( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة)
يبدو
أننا صرنا مستعدين أن نتراجع عن كل المبادئ التي قاتلنا لأجلها ، و خيانتها ، و أن
نصير مزدوجين في إيماننا بها (أو عدم إيماننا) ،بسبب كراهيتنا بل مقتنا لحكم
الإخوان ،الحكم الديني الديكتاتوري . كثيرون منا يبغضون حكم الإخوان ، كثيرون منا
يؤمنون أنهم أثبتوا تمامًا أنهم لا يريدون سوي قيام الدولة الدينية الديكتاتورية
التي تحمي الطغيان باستغلال الدين و تثبت أن الدولة الثيوقراطية الفاسدة الطاغية
ليست حكرًا علي القرون الوسطي أو ما دون الإسلام من أديان أو حتي الإسلام الشيعي.
و أنا من هؤلاء.
لكن هذا لا
علاقة له البتة بتبرير خيانة المباديء و القيم الليبرالية ، الديمقراطية ، و حتي
الإنسانية لأجل الانتقام من ذلك النظام، أو لكي لا يسمح له العودة. لا يمكننا إن
أردنا أن نحقق الليبرالية أو حتي الديمقراطية الحقيقية و الحرية أن نفعل ذلك و نحن
مزدوجون نتغاضي عن انتهاك قيمهم لأجل ألا
تقوم للإخوان قائمة.
ما الذي
نقبله الاّن ؟ ألا نقبل أن يمرر قانون إهانة الرئيس و نحن وقفنا ضده في عصر مرسي و
قبل ذلك في عصر مبارك؟ هذا القانون الذي يعد من أبواب الديكتاتورية، هذا القانون
الذي يكمم الأفواه ، و يمنع النقد ، و نحن نعلم أنه قد يستغل أسوأ استغلال ؛لأنه
لا يوجد تعريف ثابت لإهانة الرموز السياسية . فلنتذكر منذ قرابة الشهرين عندما
ترجم مرسي في خطابه وصف "فاشل" علي أنها إهانة ، بهذا القانون يمكن لمن
يقول/تقول هذه الكلمة عن عدلي منصور أن يواجه/تواجه المحاكمة عليها. مع أن وصف
"فاشل" قد يصنف من الكثيرين كمجرد وصف سياسي لأداء مسؤول بدرجة رئيس
جمهورية. هذا القانون فوهة مسدس توجه لمن ينتقد/تنتقد الرئيس/ة ، إنه سلاح من
أسلحة الدولة الديكتاتورية و ليس أبدًا من مقومات الدولة الليبرالية أو
الديمقراطية. هناك وجهة نظر تقول أن الرئيس/ة له/ا حق في ألا تهان/يهان كمواطن/ة ،
هذا حقيقي و لكن الأمر ليس كذلك
،فالرئيس/ة بهذا القانون يعاقب/تعاقب من يهاجم صاحب/ة منصب الرئاسة لا المواطن/ة.
نموذج اّخر ، ألا يقبل البعض الأّن فض
الاعتصامات بالقوة ؟ أليس هذا هو ما حاربنا ضده في عصر مبارك ثم مرسي ؟ أليس هذا
ما اعتبرنا مجرد محاولته جريمة يجب إعدام مبارك عليها إن ثبتت عليه ؟ هذه خطيئة لا
تغتفر في الدولة الديمقراطية. إنها هجوم لا علي أنصار أو معارضي فرد أو فكرة إنما
اعتداء علي الديمقراطية و حرية الرأي و التعبير. هذه جريمة في حق الإنسانية ؛لأنها
اعتداء علي أفراد يدافعون عن رأي بغض النظر عنه. عندما وجهت أصابع الاتهام في
أحداث الاتحادية لأنصار مرسي بقتل المتظاهرين ،ألم يثر الكثيرون ؟ ألم يعتبر ذلك
اعتداء و عداء للحرية ؟ إن كان مرسي قد
حاول فض اعتصام معارضيه بالقوة ، هل كنا سنتسامح مع ذلك أم كنا سنقول أن بيننا و
بينه دم ؟
تلك هي الحقيقة . نحن نتجاوز عن كل انتهاكات
قيمنا ، قيم الليبرالية ، و الديمقراطية التي ندعي أننا ندافع عنها ، و نقاتل
لأجلها بسبب رفضنا لنظام الإخوان و ضغينتنا تجاههم . خيانة مبادئنا ليست هي
الكارثة فقط ، فالازدواج و خداع الذات يجعلانا كاذبين علي أنفسنا قبل الاّخرين ،
لكن أيضًا تغاضينا عن انتهاك قيم الديمقراطية و الحرية قد يكون ثمنه أن نفيق من
كذبنا لنجد أنفسنا نعاني الديكتاتورية و القمع ، باستغلال كل ما تغاضينا عنه ضدنا
. قد نجد تهمة "إهانة الرئيس" التي قبلناها الاّن توجه إلينا إن اعترضنا
، قد نجد أنفسنا قتلي إن تظاهرنا ضد هذا النظام أو الأنظمة التي تأتي بعده إذا ما
أيد غيرنا فض مظاهراتنا بالقوة. الازدواج سندفع ثمنه ذات يوم ، سندفع ذات يوم ثمن
كذبنا علي أنفسنا عندما نواجه حقيقة ما غضينا الطرف عنه بل ودعمناه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق