( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
اننا جميلون ، لسنا بالقباحة التي نظنها ، داخلنا هناك جمال حقيقي نعمي كثيرًا عن رؤيته بسبب القبح الذي يغزو حياتنا ، و يصير غشاوة ضخمة من أعاصير ترابية. أنا من هؤلاء الذين كتبت و سأكتب كثيرًا عن سوءاتنا حتي نصير أحلي. و لكني الاّن أكتب عن كم نحن جميلون ، نحن المصريون.
اننا نقدر الجمال ، نراه و نحبه و نحترمه ، بل ربما نقدسه. الأجانب الذين ننبهر بصيحات أزيائهم و هيئتهم ، لا يهمتمون بالجمال و الأناقة كما نهتم بها نحن. انهم يرتدون ملابس فاتحة و ملونة و كاشفة و لكنها ليس دائمًا متناسقة أو أنيقة و غالبًا قمة في البساطة.نحن نحب الألوان المتناسقة و الأناقة ، المجتمع يقدر المرأة التي ترتدي ملابس جميلة و أنيقة ، و يصبغ الرجل الأنيق أحيانًا بالاحترام الشديد ، و يراه من علية القوم حتي و ان لم يكن كذلك.
لأننا نقدر الجمال فنحن فنانون.فننا الحقيقي الذي لم ينل منه فقداننا للهوية ، فن راقِ بصدق ، الملابس و الأثاث و التماثيل و الاكسسوارات و حتي الطعام بهم فن.الاكسسوارات و الجلاليب المصرية القصيرة و الطويلة رسوماتها الاسلامية و تصميماتها الفلاحية و السيوية توحي بنبض فني حقيقي يقدر الجمال و الدقة.الأثاث المصري ، الفن العالمي الحي الذي يوشك علي الانقراض ، فن (العاشق و المعشوق)-حتي اسمه فني- فن حرفة الخشب ، فن في بهائه و دقته يجعل العينين عاجزتين عن تصديقه.ما تبقي من حرفة صناعة التماثيل التي تكفر الاّن من أناس فقدوا المصرية لحساب الخليجية ، يعطي أملاً في أن فن المصري لم يمت ، فن هو جزء من الشخصية المصرية ، جزء من روعتنا.
اننا نحب الدين و نؤمن به ، نحن لسنا مجرد شعب متدين وحسب ،في أعماقنا هناك لاوعي عقائدي حقيقي ،لا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بديننا علي الورق. نحن نؤمن بالحياة الاّخري حقًَا ، نؤمن حقًا بأنه لابد هناك اله ، و نؤمن داخلنا بوجود حساب.انه ليس مجرد تدين بدين سماوي ما ، انه لاوعي جمعي داخلنا من تراث قديم يمتد الي اّلاف السنين.
رغم كل ما طرأ علينا ، رغم سنوات و عقود طويلة كرهنا فيها الوطن ، و استجدينا تركه الي أي بلد ، داخلنا هناك ايمان حقيقي بالوطن و الانتماء و تقديس حقيقي له.ذكري الأبطال الوطنيون لدينا مبجلة ، لدرجة أن بعض من أقيم لهم أضرحة و مقامات و رويت عنهم ملاحم و قصص (أهل الخطوة) الأسطورية ، و توجوا كأولياء الله –عز و جل- الصالحين أصلأً ليسوا رموزًا دينية و ربما لم يكونوا أصلاً متدينين بقدر كبير ،انما هم أبطال وطنيين قاوموا الاحتلال و اّمنوا بالوطنية.نحن لسنا مثل الخليجيين الانتماء عندنا للقبيلة ، نحن شعب زراعي انتماؤنا الأول للأرض.و رغم أنه قبل ثورة 25 يناير كان هناك من يسب هذه الأرض ، شعرنا بانتماء حقيقي داخل حتي الأطفال الذين قادوا مسيرات ، و شهداء قدموا حياتهم ببساطة لهذه الأرض.
نحن و رغم كل اضطهادنا لأكثر من نصف المجتمع ، (و الذي سأذكره باستفاضة في سلسلة مقالات قادمة) نبجلها. المرأة لدينا ليست في الأصل محتقرة ، نحن شعب يقدر النساء مع بعض الوعي الذكوري ، و وضعهم المأساوي الاّن بالأصل بسبب ظروف تراجيدية نحياها، و لأننا نبيع هويتنا رخيصة بالبترودولار.نحن نقدر الأم بل نقدسها ، في أغانينا ،في أشعارنا، في طفولتنا ،في قصصنا الشعبية، في قلبنا الأم دائمًا هي أولي.المرأة لدينا وزيرة مالية العائلة، المرأة لدينا ميراثنا الأصيل ألا تضرب أبدًًا ، المرأة لدينا كائن نحميه بأرواحنا و لكن للأسف هذا يجعلنا نظنه الكائن الأضعف.المرأة لدينا هي التي تربي ، هي التي تحمل قيم المجتمع و عاداته و تزرعها في النشء حتي ما فيها ضدها، هي استمرارية الحضارة و الهوية.
نحن حلوون ، نحن جميلون ، داخلنا روعة حقيقيق يظهر منها جزء هين ، و ننتظر اليوم الذي سنري فيه جمالنا الحقيقي داخلنا ، اليوم الذي سنشع فيه ، و نخرج حلواتنا الحقيقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق