الأحد، 8 أبريل 2012

ردة العزوف عن السياسة

( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

نعاني من موجات ردة كبيرة الي ملامح من عصر ما قبل ثورة 25 يناير ، و كل الموجات حدثت بالتدريج ، بعض مظاهر هذه الردة برز بعد الثورة مباشرة و بعضها بدأ يظهر علي مراحل بعد الثورة ، و الاّن يمكن القول أن الشعب المصري بدأ يرتد بعيداً عن السياسة بعد أن صارت ركن أصلي في حياته اليومية و أحاديثه بعد الثورة.
أنا نفسي بعد أن كنت مولعة بالسياسة و أكتب عنها باستمرار حتي التهمت قلمي بنهم ، غدوت انزوي بعيداً عنها و ربما أهرب منها ، مع أني أتحدث عنها مذ كنت في العاشرة من العمر .ما الذي حدث لي ؟ ما الذي حدث لنا ؟ ما الذي رد الكثير من الشعب المصري ردة شنيعة بعيداً عن السياسة ، و جعلت السياسة تتراجع بشكل درامي من قمة هرم حواراته الي قاعها ؟
أعتقد أن سبب سقوط بورصة السياسة في الشارع المصري هو شعور جارف لدي كثير من المصريين ( و أنا منهم ) أن السياسيين ليسوا جزءاً من الشارع و أنهم يعيشون في جزيرة منفصلة يختلفون و يتعاركون و يتقاتلون حول أمور كثيرة جداً و لكنها لا تعني أغلب المصريين و يغضون الطرف عن قضايا هي ذات الأولوية في الشارع المصري كتحقيق العدالة الاجتماعية و مجابهة الفقر و القضاء علي البطالة .و ان كان السياسيون و المشئولين و أعضاء مجلس الشعب يحسبون أن توفير أنبوبة البوتجاز هو بلوغ العدالة الاجتماعية فهذه مصيبة ، فالأولي من مناقشة توفير أنبوبة البوتجاز مناقشة سبل القضاء علي الفقر ذاته ، و اصدار تشريعات تضمن تقليص الفروق الطبقية الكارثية ، و وضع خطط حقيقية لحل أزمات العشوائيات و التعليم و البطالة و الفقر . هناك حاجز منيع ما بين قلعة السياسين و الشارع المصري خارج أسوار هذه القلعة.
السبب الثاني –علي ما أظن- هو حالة اللافهم التي تسودنا الاّن . لا أحد تقريباً يفهم شيئاً ، يمكن لأي أحد اليوم استشعار تخبط حقيقي و اضطراب يصل الي الفوضي في حياتنا و خاصة في السياسة . لا نعرف شيئاً عن النوائب التي تحدث بين الحين و الاَخر ، و أعتقد أنه يندر في العالم ما يحدث في مصر ، فعندنا تشكل لجنة تقصي الحقائق لتخرج لنا بأسئلة و بأراء أكثر بكثير من بحقائق.لا نعرف شيئاً عن الصواب و الخطأ الاَن في السياسة فكل حزب بما لديهم فرحون ، و ضد الاّخر بقسوة ، و لا تكاد تكونة هناك أرض مشتركة بين أي تيار سياسي و اّخر في مصر ، و أغلب المواطنين العاديين سقطوا في المنتصف لا يدرون أي فكر هو الصواب ، و لا يصل اليهم حتي أي فكر أو برنامج بحيادية مطلقاً و بدون انحياز.المشهد السياسي في مصر ملبد بالغيوم.
السبب الثالث –في اعتقادي- هو غياب النقاء في المشهد السياسي .هذا السبب قد يكون مختلف عليه ، و لكني أعتقد أن له دور ما في تجنب الكثيرين للحديث عن السياسة. أثناء الثورة تميزت السياسة بضخ دماء جديدة نقية و لونها فاتح ، بسبب الثوار الذين تفردوا بغضتهم و براءتهم التي جعلتهم صافين و حقيقيين و راقين ، حتي عندما كانوا يلقون القبض علي البلطجية كانوا أرقي حتي أن يلوثوا أيديهم ، لدرجة أنهم كانوا يتجنبون ضرب البلطجية و يصيحون :" سلمية....سلمية" .هذا النقاء جعل السياسة نبيلة ؛ لأن الثوار واجهتها الأصلية نبلاء و أنقياء . و لكن الاّن الوضع مختلف السياسة للأسف قذرة ، و دروبها أبعد كثيراً عن النقاء ، و لا أظنني الوحيدة التي صارت تشعر بذلك.
السبب الرابع ، هو طبيعة الثورات . من الطبيعي أن تكون الثوار اّتية برياح عاتية من التسيس للمجتمع ، و أن تجعل أغلب المجنمع حتي الأميين فيه برؤية سياسية واضحة ، و تحول مجري الحياة اليومية و الأحاديث الي السياسة بشكل محوري. و لكن بعد فترة يعود المجتمع بالتدريج للارتداد الي طبيعته و يتراجع مركز السياسة كثيراً في حياته اليومية و حواراته.
ليست هذه هي الأسباب الوحيدة لسقوط بورصة السياسة في المجتمع المصري ، و لكنها من أهم الأسباب لهذا التراجع ، و ان لم يكن من المحبب أن تطغي السياسة تماماً علي حياتنا و لكن من غير الصحي للمجتمع المصري أن يتلاشي الدور المحوري للسياسة في نقاشاته و حياته ؛لأنها تلعب دوراً مصيري في مصر الاّن و حتي تحقيق نهضتنا المستهدفة. لذلك يجب أن نجد علاجاً مناسباً و سريعاً لبوادر عزوف الشارع المصري عن السياسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق