الثلاثاء، 26 يونيو 2012
معركة تغيير التفكير (الصمود )
( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة )
كيف تبدل المجتمع المصري هذا التبدل من مجتمع شديد الانفتاح في منتصف القرن الماضي مجتمع وهابي متشدد في يومنا هذا؟ دائمًا ما يطرح هذا السؤال ، و يرد عليه علماء الاجتماع بالهجرات الي الخليج و تدني مستوي المعيشة الذي بدوره يزيد التدين ثم التعصب و أخيرًا التطرف و التحول الذي حدث للشخصية المصرية منذ ما يسمي (النكسة) و الذي جعل المصريين يرون في الفكر الاسلامي منجاة و نجاحًا بعد فشل الفكر العلماني في (النكسة)،و لكن هناك أيضًا سبب اّخر لا يقل أهمية ،و هو (تغيير الأفكار). هؤلاء المفكرون المقاتلون من المؤمنين بالأفكار المتشددة الذين صبروا بهدوء و غيروا تفكير المجتمع و ثقافته تدريجيًا من الانفتاح الي التشدد ، و من العلمانية الي الأسلمة.هؤلاء المفكرون كانوا من الذكاء بمكان أن يصمدوا و يصبروا لتغيير المجتمع علي مراحل و عقود من السبعينات و حتي اليوم.
أنا من المؤمنين بالعلمانية و بضرورة تحقيقها و تغير نظرة المجتمع لها ،و بضرورة انفتاح المجتمع الذي يصير أكثر تعصبًا كل يوم ، و تشددًا ، و لكني أعلم أن تغيير المجتمع عملية ليست أبدًا مستحيلة و لكنها مرحلية و تحتاج نفسًا طويلاً.المجتمع المصري الذي كان منغلقًا تمامًا في أواخر القرن التاسع عشر ، احتاج مفكرو عصر التنوير المصري من أمثال (الطهطاوي) و (قاسم أمين) و (محمد عبده) و (هدي الشعراوي) و (لطفي السيد) احتاجوا من ثلاث الي أربع عقود لتحقيق أفكارهم ، جيلاً وراء جيل ، و لكن ماجعلهم يصلون الي الانفتاح و التنوير الذي استهدفوه هو صمودهم و صبرهم و تحملهم للهجوم عليهم و كل أشكال تكذيبهم لعقود بدون كلل أو قنط.و كما ذكرت سالفًا فان حركة الأسلمة و نشر الفكر الوهابي هي أيضًا احتاجت لقرابة الثلاثين عامًا لتحقيق أهدافها من أواسط السبعينات حتي أوائل العقد الأول من القرن العشرين و مازالت مستمرة بدون تراخِ.
تغيير الأفكار يجب أن يكون بنفس طويل ، و بهدوء ، و باصرار ، مثل أي حلم يرمي اليه الحالمون ، الطريق الي بلوغه العمل بدون يأس أبدًا ، و تصميم لا يخدشه هجوم. تغيير الأفكار معركة أهم أضلاع بنائها الجلد .من يريد /تريد تغيير أفكار المجتمع ،عليه/ا ادراك أن السبيل طويل ، و ممتد ربما لعقود من الزمن و لكن ليس المهم طوله بقدر أهمية الصمود عليه و تحمل الضربات حتي النهاية ، و السير فيه بتأنِ خطوة خطوة ؛لأن المجتمع هو بالأصل مجموعة بشر ، و البشر لا يقبلون التغيير المفاجئ و لكنهم يتشربونه بالتدريج.
معركة تغيير الأفكار ليست معركة أسلحتها القوة أو العضلات المفتولة ، و لكنها معركة سلاحها الفكر من ناحية و من ناحية اّخري الصبر ، و الصمود علي الأفكار حتي النهاية و علي مدي ممتد هو أساسي لربح المعركة.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق