(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
مهما وصفت كيف وصلنا لمستنقع الدولة
الجبانة، لن يعبر وصفي عن جزء صغير من ارتعادها.
الدولة التي تخاف كل صوت، ليست دولة قوية
بل إنها دولة هشة تحاول مواراة ارتعاشها بالقمع. لو لم تخف كل صوت، لما حاولت إخراسه.
إنها لا تخاف من يشكلون قدرًا من الخطر عليها أو حتي التهديد لقبضتها الحديدية، بل
يرعبها كل بادرة صغيرة تجهلها. تريد أن تملك البلد كما يملك الطفل بيت دماه، و
تعتقد أن البشر دمي تستطيع أن تثبتها بالمكان الذي تشاؤه.
بغبائها تفضح جبنها. ما معني أن تلقي
القبض علي شباب في نشاط طلابي، لا علاقة له بالصراع السياسي الدائر بالدولة ؟ ما
معني أن تلقي القبض علي مجموعة شباب في نموذج للمجلس القومي للطفولة و الأمومة ؟
هل وصلت إلي هذه الفوبيا من الشباب و السياسة ؟ أي دولة جبانة تلك ؟ تتنافس مع أشد
الدول قمعًا في الجبن.
الدولة ترتعب من كلمة
"شباب"؛ لأنها تعلم أنهم هزوا عرشها من قبل و لم ينفع إهمالهم بمبدأ
مبارك الشهير "خليهم يتسلوا". الدولة ترتعد من كلمة "سياسة"؛
لأنها لا تعرف السياسة و لا تعرف الحل السياسي و لا تفهم إلا لغة السلاح، كأي دولة
عسكرية.
تلك الدولة الجبانة تلاحق من لا
يخافوا. الجبان دائمًا رعبه الأكبر من لا يخافه.
د.هبة رؤوف عزت (استاذة الفلسفة
السياسية بالجامعة الأمريكية و جامعة القاهرة) رافقت الشباب المقبوض عليه أمس من ممثلي
جبن و حهل الدولة الرعديدة. لمن لا يعرفون هبة رؤوف هي ليست استاذة عادية؛ لا تعيش
في برجها العاجي، و لا تنفصل عن الواقع و تنظر كأغلب اساتذة السياسة بمصر. هبة
رؤوف تعيش مع الشباب، تعيش علي أرض الواقع بناء التجربة السياسية الحقيقية وسطهم.
شخصية متواضعة و بسيطة جدًا.
أول مرة ألتقيها كانت في الحفل
الختامي لنموذج منظمة التعاون الإسلامي. حينها ذهبت –رغم أني لم أكن جزًء من
النموذج- بشكل رئيسي لأجلها، قرأت عنها من قبل و وددت أن أراها. لم أكن أتوقع
الحضور الذي بلغ بضعة اّلاف. تحدثت بنضوج و هدوء و جمهور متحمس لفكرة
"الخلافة الإسلامية" عن حقيقة اختلاف العالم و أن الاختلاف سنة الله –عز و جل- في خلقه و عن و
ضرورة تقبل هذا الاختلاف.
عندما
غادرت صالة النهر بساقية الصاوي (التي يصعب وصف ازدحامها حينها)، وجدتها أمام باب
الساقية و يستأذنها البعض في التقاط الصور بجوارها. لم تعرفني من قبل، و لكن عندما
طلبت منها أن أحدثها عن مجال تخصصي بالجامعة الأمريكية و عدم استقراري علي قرار
حول التخصص بين خياري قسم سياسة و قسم فلسفة، أخبرتني أنها لن تدرس هذا الفصل
الدراسي بالجامعة الأمريكية و مع ذلك هي مستعدة لمساعدتي.
أعطتني بريدها الالكتروني و أرسلت
إليها أطلب منها التحدث حول تخصصي، و لم أتوقع منها إجابة (خاصة و هي لا تعرفني)،
لكني وجدتها ترسل إلي رقم هاتفها الشخصي، إتصلت بها (و لم أتوقع أن ترد علي رقمي)
و وجدتها ترد ! تحدثت معي حول تخصصي و أخبرتني رأيها ، و لم تحاول أن تقصر
المكالمة و لا أن تنبهني إلي مشغوليتها الكثيرة !
هذه هي د. هبة رؤوف عزت.
و مقابلتها بعقول هذا النظام
الجبان الفوقي تصف ببساطة لماذا يخشاها، و لماذا هو أضعف منها، و من كل تلامذتها
في كل النماذج الطلابية. هؤلاء يمثلون جزًء من فكر د. هبة رؤوف عزت، و إن افتقدوا
رزانتها، و نضجها.
السؤال الملح البسيط هو :
"هل ينتصر الجبناء بأليتهم الأمنية أم الذين لا يخافون بفكرهم و قيمهم و كلمتهم
؟"
الضعيف له السلاح، و القوي حقًا
له الكلمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق