السبت، 31 يناير 2015

قصص بشر (2)

(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).

(2)
إخوانية
         يرونها مجرمة و خائنة و إرهابية. يرونها متشددة، و متعصبة و رافضة للمختلف/ة عنها. يرونها كل شيء هم أقرب كثيرًا إليه و هي أبعد ما يكون عنه. إنسانة تقبل المختلف/ة عنها، و تستمع إليه/ا و تعرف كيف تحاور، كيف تفكر كإنسانة لديها منطق و مشاعر بشرية. لا ترفض المختلف/ة عنها أيًا كان، و مهما بلغت درجة اختلافه/ا معها فكريًا أو حتي مهما رأته/ا بأفكارها ضد مبادئها. و الأكثر إدهاشًا أن كل ما سأروي قاسته لم يغير شيئًا صغيرًا من نقاء قلبها، لم يلوثها و يجعلها تتعطش لدماء حتي من يتعطشون لدمائها و دماء من تحب.
         رأت الموت و واجهته كثيرًا، و لكن ربما الأصعب من رؤية الموت رؤية من يطبلون له، من يتعطشون للدماء. كأي إخوانية تتظاهر و لو حتي بملابس بيضاء تواجه الرصاص، و تري من يفرحون في دماء من حولها عندما تسيل.
          والدها اعتقل و تلاه أخوها الذي أمضي عامًا محبوسًا حتي خرج. و أخوها الأصغر أصيب برصاص في قدمه، لكنها لحسن الحظ كانت إصابة سطحية. احتفلت بزفافها دون والدها و لا أخيها الأكبر. بيت عائلتها هوجم و حطمت و سرقت كثيرًا من محتوياته. قريبتها الطفلة التي لم تتجاوز الثانية عشرة كانت بالمنزل وقت اقتحامه، وضع الضابط المسدس برأسها و سألها عن مكان قريبها، فأخذت ترجوه ألا يقتلها.
              في فترة فكرت رقم 2 ألا تنجب حتي لا تفقد من تنجب.
         و رغم كل ذلك، ظلت إنسانة. رغم كل ذلك، لم تحمل دم أحد، لم تطلب الدماء، لم تبررها، لم تقبل حتي بالسباب و اعتبرتها خارجة عن التربية الدينية التي تربت عليها. يعسر تخيل أن من عانت كل ذلك يمكن أن تبقي محافظة علي مبادئها و فوقها إنسانيتها و قبولها للمختلف/ة.

           و يرونها من بعيد هي المجرمة التي تؤمن بالعنف و ترفض المختلف/ة و الإرهابية! و هم من يبررون دمها، و كل ما تقاسيه لمجرد كونها تحمل فكرًا سياسيًا و دينيًا مختلفًا عنهمَ. من منهم الإرهابي؟ من منهم المؤمن بالعنف؟ من منهم يرفض المختلف/ة لمجرد اختلافه؟ من منهم المجرم؟ هي أم المجتمع؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق