الثلاثاء، 5 يونيو 2012

ما الذي نسعي اليه ؟

( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ). لماذا ثرنا ؟ ماذا كنا نريد؟ هل كنا نرمي فقط الثورة ؟ هل كنا نهدف فقط لاسقاط مبارك؟ هل كان كل هدفنا القضاء علي مستبد أم كنا نحلم بقتل الاستبداد ؟ ما الذي كنا نقاتل لأجله؟ كرامة و حرية و عدالة اجتماعية و ديمقراطية حقيقية و عدالة شاملة حقًا؟ أم أننا كنا نحارب و حسب لشعور النشوي في هزيمة نظام مجرم و التشفي فيه ؟ أطرح هذه الاسئلة الاّن ؛لأنه علي ما يبدو نحن لم نكن نود حقًا رؤية ديمقراطية أو عدالة أو بالأصح كنا نطلع اليها كما نراها في أحلامنا لا كما هي حقيقة ،و عندما وجدنا تخالف أحلامنا الوردية و تصطدم بثوريتنا الاّن نود التضحية بالديمقراطية و العدالة ؛لأجل الثورة . يظهر أننا أدمنا الوسيلة فننسينا أو تناسينا الغاية. خرجت مظاهرات عارمة في التحرير و ميادين مصر ضد حكم قضائي لم يرضِ غريزتنا في التشفي و الانتقام و العدالة كما نراها نحن. لو كان الحكم قد صدر بما يعجبنا و أدان مبارك و العادلي و نجلي مبارك و مساعدي العادلي لكنا جميعًا هتفنا باسم القضاء العادل المستقل ، و لكن ؛لأن الحكم لم يصدر كما يرضينا و أدان مبارك و العادلي في قتل المتظاهرين و برء مساعدي العادلي في ذات القضية و برء مبارك و نجليه و حسين سالم في التربح ، أعلنا كفرنا بالقضاء و هدفنا في تنظيفه ، و صحنا باسم الظلم و المحاكم الثورية.بمعني أدق القضاء نزيه طالما يعجبنا و قذر عندما يتجرأ علي يحكم بما نراه ظلمًا.و الغريب أن كثيرين منا قالوا أن الأدلة هي كلام الجرائد العربية و الأجنبية عن فساد اّل مبارك ، و فيديوهات اليوتيوب عن قتل المتظاهرين. و لا يحاولون دراسة حقيقة أن لا يوجد قضاء نظيف في العالم يعتد بكلام الجرائد و لا بفيديوهات اليوتيوب ؛لأنها سهلت الفبركة. هل كنا نتمني من القاضي أن يخون ضميره و يصدر حكمًا بدون أدلة دامغة ؟ هل كنا سنقبل يديه ان كان ملوثًا يحكم بما يعلم و لا يحكم بالأدلة و يبيع شرفه لرضي الرأي العام ؟ من نحن حتي نحاكم القاضي؟ ليس أغلبنا قانونيين ، بل نتحرك بعواطفنا الراغبة في الثأر من ظلمتنا. حتي مرسي نصفق له عندما يقول أنه سيتدخل في أحكام القضاء و يعيد محاكمة مبارك. أنرغب في صناعة مبارك اّخر يعبث كما يحلو له بالقضاء و يعيد محاكمة من يشاء ؟ ألم نلسع من الحساء ما يكفي ؟ ألم نعلم أن من يتدخل مرة باسم العدالة في القضاء يلعب بعدها مرات باسم أشياء أخري و ندفع نحن الثمن عقود جديدة من استبداد باسم الثورة و العدالة ؟ و لنا في ثورة (أو انقلاب) 1952 أسوة منجطة ، لكيف يبدأ العبث بالقضاء باسم الثورة و العدالة و ينتهي بمذبحة القضاء. و خرجت مظاهرات أخري تطالب بضرب عرض الحائط بالديمقراطية ( التي استشهد مئات لأجلها) ، و اقامة مجلس رئاسي مدني يعقد انتخابات جديدة يعزل فيها رموز نظام مبارك( شفيق) . مع أننا كلنا نعلم أن هذه المرة شفيق جاء بكل نزاهة و شفافية الديمقراطية.و هذه المرة سنفرض بعضلاتنا علي الأغلبية رأينا ( و لتلعن الديمقراطية) و سنزيل شفيق بعد أن حصد بالفعل أصواتًا تؤهله ليصل الي الجولة الثانية و قد يربح كرئيس. نحن لا نحتمل عودة نظام مبارك ، و لكن الجلي أننا لا نبالي بما نتشدق به عن الحرية و الديمقراطية مادامت ستحرق الثورة و تأتي بنظام نبغض. و عندما نفكر في المجلس الرئاسي بتمعن سنجدها فكرة ثورية غير واقعية.أولاً : لأنه من أين نأتي بمجلس رئاسي متفق عليه؟ أقرب خيار مقبول سيكون حمدين و أبو الفتوح و مرسي. و لكن بعيدًا عن من سيكون في هذا المجلس. مجلس رئاسي يعني أكثر من جهة واحدة بأفكار مختلفة تحكم مصر ، من سيكون له الهيمنة في هذا المجلس؟ لا يمكن أن تكون لأكثر من شخص أو جهة واحدة هذا هراء ، و خاصة أن المجلس غالبًا (لضمان التعددية ) سيكون مشكل من أشخاص من تيارات متباينة. ان لم يكن لأحد السيطرة سيصطدموا معًا ، لا مفر. و ان كان لأحد الحكم الأخير ، فهذا يعني أنه سيكون هناك حاكم للمصريين لم ينتخبه أحد. و لا ريب أنه لو وزعت السلطات داخل هذا المجلس سيحدث تراشق علي من يكون له اليد العليا و بين السلطات المختلفة. و أخيرًا مجلس رئاسي معناها لا يوجد شخص أو جهة واحدة منوط بها تحمل المسؤولية، فاذا حدثت كارثة بمصر ( و هو مايحدث كل فترة قصيرة) فلن نعرف من نحمله المسؤولية ، و كما تعودنا سنري المسؤولية تلقي من جهة علي أخري. الاّن يجب أن نفكر بصدق ، ما الذي دافعنا عنه؟ ما الذي ثورنا لأجله ؟ ما الذي وضعنا حياتنا علي المحك لبلوغه ؟ ما الذي استشهد شهداؤنا حقًا فداه؟ هل هي الثورة فقط ؟ هل هو انتزاع نظام وحسب ؟ أم هو اسقاط الاستبداد و تحقيق العدالة و الوصول الي الديمقراطية التي انتظرناها ما يربو علي قرنين من الزمن؟ ان كنا نحب الحرية و الديمقراطية و العدالة فعلينا أن نقبل بهم حتي و لو كان ثمنهم باهظًا ، و ان كنا قررنا الثورة و الانتقام من النظام و لو علي حسابهم ،فلا يجب أن نلومن الا أنفسنا ان جاء الغد باستبدادًا و ظلمٍ جديد باسم الثورة و القضاء علي النظام السابق كما حدث في الثورة الفرنسية و البلشيفية و ثورة 1952.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق