الجمعة، 1 فبراير 2013

أفكار لنهضة مصر 1

     ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

      تبهرني فكرة ( بيت المال) الاسلامية ، ليس من منظور ديني أو سياسي و لكن من منظور اجتماعي بحت . ليس المبهر في (بيت المال) كفكرة جمع الزكاة و صرفها علي الفقراء و لكن الأخاذ في الفكرة هو وجود كيان اقتصادي واحد يضم جميع الأموال التي توجه لمشاريع العدالة الاجتماعية و ينظم طريقة توزيعها بشكل دقيق .
               الجمعيات الأهلية في مصر بما فيها الكيانات الأهلية الضخمة ك(دار الأورمان ) و (رسالة ) و (مصر للخير)تفتقد التنظيم ، صحيح أن بعض المشروعات تشهد تنسيقاً بين الجمعيات الأهلية و لكن في المجمل تسير جهود كل منظمة في اتجاه ، و هذا يضعف تأثير الجهود الخارقة لها.مثلاً مشروعات النهضة بالأحياء كمشروع عزبة ناصر و مشاريع اّخري أو مشاريع انقاذ القري الأكثر فقراً في مصر في الصعيد ،لو كان أكثر تنسيقاً لحقق نتائج منظمة و فعالة و علي مدي أطول .و مشاريع مكافحة البطالة في حي بعينه قد تكون أشمل و قد تتسع مظلتها لتشمل مناطق بأكملها .
            لماذا لا تدمج جميع المنظمات و الجمعيات الأهلية في كيان واحد يشمل حتي الجمعيات الخيرية التابعة للمساجد و الكنائس و الطرق الصوفية؟ هذا الكيان يكون معني بالتنسيق بينها جميعاً ووضع خطط واضحة و واسعة النطاق تشمل محافظات بأكملها ، و حتماً ستكون فرصة في تحقق نتائج طويلة المدي أفضل ؛ لأن موارده ستكون غير محدودة كالكيان الصغيرة و حتي الكبيرة الأهلية ،و لأنه سيكون قادر علي احداث تنسيق بين جميع الجميعات بشتي خبراتها فحتماً الجمعيات الصغيرة تحتاج لأموال و خبرات الجمعيات الكبيرة و الكبيرة حتماً سيكون لصالح عملها توفير متطوعين أكثر ،من خلال دمجهم معها.و أقترح أن يكون الكيان مستقل و أن يكون مجلس ادارته و جهاز التخطيط فيه منتخب من مختلف الجمعيات الأهلية. و عند قيام هذا الكيان ستكون الفرصة أكبر في أن تكبر الأحلام  ؛لأن أي مؤسسة مهما كانت كبيرة لا تستطيع أن تحلم بتغيير محافظة كاملة وحدها .كل جمعية تكون أحلامها لمصر مرتبطة بقدارتها المادية و البشرية و اللوجيستية ،و لكن عندما تكون كل الجمعيات بكل قدراتها معاً فسيكونون حتماً قادرين علي أن يحلموا بأحلام  ِ كبيرة قد تسع قطر بأكمله و من يدري ،ربما مصر كلها!
           العمل الأهلي في مصر ينقسه شيئين الأول التنسيق و الثاني التنمية. الشيء الثاني أعني به ما يوجه اليه العمل الأهلي في مصر . في أغلب الدول 80% من العمل الأهلي موجه للتنمية و 20% للمساعدة القصيرة الأجل كالطعام و الشراب ،و لكن النسبة في مصر –للأسف- معكوسة ، فأغلب العمل الخيري يوجه لتوزيع طعام في المواسم ، لتوزيع ملابس في الأعياد ،لتوزيع مصاحف –الجمعيات الخيرية الاسلامية – ،و لكن لا يوجه لاحداث تنمية حقيقية بالضبط كالمعونة الاقتصادية لمصر -التي تعطي كالصدقة (كالسمكة) و بدون تعليمنا الصيد-. حتي عندما عرضت شركة مياه غازية  علينا الاختيار بين التعليم –الذي يعني التنمية – أو الملابس –التي تعني المساعدة الوقتية – اخترنا الملابس. هذه هي عقلية العمل الخيري في مصر و التي تحتاج الي تغيير جزري .هذا الكيان سيكون منوط به التخطيط لمشاريع مكافحة بطالة و تعليم و محو أمية ،و تدريب علي حرف و تحويل قري بأكملها الي مراكز لصناعات و حرف بعينها .هذه الخطط ستوفر فرصة لتنمية المناطق الأكثر فقراً و جهلاً و بطالة ، و لا جدال أن التعليم و التدريب  علي حرف بعينها و اقامة مشاريع مكافحة بطالة سيكون أكثر فاعلية في القضاء علي الفقر الذي يقبع أسفله 40 % من شعبنا ، عن توزيع الأطعمةو الملابس . علاوة علي احترام كرامة فقراء الشعب المصري ؛ لأنه بلا شك أكرم لأي انسان أن يكون متعلماً و لديه حرفة يمتهنها  علي أن يتلقي الاعانة من الغير . انها اعادة لشعور الكرامة بعد أن امتص لسنوات من الشعب المصري .و أهم ما في الأمر – في اعتقادي- أن هذا حتماً سيزيد الأمن الاجتماعي في مصر و سيقلص من حجم البطالة و سيقود تدريجياً لتقريب المسافات المديدة بين طبقات الشعب المصري و سيزيد معدلات الانتاج و يحرك عجلة الاقتصاد من الأسفل ، و ان كانت بعض الحرف التي تحرص علي تدريبها الجمعيات الأهلية حرف مصرية كالننجارة و فن صناعة الفوانيس و الحلي الاسلامية و الفرعونية و صناعة الخيم و الصدف و التماثيل الفرعونية فحتماً سيكون لهذا بعد مصري و سيزيد صادراتنا و يحمي هذه الصناعات التي تحمل هويتنا من الانقراض و من الغزو الصيني العنيف الجارف.
          و الجمعيات الأهلية أيضاً سيكون بين أنشطتها و عملها أنشطة اجتماعية متعلقة بتحسين النظرة الي المرأة و مكافحة الأفعال المتخلفة كالختان و زواج الصيف للخليجيين و و التحرش عن طريق أنشطة توعية منظمة و تابعة لخطط الكيان ، و هناك مهمة التوعية السياسية ، و التي لا يبدو أنها تشغل بال الجمعيات الخيرية حتي الكبيرة منها علي الاطلاق ، علي أساس أن الفقير كل ما ينقسه الطعام و الشراب و الملجيء مثله مثل الحيوانات و لا يحق له أن يحلم بمستوَ أرقي و سقف طموحاته أن –يفك الخط- لا أن يحصل علي تعليم راقِ و ثقافة سياسية تليق بحقوقه السياسية في الانتخاب و الترشح . لا يجوز أن يكون هناك عمل خيري و أهلي ينهض بمستوي الفرد في مصر  و مازال ذلك الفرد يظن أن صندوق الانتخاب سيدخله الجنة أو النار أو أن المرشح مهمته تعيين الناس و صرف النقود علي الدائرة ،و لا يعرف أصلاً ما معني تشريع أو دستور . هذا المواطن حتماً سيبيع صوته لمن يدفع أكثر أو سينتخب من يقول له :"ان انتخبتني تدخل الجنة".
          هناك من  قد يقول أن العمل الخيري و الأهلي يقتصر علي مكافحة الفقر و البطالة و لا علاقة له بالسياسة . صحيح أن استعماله في السياسة خطأ و خاصة ان كان وسيلة لدعم تيار سياسي بعينه أو حزب كما تدعم أنشطة جماعة الاخوان الأهلية حزب ( العدالة و الحرية) الاخواني ، و لكن العمل الأهلي يجب أن يكون شاملاً و مهمته هي التنمية و النهضة الكاملة اللذان لن يتحققا بدون وعي سياسي حقيقي .
               دمج جميع الكيانات  الأهلية و الخيرية في مصر في كيان واحد ضخم ؛ سيكون –في تقديري- له أثر عميق في تحقيق تنمية شاملة لمصر؛ نتيجة لوضع تخطيط منظم مع خبرات متنوعة و قدرات مالية و بشرية هائلة .و هذه هي الفكرة الأولي لي في تنمية  شاملة لمصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق