( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
نحن دائمًا نتهم الغرب بالعداء للإسلام . نتهمه
بكراهية المسلمين و التنكيل بهم.نتهمه بالبغض المرضي لكل ما يمت للإسلام بصلة،
لكننا لا نحاول أبدًا أن نوصل إليه ثقافتنا ،أفكارنا ،حقيقتنا، بل نزيد الطين بلة
بضغينة من جانبنا تجاهه ، و إيمان دائم بأننا في حرب معه ، و أنه يعادينا و نحن
نعاديه ، بل و نزرع داخل أطفالنا هذه الكراهية العمياء .
فلنكن
صادقين ، نحن لا ننظر للغرب نظرة منصفة و حيادية. لنضع أنفسنا مكانه و
لنتخيل.........................
فلنتخيل أننا
في عصر ما كنا أكثر تقدمًا من الغرب ، و كان الغرب هو المتخلف حضاريًا.فلنتصور
أننا كنا الشعوب الديمقراطية المتحضرة المتقدمة الثرية و في ذات الوقت لدينا بطالة و فقر، و الغرب في
ذات الوقت كان كله دولاً فقيرة معدمة فاسدة سياسيًا ديكتاتورية عنصرية يهرب سكانه
من بلادهم إلينا.
فلنتخيل
حينها مشاعرنا و نحن نري الأجانب يستوطينون بلادنا و يبدأون في الازدياد أضعاف
معدلاتنا ، و كل الاحصائيات تشير إلي أنهم في عقود قليلة سيصيروا الأكثرية و نحن
سنصير الأقلية.ثم نراهم ينشرون عاداتهم التي يمارسونها في بلادنا.و نري البطالة
تزيد بيننا رغم أننا من المفترض بلاد غنية و نراهم يسابقوننا في الأعمال بل و
يجدون عملاً لا نجده نحن ؛لأن أجورهم كمهاجرين أقل منا ، و بذلك بسببهم تزيد
البطالة بيننا. و بعد كل ذلك نري بعضهم يعلنون الجهاد علينا ، و يقتلون منا مئات
الاّلاف و يعلنون أنهم بدمنا سيدخلون الجنة ! و يزيد الطين بلة أن الإعلام لدينا
يسلط الضوء عليهم ، و يظهرهم بصورة الدمويين الراديكاليين من اّكلي لحوم البشر
باسم دين بالنسبة إلينا مدعي لا نعرف عنه شيء و لا نؤمن به ، بل و يقول الإعلام أن
هذا الدين لا يدعو فقط لقيم تتعارض مع قيمنا بل و أيضًَا يدعو لسفك دمائنا و دماء
أطفالنا.
هل
لو كان هذا هو الوضع كنا سنتسامح مع الأجانب داخل بلادنا أم أننا كنا سنصير أكثر
همجية من الغرب معنا الاّن و كنا سنطرد الأجانب بالقوة و بالعنف و حتي بالدماء ؟
أنا
لا أبرر أبدًا جرائم بعض المتشددين النازيين الجدد ضد مدنين عزل لمجرد أنهم
اختاروا دينًا يسمي (الإسلام) . و لا أبرر أبدًا التعصب الأعمي للحكومات الغربية
العنصرية ضد المسلمين و سلبهم كل حرياتهم و حقوقهم ، و تعريضهم للسجن بلا محاكمات
و بأجم وسائل التعذيب ضراوة لمجرد الشك فيهم لكونهم (مسلمين). و لن أبرر يومًا
تعصبًا أعمي ضد أي إنسان بسبب دينه ،هويته ،لونه ، جنسه ،فكره ،
أو إيمانه.و لكني أحاول أن أكون عادلة حيادية في الحكم علي موقف الغرب منا و ما يسمي (الإسلاموفوبيا).
نحن
نهاجر إلي الغرب نترك أوطاننا و نستوطن أوطانهم. نحن نهاجر راغبين في أن نظل نحن
بهويتنا القديمة كاملة في بلاد هويتها تصطدم بنا. نحن نأخذ حق كثيرين فيهم في
العمل و السكن ؛لأننا نقاسمهم أوطانهم.نحن نصدر إليهم نموذجًا ثقافيًا يتعارض
تمامًا بكثيرٍ من قيمه مع نموذجهم.نحن نصدر إليهم ما يرونه تعصبًا و تخلفًا و
تطرفًا و رجعية. نحن فوق كل ذلك نؤكد صورة ذهنية سوداء مقطرة بالدماء في عقولهم
عنا بطريقتنا في التعامل معهم ، و بتكفيرنا لهم ، و باتهامنا لهم بالفسوق ، و
برغبة كثيرين منا يجهرون بها في القضاء علي قيمهم و تقاليدهم التي نراها فسوقًا و
انحلالاً. ليس هذا و حسب بل منا من يهدد علنًا في كل صنوف الشاشات بالقضاء عليهم ،
و إفنائهم ، و بعد كل ذلك نصف الغرب بالتعصب و العنصرية ، و عدائنا لمجرد ديننا !
إن
كنا نرغب في الهجرة و ترك أوطاننا إلي الغرب ،فعلينا و نحن نخطو هذه الخطوة أن نضع
في عقولنا حقيقة أننا يجب أن نتواءم مع تقاليده و أفكاره ،و ألا نعيش في الغرب
بنفس التقاليد التي تربينا عليها هنا كما هي بدون محاولة تطويع لها حتي ؛لأن هذا
التواءم و التطويع هو حق المجتمع الغربي علينا كمهاجرين إليه .و سواًء كنا سنهاجر
إليه أم لا إن كنا نريد منه أن يحترم ثقافتنا و ديننا و لا يعاديهما ، علينا نحن
أولاً أن نحترم ثقافته ، و لا نتهامها علنًا بالمروق.و إن كنا نريده أن يقبلنا كما
نحن و يحترم اختلاف ثقافتنا، فعلينا أن نقبله كما هو و نحترم ثقافته. و إن كنا
نريده أن يعرف إسلامنا حقًا و يحبه و يقدره ، علينا أولاً أن نرسل إليه صورة عادلة
حقيقية عنه غير التي تظهر في إعلامه ، و غير التي نعمل نحن علي تصديرها إليه من
تعصبٍ و تطرفٍ و كراهيةٍ.
العدالة تقتضي قبل أن ندين الغرب ، أن ننظر بعقلانية إلي أسباب الخوف
المرضي داخله منا ،و أن نضع أنفسنا مكانه،و أن نعمل علي إيصال حقيقتنا إليه ،و أن نتأقلم
مع ثقافته إن كنا سنصير جزًء منه، و أن نحترمها إن كنا نريده منه احترام ثقافتنا و
ديننا نحن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق