الجمعة، 9 أغسطس 2013

ثمن ازدواجنا الاّن

       ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة)

     يبدو أننا صرنا مستعدين أن نتراجع عن كل المبادئ التي قاتلنا لأجلها ، و خيانتها ، و أن نصير مزدوجين في إيماننا بها (أو عدم إيماننا) ،بسبب كراهيتنا بل مقتنا لحكم الإخوان ،الحكم الديني الديكتاتوري . كثيرون منا يبغضون حكم الإخوان ، كثيرون منا يؤمنون أنهم أثبتوا تمامًا أنهم لا يريدون سوي قيام الدولة الدينية الديكتاتورية التي تحمي الطغيان باستغلال الدين و تثبت أن الدولة الثيوقراطية الفاسدة الطاغية ليست حكرًا علي القرون الوسطي أو ما دون الإسلام من أديان أو حتي الإسلام الشيعي. و أنا من هؤلاء.
      لكن هذا لا علاقة له البتة بتبرير خيانة المباديء و القيم الليبرالية ، الديمقراطية ، و حتي الإنسانية لأجل الانتقام من ذلك النظام، أو لكي لا يسمح له العودة. لا يمكننا إن أردنا أن نحقق الليبرالية أو حتي الديمقراطية الحقيقية و الحرية أن نفعل ذلك و نحن مزدوجون  نتغاضي عن انتهاك قيمهم لأجل ألا تقوم للإخوان قائمة.
      ما الذي نقبله الاّن ؟ ألا نقبل أن يمرر قانون إهانة الرئيس و نحن وقفنا ضده في عصر مرسي و قبل ذلك في عصر مبارك؟ هذا القانون الذي يعد من أبواب الديكتاتورية، هذا القانون الذي يكمم الأفواه ، و يمنع النقد ، و نحن نعلم أنه قد يستغل أسوأ استغلال ؛لأنه لا يوجد تعريف ثابت لإهانة الرموز السياسية . فلنتذكر منذ قرابة الشهرين عندما ترجم مرسي في خطابه وصف "فاشل" علي أنها إهانة ، بهذا القانون يمكن لمن يقول/تقول هذه الكلمة عن عدلي منصور أن يواجه/تواجه المحاكمة عليها. مع أن وصف "فاشل" قد يصنف من الكثيرين كمجرد وصف سياسي لأداء مسؤول بدرجة رئيس جمهورية. هذا القانون فوهة مسدس توجه لمن ينتقد/تنتقد الرئيس/ة ، إنه سلاح من أسلحة الدولة الديكتاتورية و ليس أبدًا من مقومات الدولة الليبرالية أو الديمقراطية. هناك وجهة نظر تقول أن الرئيس/ة له/ا حق في ألا تهان/يهان كمواطن/ة ، هذا حقيقي و لكن  الأمر ليس كذلك ،فالرئيس/ة بهذا القانون يعاقب/تعاقب من يهاجم صاحب/ة منصب الرئاسة لا المواطن/ة.
           نموذج اّخر ، ألا يقبل البعض الأّن فض الاعتصامات بالقوة ؟ أليس هذا هو ما حاربنا ضده في عصر مبارك ثم مرسي ؟ أليس هذا ما اعتبرنا مجرد محاولته جريمة يجب إعدام مبارك عليها إن ثبتت عليه ؟ هذه خطيئة لا تغتفر في الدولة الديمقراطية. إنها هجوم لا علي أنصار أو معارضي فرد أو فكرة إنما اعتداء علي الديمقراطية و حرية الرأي و التعبير. هذه جريمة في حق الإنسانية ؛لأنها اعتداء علي أفراد يدافعون عن رأي بغض النظر عنه. عندما وجهت أصابع الاتهام في أحداث الاتحادية لأنصار مرسي بقتل المتظاهرين ،ألم يثر الكثيرون ؟ ألم يعتبر ذلك اعتداء و عداء للحرية ؟  إن كان مرسي قد حاول فض اعتصام معارضيه بالقوة ، هل كنا سنتسامح مع ذلك أم كنا سنقول أن بيننا و بينه دم ؟

            تلك هي الحقيقة . نحن نتجاوز عن كل انتهاكات قيمنا ، قيم الليبرالية ، و الديمقراطية التي ندعي أننا ندافع عنها ، و نقاتل لأجلها بسبب رفضنا لنظام الإخوان و ضغينتنا تجاههم . خيانة مبادئنا ليست هي الكارثة فقط ، فالازدواج و خداع الذات يجعلانا كاذبين علي أنفسنا قبل الاّخرين ، لكن أيضًا تغاضينا عن انتهاك قيم الديمقراطية و الحرية قد يكون ثمنه أن نفيق من كذبنا لنجد أنفسنا نعاني الديكتاتورية و القمع ، باستغلال كل ما تغاضينا عنه ضدنا . قد نجد تهمة "إهانة الرئيس" التي قبلناها الاّن توجه إلينا إن اعترضنا ، قد نجد أنفسنا قتلي إن تظاهرنا ضد هذا النظام أو الأنظمة التي تأتي بعده إذا ما أيد غيرنا فض مظاهراتنا بالقوة. الازدواج سندفع ثمنه ذات يوم ، سندفع ذات يوم ثمن كذبنا علي أنفسنا عندما نواجه حقيقة ما غضينا الطرف عنه بل ودعمناه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق