(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
أحيانًا تكون المباديء أنانية و كبرياء شريرين. أحيانًا تكون البطولة أكبر خطيئة. أحيانًا يكون العجز عن الصمت قمة الجحود.
فيما مضي أخطأت و جرحت، و أنا أظن أنني الحق، و أنا أظن أنني الأعلي و من بجواري الدنيؤون. فيما مضي تمسكت بكريائي بمبادئي، و دفعت الثمن أني أجرمت في حق من أحبني.
عندما فقدت من أحببت علمت أني أسير علي طريق ليست هي الحق. علمت أن المباديء أحيانًا محض كبرياء و أن التمسك بها قد يوصل لإجرام مقنع بظننا أننا الحق. أدركت أني لست مختلفة كثيرًا عن الإرهابي/ة الذي/ التي يظن/تظن أنه/ا علي حق، الفرق فقط في المبدأ و في طريقة الإجرام.
مؤخرًا وصلتني رسالة شفهية من الأمن أمام أمي بأن أتوقف عن الكتابة التي تمثل خوضًا في مفاهيم و أفعال سياسية و اجتماعية مختلفة عن إرادة النظام و المجتمع المصري. حينها إنهرت عصبيًا بكيت و صرخت كثيرًا. لم أصرخ من قبل، لكنني حينها لم استطع أن أكتم صرخاتي. صرخت؛ لأنني لأول مرة أعرف معني أن أعجز عن كتمان ألم الذنب. صرخت؛ لأنني كرهت نفسي كما لم أكرهها قط.
كرهتها؛ لأنها تؤذي. كرهتها؛ لأنها عاجزة عن ألا تصرخ. صرخاتها قلمي. لا استطيع أن أخرس قلمي و لا أصرخ. كرهتها؛ لأنها تجرح أمي و ستجرحها أكثر و أكثر كل مدي. كرهتها؛ لأن أمي لا تستحق فتاة مثلي، لا تستحق فتاة لا تستطيع أن تؤثرها عن نفسها، عن ألمها، لا تستطيع أن تكتم صرختها، لا تستطيع أن تخرس قلمها، لأجل أن تحميها من الألم.
تمنيت لو كانت ابنتها فتاة منافقة تستطيع أن تعيش حياتين و لا تواجه المجتمع. تمنيت أن تكون ابنتها فتاة بسيطة لا تهتم بالسياسة و لا بالمجتمع. تمنيت لو كانت ابنتها فتاة مستسلمة تقبل بالقمع، و لا تجد فيه ألمًا. تمنيت لو كانت ابنتها حتي مفتقرة للإنسانية تستطيع أن تري من حولها يتألمون و تصمت. تمنيت لو كانت ابنتها مريحة لا مؤلمة. تمنيت أن تكون أي فتاة ابنتها ما دامت لن تتسبب لها في الجرح مثلي.
و داخلي تمنيت أن تموت لترحم مني. إن مت أنا لن تستطيع أن تعيش دوني، بلا مبالغة قد تجن أو تنتحر. و إن ألقي القبض علي، لن تستطيع أن تعيش مع الفضيحة، و خاصة عندما يجرحها والدي و يقول لها أنها دللتني و فشلت في تربيتي؛ لأنني لم أعرف معني القمع الأبوي. و لن تستطيع أبدًا العيش و هي تعلم أنني في السجن. هي لا تتحمل بعدي. لا تتحمل أن أبقي خارج المنزل يومًا كاملاً من الصباح للمساء بسبب ظروف دراستي الجامعي و بعد جامعتي الجغرافي. لا تتحمل أن تبيت ليلتها بعيدة عن حضني حتي في غرفة مجاورة في ذات المنزل. لن تتحمل بعدي، و قد تموت بغيبوبة سكر. أنا فعلاً لا أبالغ.
لذلك أنا مجرمة، و قد أصير قاتلة في أي لحظة. قد تموت أمي بسببي و بسبب عجزي عن الصمت. قد تموت؛ لأنني إنسانة. لذلك كرهت نفسي و كرهت كوني إنسانة. لذلك تمنيت لو لم أكن إنسانة، لو كنت مجرمة، أو حجر، أي شيء إلا إنسانة. تمنيت لو كنت أي شيء لا يجرحها.
لكنني عاجزة عن ترك قلمي، أو الصمت عن الإجرام في حق من حولي. لا استطيع ألا أصرخ عندما يجرحني الظلم حولي، و يغوص الجرح عميقًا داخلي. أقسم أني عاجزة.
حضنها حتي يؤلمني. عندما بكيت و صرخت، لم أجد سوي حضنها أرتمي فيه. داخلي كان صراع بين إحتياجي لحضنها، و إيلامه. حضنها اّلامني أكثر و أكثر؛ لأنها تعلم كم أؤذيها و أعذبها معي و مع ذلك تحبني، و لا تستطيع أن تراني أتعذب و لا تعطيني حنانها. حضنها زاد عذاب الذنب، زاد كراهيتي لنفسي.
سأجرم، بل أجرم الاّن في حق من أحببت، و أحبتني بجنون، أجرم؛ لأنني إنسانة، و لأنني لا استطيع الصمت. لن تفيد حتي كلمة "سامحيني". لن يفيد أن أسألها الغفران لأني لست بوجهين أو لأني إنسانة.
أحيانًا تكون المباديء أنانية و كبرياء شريرين. أحيانًا تكون البطولة أكبر خطيئة. أحيانًا يكون العجز عن الصمت قمة الجحود.
فيما مضي أخطأت و جرحت، و أنا أظن أنني الحق، و أنا أظن أنني الأعلي و من بجواري الدنيؤون. فيما مضي تمسكت بكريائي بمبادئي، و دفعت الثمن أني أجرمت في حق من أحبني.
عندما فقدت من أحببت علمت أني أسير علي طريق ليست هي الحق. علمت أن المباديء أحيانًا محض كبرياء و أن التمسك بها قد يوصل لإجرام مقنع بظننا أننا الحق. أدركت أني لست مختلفة كثيرًا عن الإرهابي/ة الذي/ التي يظن/تظن أنه/ا علي حق، الفرق فقط في المبدأ و في طريقة الإجرام.
مؤخرًا وصلتني رسالة شفهية من الأمن أمام أمي بأن أتوقف عن الكتابة التي تمثل خوضًا في مفاهيم و أفعال سياسية و اجتماعية مختلفة عن إرادة النظام و المجتمع المصري. حينها إنهرت عصبيًا بكيت و صرخت كثيرًا. لم أصرخ من قبل، لكنني حينها لم استطع أن أكتم صرخاتي. صرخت؛ لأنني لأول مرة أعرف معني أن أعجز عن كتمان ألم الذنب. صرخت؛ لأنني كرهت نفسي كما لم أكرهها قط.
كرهتها؛ لأنها تؤذي. كرهتها؛ لأنها عاجزة عن ألا تصرخ. صرخاتها قلمي. لا استطيع أن أخرس قلمي و لا أصرخ. كرهتها؛ لأنها تجرح أمي و ستجرحها أكثر و أكثر كل مدي. كرهتها؛ لأن أمي لا تستحق فتاة مثلي، لا تستحق فتاة لا تستطيع أن تؤثرها عن نفسها، عن ألمها، لا تستطيع أن تكتم صرختها، لا تستطيع أن تخرس قلمها، لأجل أن تحميها من الألم.
تمنيت لو كانت ابنتها فتاة منافقة تستطيع أن تعيش حياتين و لا تواجه المجتمع. تمنيت أن تكون ابنتها فتاة بسيطة لا تهتم بالسياسة و لا بالمجتمع. تمنيت لو كانت ابنتها فتاة مستسلمة تقبل بالقمع، و لا تجد فيه ألمًا. تمنيت لو كانت ابنتها حتي مفتقرة للإنسانية تستطيع أن تري من حولها يتألمون و تصمت. تمنيت لو كانت ابنتها مريحة لا مؤلمة. تمنيت أن تكون أي فتاة ابنتها ما دامت لن تتسبب لها في الجرح مثلي.
و داخلي تمنيت أن تموت لترحم مني. إن مت أنا لن تستطيع أن تعيش دوني، بلا مبالغة قد تجن أو تنتحر. و إن ألقي القبض علي، لن تستطيع أن تعيش مع الفضيحة، و خاصة عندما يجرحها والدي و يقول لها أنها دللتني و فشلت في تربيتي؛ لأنني لم أعرف معني القمع الأبوي. و لن تستطيع أبدًا العيش و هي تعلم أنني في السجن. هي لا تتحمل بعدي. لا تتحمل أن أبقي خارج المنزل يومًا كاملاً من الصباح للمساء بسبب ظروف دراستي الجامعي و بعد جامعتي الجغرافي. لا تتحمل أن تبيت ليلتها بعيدة عن حضني حتي في غرفة مجاورة في ذات المنزل. لن تتحمل بعدي، و قد تموت بغيبوبة سكر. أنا فعلاً لا أبالغ.
لذلك أنا مجرمة، و قد أصير قاتلة في أي لحظة. قد تموت أمي بسببي و بسبب عجزي عن الصمت. قد تموت؛ لأنني إنسانة. لذلك كرهت نفسي و كرهت كوني إنسانة. لذلك تمنيت لو لم أكن إنسانة، لو كنت مجرمة، أو حجر، أي شيء إلا إنسانة. تمنيت لو كنت أي شيء لا يجرحها.
لكنني عاجزة عن ترك قلمي، أو الصمت عن الإجرام في حق من حولي. لا استطيع ألا أصرخ عندما يجرحني الظلم حولي، و يغوص الجرح عميقًا داخلي. أقسم أني عاجزة.
حضنها حتي يؤلمني. عندما بكيت و صرخت، لم أجد سوي حضنها أرتمي فيه. داخلي كان صراع بين إحتياجي لحضنها، و إيلامه. حضنها اّلامني أكثر و أكثر؛ لأنها تعلم كم أؤذيها و أعذبها معي و مع ذلك تحبني، و لا تستطيع أن تراني أتعذب و لا تعطيني حنانها. حضنها زاد عذاب الذنب، زاد كراهيتي لنفسي.
سأجرم، بل أجرم الاّن في حق من أحببت، و أحبتني بجنون، أجرم؛ لأنني إنسانة، و لأنني لا استطيع الصمت. لن تفيد حتي كلمة "سامحيني". لن يفيد أن أسألها الغفران لأني لست بوجهين أو لأني إنسانة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق