الجمعة، 19 أكتوبر 2012

أمريكا ليست وحدها في العالم


  ( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

    كاذبون.كلنا كاذبون .كلنا نتشدق ، تسقط أمريكا ، نحن مستقلون ، أمريكا دولة كافرة.أمريكا مجرمة.و لكننا جميعًا لا نري سواها في هذا العالم الفسيح متعدد القارات ،النظم ،و الثقافات.
       أننا لا نري سواها ، و تلك حقيقة تتجلي في كل تصرف نأتيه ، و كل حوار نتحدثه.ثيابنا أمريكية التصميم ، مطاعمنا ، و وجباتنا أمريكية الطبيعية،حتي اللغة التي نتحدثها و نحرص علي أن يتحدثها أبناؤنا حتي علي حساب لغتنا الأم هي الانجليزية.لن نتعب كثيرًا في احصاء كم مما حولنا أمريكي الصنع ،الإنتاج  ،أو التصميم.فقط للنظر حولنا ،و داخل أنفسنا بحيادية.
          حتي في حواراتنا ،أمريكا دائمًا النموذج.عندما تحدث زويل عن علاقة الدين بالدولة كانت أمريكا نموذجًا لكيف أن الدين متداخل مع الدولة.عندما دافع أنصار الرأسمالية في عصر مبارك الذين دكوا مصردكًا و حققوا بامتياز نسبة ال40% تحت خط الفقر كانت أمريكا النموذج ، لكيف أن الرأسمالية المتوحشة تحقق النهضة !و عندما تحدث أنصار ااجمهورية الرئاسية عنها ،كانت أمريكا هي النموذج.و حتي عندما لا يجهر اسم أمريكا في حوار تكون هي الحاضرة في عقول المستمعين ،فرافضي الليبرالية مثلاً ،يكون النموذج الأمريكي "المنحل" حاضرًا في عقولهم ، و مناصري الحريات ، و الديمقراطية في عصر مبارك ،كانوا دائمًا يقولون نحلم أن يحق لنا الهجوم علي الرئيس مثلما يحدث في أمريكا .حتي السلفيين المتشددين الذين يرون في أمريكا الكفر و الفسوق و العهر ، يتحدثون عن دمج الدين بالسياسة في أمريكا كنموذج ، و أنصار حازم أبواسماعيل كانوا ماهرين بطريقة مضحكة في مقارنة أوباما بأبواسماعيل ! و أبو اسماعيل شخصيًا عندما دافع عن ضرورة تدين الحاكم غصبًا لاختياره كانت أمريكا مجددًا هي النموذج !
             باختصار نحن لا نري من العالم سوي أمريكا و حسب مهما هاجمناها.لماذا ؟ لأننا خاضعون للقوة الناعمة لأمريكا في كل ما نشاهد ،نأكل ،نشرب ، و نرتدي ، نتربي منذ صغرنا علي عقدة الأجنبي ، أن أمريكا هي الأفضل.نستجدي عطف أمريكا لتمن علينا ببطاقة خضراء ، نتفاخر بأي قريب/ة لنا في أمريكا ، دولة الحضارة ،  و التي بتناقض داخلنا نراها أيضًا دولة المروق و الفسوق. كاذبون. إننا كاذبون جدَا حتي مع أنفسنا.
           العالم فسيح فيه الثقافة الاّسيوية ، فيه الثقافة الأفريقية ، فيه ثقافة أمريكا اللاتينية ، فيه ثقافات كثيرة متنوعة داخل الثقافة الواحدة ، لسنا وحدنا مع الغرب و أمريكا في العالم.حتي في نظم الحكم و الديمقراطية و الحريات ، ليست أمريكا وحدها ، بل إنها من أسوء نظم الديمقراطية  في العالم. لماذا لا ننظر الي الديمقراطية الهندية مثلاً ؟ لماذا لا ننظر الي الديمقراطية في سويسرا مثلاً؟ لماذا لا ننظر الي الديمقراطية في البرازيل ؟ و عندما نفكر في الثقافة لماذا نتمسك بأننا إما نموذجنا الثقافي أو نموذج أمريكا ؟ هذه قمة ضيق الأفق ؛ لأن العالم واسع و كل ثقافة هي مختلفة في تركيبها عن الأخري ، هناك الثقافة اليابانية و الهندية و الأفريقية ، و هي ثقافات ليست أبدًا مثلنا و ليست أيضًا مثل أمريكا.لا يجب عندما نجادل مع أو ضد فكرة أن يكون فشلها أو نجاحها في أمريكا هو المعيار ، هناك 170 دولة غير العرب كلهم و غير أمريكا هم نماذج حضارية ، ثقافيًا ، سياسيًا ، و اقتصاديًا غيرنا و غير أمريكا.
                ليس معني ربط الدين بالسياسة في أمريكا أنه هو الصواب ،و لا يوجد سواه.و ليس معني أن الحرية أدت للانحلال في أمريكا أنها أدت لذلك في كل الدول ، و ليس معني أن الاقتصاد الحر نجح في أمريكا أنه ناجح في كل العالم ، و ليس معني أن النظام الرئاسي صالح في أمريكا أنه يصلح مع الجميع. نحن و أمريكا فقط نظرة قاصرة ، بلوغ الحقيقية يتطلب نظرة شاملة لنماذج كثيرة في كل شيء ، بل ليس ضروريًا في كل الحالات أن ننظر الي أمريكا أصلاً .
                 فلنبدأ أولاً مصارحة أنفسنا بأننا داخلنا مهما ادعينا احتقارنا لأمريكا، فنحن نراها فوق الجميع ، بل لانري الجميع لأجلها هي ، هي النموذج و حسب سلبًا و إيجابًا .و عندما نصارح أنفسنا ، حينها يجب أن نفكر من جديد برحابة و شمول ، و نضع أمريكا في مكانها الطبيعي في عقولنا و حياتنا كالدولة الأقوي ، و لكن كدولة واحدة و نموذج واحد أثبت أنه سيسقط بأمريكا عما قريب.و عندما نضعها في مكانها الطبيعي كدولة قوية ، و لكن ليست وحيدة في هذا العالم ، و لا تحكمه وحدها كما نظن ، اّنذاك ،و اّنذاك فقط ، سنجعل أمريكا تضعنا في حجمنا الطبيعي الذي نستحق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق