(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
(3)
ضعيفة الإبصار
"أنا مش عارفة إنتِ مستحملة نفسك إزاي، إنتِ تاعبة نفسك و تاعبة كل اللي حوليكِ معاكِ، و هتفضلي تعملي كده. أنا لو منك ما كنتش دخلت جامعة أصلاً."
كلمات مشابهة لتلك ضمن أبشع ما سمعته رقم 3 في حياتها، ضمن أكثر ما جرحها. شعرت دائمًا أنها تحمل من حولها مسؤولية و تتعبهم؛ لأجل احتياجها لمساعدتهم. لم تدرك حينها أنها تعطيهم مثلما يعطونها، أنهم مثلما يساعدونها، تساعدهم، و تعطيهم شيئًا بكونها إلي جوارهم.
حتي دخولها الجامعة الأمريكية في منحة لم تكن تستطيع أن تقرأ كتبًا كما يحلو لها؛ لأنها لم تكن تستخدم حاسوبًا ينطق الكلمات. لم تكن تعول أملاً كبيرًا علي قبولها بالجامعة الأمريكية لكن قبولها سمح لها أن تحقق حلمها في دراسة الحاسب الاّلي. إنه حلم محرم علي كل ضعيف/ة بصر في مصر. دراسة العلوم لا الاّداب في الجامعة لا يسمح بها في مصر، و بدأت الجامعة الأمريكية وحدها تسمح بهذا الحلم لدفعتها.
و حتي الجامعة الأمريكية التي تعد الأفضل في مساعدة ضعاف البصر في مصر، لم تساعدها تمامًا و تحملت أن تعمل و تذاكر أضعاف الجميع، لتحقق القليل و لكن لتمضي في طريق حلمها. امتلكت الشجاعة لتتحدي الجميع و تتخصص في الحاسب الاّلي، رغم شعورها بصعوبته و عجزها عن تحقيق ما تستحق فيه؛ لاحتياجه لعمل كبير من جانبها أكثر من الجميع. عندما أفكر في ذلك الاّن، و أتذكرها، أشعر أنها تملك شجاعة و روح تحدي و عمل جاد حقيقيين نادرين. يحتاج الكثيرون أن يعيشوا بجوارها ليشعروا بكم تتعب و تعمل بجد، و تتحمل نفسيَا و عصبيًَا الكثير جدا في سبيل حلمها، ليتعلموا منها.
قضية أساسية تقاتل ضدها هي التحرش. إنها لم تكتفي برفضه أو رفض الحجج التي تدافع عنه بل إنها قاومت ضده، واشتركت في حملة توعية ضده و تعمل الاّن علي كتابة مجموعة قصصية تروي قصصًا حقيقية ربما تشعر بها المجتمع بحقيقة القمع الذي يقع علي المرأة بالتحرش و الذي يحصنه المجتمع.
هي إنسانة ليست مثالية، لكنها تتغير و تخطو للأمام بمساعدة من حولها. مثل الكثيرين في مجتمعنا كانت ترفض الاّخر، و تحاكمه، حتي بدأت تري نفسها ظالمة، و تحاكم الناس و تعطي نفسها الحق الذي لا يحق لها في الحكم عليهم. حين رأت أنها تظلم، حينها قررت أن تبدأ في تغيير نفسها و تقبل الاّخرين حتي و إن اختلفت معهم.
هناك كلمة قالتها جرحتني. قالت لي أنه عندما تعبت إحدي صديقاتها ضعيفات البصر نفسيًا و بقت بالمنزل، إتصلت رقم 3 بها و قالت لها أن أحدًا لن يرحمها، و لن يقول أنها كانت متعبة نفسيًا. لا أحد سيرحمها إلم تنجح. معني كلاماتها أن أحدًا لن يرحم الأضعف إن فشل، يجب علي الأضعف أمام المجتمع أن يظل يعمل أكثر من الجميع و يتعذب حتي يتكرموا و يقبلوا إعطاءه جزء من حقه. لا أحد يقدر معاناة الأضعف، الكل يكفيه شعوره بالقوة.
هي لم تختر مصيرها، و لا وضعها في هذا المجتمع لكنها ليست كالكثيرين مستسلمة، إنها تقاوم هذا المجتمع، و تختار أن تمضي خلف حلمها مهما تعبت. ليست ضعيفة. إنها مقاتلة.
(3)
ضعيفة الإبصار
"أنا مش عارفة إنتِ مستحملة نفسك إزاي، إنتِ تاعبة نفسك و تاعبة كل اللي حوليكِ معاكِ، و هتفضلي تعملي كده. أنا لو منك ما كنتش دخلت جامعة أصلاً."
كلمات مشابهة لتلك ضمن أبشع ما سمعته رقم 3 في حياتها، ضمن أكثر ما جرحها. شعرت دائمًا أنها تحمل من حولها مسؤولية و تتعبهم؛ لأجل احتياجها لمساعدتهم. لم تدرك حينها أنها تعطيهم مثلما يعطونها، أنهم مثلما يساعدونها، تساعدهم، و تعطيهم شيئًا بكونها إلي جوارهم.
حتي دخولها الجامعة الأمريكية في منحة لم تكن تستطيع أن تقرأ كتبًا كما يحلو لها؛ لأنها لم تكن تستخدم حاسوبًا ينطق الكلمات. لم تكن تعول أملاً كبيرًا علي قبولها بالجامعة الأمريكية لكن قبولها سمح لها أن تحقق حلمها في دراسة الحاسب الاّلي. إنه حلم محرم علي كل ضعيف/ة بصر في مصر. دراسة العلوم لا الاّداب في الجامعة لا يسمح بها في مصر، و بدأت الجامعة الأمريكية وحدها تسمح بهذا الحلم لدفعتها.
و حتي الجامعة الأمريكية التي تعد الأفضل في مساعدة ضعاف البصر في مصر، لم تساعدها تمامًا و تحملت أن تعمل و تذاكر أضعاف الجميع، لتحقق القليل و لكن لتمضي في طريق حلمها. امتلكت الشجاعة لتتحدي الجميع و تتخصص في الحاسب الاّلي، رغم شعورها بصعوبته و عجزها عن تحقيق ما تستحق فيه؛ لاحتياجه لعمل كبير من جانبها أكثر من الجميع. عندما أفكر في ذلك الاّن، و أتذكرها، أشعر أنها تملك شجاعة و روح تحدي و عمل جاد حقيقيين نادرين. يحتاج الكثيرون أن يعيشوا بجوارها ليشعروا بكم تتعب و تعمل بجد، و تتحمل نفسيَا و عصبيًَا الكثير جدا في سبيل حلمها، ليتعلموا منها.
قضية أساسية تقاتل ضدها هي التحرش. إنها لم تكتفي برفضه أو رفض الحجج التي تدافع عنه بل إنها قاومت ضده، واشتركت في حملة توعية ضده و تعمل الاّن علي كتابة مجموعة قصصية تروي قصصًا حقيقية ربما تشعر بها المجتمع بحقيقة القمع الذي يقع علي المرأة بالتحرش و الذي يحصنه المجتمع.
هي إنسانة ليست مثالية، لكنها تتغير و تخطو للأمام بمساعدة من حولها. مثل الكثيرين في مجتمعنا كانت ترفض الاّخر، و تحاكمه، حتي بدأت تري نفسها ظالمة، و تحاكم الناس و تعطي نفسها الحق الذي لا يحق لها في الحكم عليهم. حين رأت أنها تظلم، حينها قررت أن تبدأ في تغيير نفسها و تقبل الاّخرين حتي و إن اختلفت معهم.
هناك كلمة قالتها جرحتني. قالت لي أنه عندما تعبت إحدي صديقاتها ضعيفات البصر نفسيًا و بقت بالمنزل، إتصلت رقم 3 بها و قالت لها أن أحدًا لن يرحمها، و لن يقول أنها كانت متعبة نفسيًا. لا أحد سيرحمها إلم تنجح. معني كلاماتها أن أحدًا لن يرحم الأضعف إن فشل، يجب علي الأضعف أمام المجتمع أن يظل يعمل أكثر من الجميع و يتعذب حتي يتكرموا و يقبلوا إعطاءه جزء من حقه. لا أحد يقدر معاناة الأضعف، الكل يكفيه شعوره بالقوة.
هي لم تختر مصيرها، و لا وضعها في هذا المجتمع لكنها ليست كالكثيرين مستسلمة، إنها تقاوم هذا المجتمع، و تختار أن تمضي خلف حلمها مهما تعبت. ليست ضعيفة. إنها مقاتلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق