبت الذكر ذكورته بخرق مهبل الأنثي. كل ما يهم هذا المجتمع أن يحمي أفكاره
الاجتماعية، ومنظومته الذكورية، وثوابته الدينية، لكن طبعًا لا يبالي أبدًا بتعذيب
البشر. أفكار المجتمع الذكورية القذرة المنحطة، وعاداته وتقاليده الاجتماعية،
وثوابته الدينية هي ما يهمه، أما الإنسانية فلا تساوي شيئًا.
أنا الاّن في حالة ثورة، واشمئزاز من مجتمع قذر،
وخوف شديد علي من أحب، وهم سجني بين أنيابه، وأرتعب من فكرة أنه يهشمهم، ويتلذذ بتعذيبهم
في كل لحظة. إدعوا الله أن يحفظهم من أنيابه، صوا لهم؛ لأنني عاجزة عن إنقاذهم،
عاجزة أمام قذارة، وقسوة المجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق