الجمعة، 22 فبراير 2013

هيبة الدولة (ناقوس الخطر الأخير)


       ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

     إني اليوم أدق ناقوس الخطر ، الذي لاطالما دققته و لا يبدو أن أحدًا يسمع رنينه ، و لكني يجب أن أبقي أدقه حتي النهاية ؛فهذا هو واجبي ، و الخيار الوحيد أمامي ؛حتي لا أكون متحملة لدم أحد ، و حتي لا أصير شريكة بالتجاهل في المصير الدموي المبكي الذي ينتظرنا إن استمررنا هكذا.
         كل الدماء التي تسيل الاّن بلا أي استثناء هي في رقبة الدولة ، أو اللادولة . عندما تصير الدولة بلا قيمة ، و بلا أي مسؤولية و بلا تواجد ملموس تصير الدماء بركًا في الشوارع. الدولة التي لا تحمي حتي نفسها ، و لا تستطيع ردع أي تحدٍ لسيادتها ، حتي أبسط التصرفات مثل القيادة باالإتجاه المعاكس لحركة المرور هي الدولة الهشة التي تتسب في سفك الدماء؛لأن أحدًا لا يثق فيها و لا يأمنها علي حياته ؛لأنها عاجزة عن حماية سيادتها حتي.
        عندما تعطي الدولة بعجزها عن تطبيق القانون بقوة و بعدل صورة ذهنية هشة عنها ، فهي بذلك تعطي أمرًا غير مباشرٍ للمواطنين لتجاهلها و اللجوء لأنفسهم في حماية حقوقهم . و إذا تبني المواطنين نظرية حماية الذات ، تكون هذه إشارة البدء للتسليح الشخصي ثم الجماعي ثم في أسوأ السيناريوهات الحرب الأهلية المسلحة.
         ربما يقول البعض أنني أهول من الأمور ، و لكن هذا غير صحيح ، أنا أتحدث عن ما يقوله التاريخ عن الدولة، الدولة التي هي الضمان الأوحد للأمان الاجتماعي .أنا أتحدث عن حقيقة ما يحدث عندما تسقط الدولة  و الذي بدأنا نري بوادره الاّن. بدأنا نري بوادره في كل الأحداث الدموية التي شهدناها و التي تفيض علي أن أذكرها واحدة واحدة. كلها تصيح معلنة عن احتضار الدولة ، و تنبؤنا بما ينتظرنا في القريب العاجل جدًا إن تركنا الدولة تحتضر بدون إنقاذ.
         أنا أكتب هذا المقال الاّن ؛لأنه لا أحد صار يؤمن بالدولة ، و لا يثق بها ، لا أحد صار يشعر بالأمان ، و لا يؤمن بأن الشرطة ستحميه من المجرمين.كل شخصٍ الاّن صار يحاول حماية نفسه بنفسه ، و طرحت علي الساحة أخطر مرادفة تنبؤ بمصير (الصومال) و (رواندا)و (لبنان)و غيرهم الكثير " الميليشيات المسلحة ".
     كل من الاّن في موقع مسؤولية يحمل/تحمل أمام الله –عز و جل- ، و أمام التاريخ ثمن سقوط الدولة و أي دماء سقطت ، تسقط أو ستسقط بسببها . كل من أسهم/ت في اضعاف الدولة و محو هيبتها ، حتي من قاد/ت سيارته/ا عكس الإتجاه المروري سيحمل/ستحمل جزًء من وزر الدماء.
         إنه ناقوسي الذي أحاول أن أحمي به نفسي من أن احمل دم أحد. أنا أقولها الاّن ، إن لم تستعد الدولة قوتها و هيبتها و تتصدي بقوة و بحزم و بعدل لكل فعل تافه أو كبير يتحدي هيبتها و سيادة القانون ، فإن النتيجة ستكون سقوطها و لجوء المواطنين للأساليب البدائية التي سبقت وجودها ، و الالتجاء لحماية الذات حتي ضد الدولة و القانون ، و حينها إن أسس كل فرد جماعته المسلحة لن يستطيع أحد إيقافه/ا ، فلا توجد دولة تحميه/ا لتوقفه/ا ، وحينها لن يساطيع أحد تجفيف بحار الدماء.
               إنها فرصة الدولة الأخيرة قبل فوات الأوان؛ لأن كل ما شهدناه حتي الاّن لن يكون مساويًا لمأساة واحدة من الاماّسي التي سنراها إن توقف نبض الدولة ، و بدأت  " الميليشيات المسلحة " و سيناريو  " الحروب الأهلية" . و ليعلم الجميع أن "الحروب الأهلية"  بابها الرئيسي ليس الانقسام ، و لكنه سقوط الدولة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق