(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
أثر
علي خبر الاعتقال ثم الحكم السريع بالسجن ثلاث سنوات علي الرجلين اللذين وضع لهم
فيديو الزواج المثلي. لم يؤثر في الظلم الذي وقع عليهم، و شبه اغتصابهم في كشف لا
يفرق كثيرًا عن كشف العذرية فقط، بل أثر في أكثر ردود الأفعال اللاإنسانية علي الخبر. اللا إنسانية التي
تحاصرنا في هذا المجتمع سببها أن أغلبه، لا يعرف الاّخر. صورة الاّخر/ الأخري
دائمًا صورة هلامية نظرية شريرة لا صورة بشرية من لحم و دم.
لذلك قررت
أن أكتب و أعبر عن طبيعة حياة ذوي الميول المثلية. ميلي الجنسي مزدوج لكلا الرجال
و النساء يجعلني أفهم جيدًا هذه الحياة؛ لأنني حييت حياة مثلها إن لم تكن تمامًا
مشابهة. سأحاول أن أعبر قليلاً عن طبيعة هذه الحياة و أشرح كم المعاناة التي
يعانيها المثليون و المثليات في هذا المجتمع داخليًا و خارجيًا، نفسيًا و
اجتماعيًا.
المثلي/ة
لا يملك/ تملك الشعور بالحب و لا الرغبة تجاه شخص من جنس مختلف. لا يستطيع أن ينجذب عاطفيًا أو جنسيًا لشخص من
جنس مختلف. المثلي/ة يملك مشاعر عاطفية و جنسية دائمًا تجاه شخص من جنسه/ا ، حتي
احتلامه/ا يكون بشخص من ذات الجنس. المثلي/ة لا يملك كأي إنسان/ة التحكم باختيار
بمن يحتلم /تحتلم أو من يحب/ تحب أو من يرغب/ترغب. لكنه ككل فرد في هذا المجتمع
مربوط بأحكام اجتماعية و دينية و مجبر/ة علي رؤية مشاعره/ا و رغباته/ا كخطأ و
حرام. و أحيانًا يجد/تجد نفسه/ا في مواجهة مع الدين و صراعات لا تنتهي عن عدالة
الدين و الإله. المثلي/ة غالبًا يحاول /تحاول في مرحلة ما إنكار و مقاومة مشاعره/ا
و إيهام نفسه/ا بكونه/ا غيري/ة، لكنه/ا طبعًا يفشل/تفشل ؛لأنه/ا لن يستطيع/ تستطيع
أن يحب/تحب أو يرغب/ترغب شخصًا من جنس مختلف بالعافية.
الزواج هو الإطار الاجتماعي و
الديني المقبول للجنس، و لكن للمثلي/ة ليس سوي اغتصابًا؛ لأنه علاقة جنسية بلا حب
و لا رغبة و أحيانًا حتي باشمئزاز. المجتمع و الدين لا يقرون أي إطار مقبول لحب و
رغبة المثلي/ة. المثلي/ة بالدين و المجتمع مجبر/ة علي كبت مشاعره/ا العاطفية و
الجنسية و لكن الأبشع أنه مجبر/ة علي الحياة في الظل. مجتمع المثليين و المثليات
مجتمع مغلق جدًا، و أغلبهم عاجزون حتي عن البوح بحقيقة مشاعرهم لأحد؛ لأن المجتمع
لا يرفضهم و حسب و لكن يدينهم و يخاف منهم. كثير من المثليات يخفن معرفة الفتيات
بميلهن الجنسي؛ لأن كثيرًا من الفتيات تخفن المثليات و و تظنين أنهن سيتحرشن بهن.
أسوأ ما في حياة المثلي/ة في مجتمعنا هو الحياة
في الظلام. المثلي/ة يعيش/تعيش في الظلام . المجتمع يجبره/ا علي فعل كل ما يرغب/
ترغب في الظلام. المجتمع مزدوج و لا يرفض أي فعل و لكن يرفضه و يدينه فقط في
العلن. كثير من المثليين يعيشون حياة مزدوجة و حياة بها الكثير من الصراعات بسبب
ذلك. كثير من المثليين يضطرون لتمثيل دور ليس دورهم لأجل إرضاء المجتمع. المثليون
و المثليات –عدا القليليين جدًا منهم- لا يواجهون المجتمع و يبقون حياتهم كلها في
الظلام. و كثير منهم يقع في يد من يستغلونهم؛ لأنهم عاجزون عن مواجهة المجتمع. ليست
علاقاتهم وحدها التي تكون في السر، بل مشاعرهم و رغباتهم، و جزء من هويتهم. مجرد
الشعور بأن جزء من الهوية مخفي إن علم سيرفضون عليه، يجعلهم يعيشون بخوف و ازدواج،
وسط الظلام.
لا استطيع
أن أشرح أكثر. كثير من التجارب البشرية يصعب فهمها لمن لم يعشها/تعشها. أنا نشرت
تجربتي من قبل في مقال "تجربتي"، و أظن أن من يقرأها/ تقرأها قد
يشعر/تشعر قليلاً بحياتي و مدي معاناتي، مع أنها مازالت مختلف عن حياة المثلي/ة. فأنا
–علي الأقل- أحب من هم من جنس مختلف.
فقط أطلب
منكم ألا تحكموا علينا وأنتم لم تحيوا حياتنا و لم تجربوا العذاب و الصراعات التي
نعيشها. فقط أطلب منكم أن تحاولوا أن تقرأوا و تعرفوا عنا و إن كان حولكم أحد من
القليليين الذين يبوحون منا أن تحاولوا أن تسألوهم و تعرفوهم كبشر، لا كمجرد
ممثلين لكلمة "مثلي/ة".
إعرفونا
كبشر ثم إحكموا –إن كان يحق لكم الحكم أصلاً- إن كنا نستحق العذاب الذي يفرض علينا
من المجتمع أم لا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق