الأحد، 1 يناير 2017

أنظر في المراّة

         (هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).

         أنت تفرض/ين ما هو صواب لك؛ أليس كذلك؟
         أنت تريد/ين أن تجعل/ين الاّخرين مثلك أويخضعون لما تؤمن/ين أنه صواب أوعلي الأقل لا يظهرون اختلافهم أمامك؛ أليس كذلك؟
          أنت تؤمن/ين أن الحقيقة واحدة مطلقة وأنك تملكها/تملكينها، وأنك يحق لك أن تفرض/ي هذه الحقيقة قسرًا وقهرًا علي الاّخرين؛ أليس كذلك؟
           أنت ديكتاتور/ة تؤمن/ين أن معك حق فرض قناعاتك علي الاّخرين؛ ما دمت أنت المحق/ة؛ أليس كذلك؟
            أنت مزدوج/ة ومنافق/ة تريد/ين للناس أن يبدوا أمامك بشكل مناسب لقناعاتك حتي وإن فتحت لهم بابًا خلفيًا يمارسون فيه كل ما يخالف قناعاتك ما دام الباب خلفك، و تستطيع/ين أن تتظاهر/ي أنك لا تراه/ترينه؛ أليس كذلك؟
           إن قلت أنك لست كذلك؛ فدع/ي المراّة، تأخذ فرصتها لتريك/ي مشاهد منك، تؤكد لك الصورة التي تظهر فيها.
           أنت تقول/ين أنك ضد داعش، وأفكارها الداعشية الإرهابية؛ فهل أنت مختلف/ة؟
            هل لن تضرب/ي أو تنكل/ي بملحد/ة إن سمعت كلامه/ا أمامك أو تبلغ/ين الشرطة عنه/ا أو علي الأقل تصفق/ين للشرطة إن ألقت القبض عليه/ا؛ لتخلصك من المختلفين عنك دينيًا، والذين يدعون أن إلهك غير موجود؟
           ألن تقول/ي عن المتحولة جنسيًا من ذكر لأنثي أنها ذكر مخنث يستحق القتل أو فرض الرجولة بالقوة عليه؟ ألن تؤيد/ي التعقيدات الموضوعة أمام أي متحولة لإتمام تحولها؟ ألا تنفر/ين منها أو حتي تضربها/تضربينها أو تنكل/ي بها إن علمت جنسها السابق؟ ألن تؤيد/ين الداخيلة ضدها وهي تعتقلها لارتداء ملابس أنثي أو ترفض تغيير الجنس لها في البطاقة ضد إرادة الأطباء؟
            ألن تحبس/ي ابنتك إن أحبت مسيحيًا، وتضربها/تضربينها، وتربيها/تربينها وتحاول/ين قتل المسيحي أو تأديبه، وإشعال الفتنة في منطقتك؛ لأن فردًا من قبيلة معادية كاد أن يمس فرج ابنتك؟
           ألن تدافع -بل ربما- تنفذ أنت حكم الإعدام، وحتي الاغتصاب علي مثلي إن علمت ميله الجنسي؟ وإن كنت "مثقفًا" ستقول أنه "مريض نفسي"، و يجب فرض العلاج عليه؟
           ألن تنظر/ي باحتقار لامرأة ترتدي ملابس لا تعجبك في الشارع أو تتصرف مع ذكر بطريقة تراها/ترينها فاجرة؟
           ستقول/ين لي في كل ذلك أن معك الحق، وأن كل هؤلاء يختلفون عن عادات وتقاليد المجتمع الشرقي، و تعاليم الإسلام، وقد يكون مصيرهم النار، ومصر دولة إسلامية، بأغلبية مسلمة. لن أتناقش معك في ذلك لكن دعني/دعيني أسألك سؤالاً.
            هل تؤيد/ين منع الحجاب أو الاّذان في أي دولة أوروبية؟
            هل تؤيد/ين حرية نشر الرسومات المسيئة للرسول؟
             إن كانت إجابتك بلا، فأنت مزدوج/ة منافق/ة؛ لأن هذه الدولة بأغلبية غير مسلمة، وتؤمن بعادات وتقاليد تعتبر الحجاب، و الاّذان شيء يناقض مبادئها. وإن كانت إجابتك بنعم فأنت تؤمن/ين أن الحق قوامه قوة الأغلبية، وهي فكرة ستجعل الحق الذي تؤمن/ين به مصدره ليس الإسلام أو المباديء التي تؤمن/ين بها، إنما مصدره امتلاكك للأغلبية.
             أريد أن أؤكد لك شيئًا اّخر، أنت منافق/ة فيه.
             أنت تفتح/ين الباب الخلفي لكل ما تريد/ين طمسه في مواجهتك.
             ألا تسمح/ين لابنتك بإحضار صديقتها للمنزل، والبقاء معها في غرفة مغلقة لوقت طويل؟ ألا تحضري/ين بنفسك لابنتك امرأة تساعدها في إزالة شعر جسدها نصف عارًا، وهما وحدهما؟ ألا تسمح/ين لابنك أن يمضي وقتًا طويلاً في بيت صديقه للمذاكرة؟
            ألا تسمح/ين لكل شخص بأن يفكر سرًا في الله-عزوجل- كما يشاء، و يقول ما يشاء بصوت منخفض مع مجموعات مغلقة، طالما لا ينشر أفكاره بأي طريق حتي الشبكة العنكبوتية؟
             ألا تسمح/ين لمن حولك أن يتركوا الصلاة ماداموا يصلون الجمعة بالجامع؟
             ألا تسمح/ين للناس بالإفطار في رمضان ماداموا لا يجهرون أمام الاّخرين؟
             ألن تتسامح مع خطأ لابنتك أو لزوجتك ما دام غشاء البكارة "الدليل الظاهر" سليم، و مادامت لا تعلم أنك تعرف عن علاقاتها؟
            ألن تتغاضي عن متحولة جنسيًا إن كانت تمارس أنوثتها في غرفتها المغلقة؟
            لا أريد أن أطيل أكثر، فقط أريدك أن تستعيد/ين بقية المشاهد في ذاكرتك، بدلاً من المراّة.
            لكنني أعلم أنك تكره/ين المرايا، و ستكره/ين هذا الجزء من الذاكرة.
             أعلم أنك غالبًا ستختار/ين ألا تنظر/ين إليه.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق