(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
(2)
إخوانية
يرونها
مجرمة و خائنة و إرهابية. يرونها متشددة، و متعصبة و رافضة للمختلف/ة عنها. يرونها
كل شيء هم أقرب كثيرًا إليه و هي أبعد ما يكون عنه. إنسانة تقبل المختلف/ة عنها، و
تستمع إليه/ا و تعرف كيف تحاور، كيف تفكر كإنسانة لديها منطق و مشاعر بشرية. لا
ترفض المختلف/ة عنها أيًا كان، و مهما بلغت درجة اختلافه/ا معها فكريًا أو حتي
مهما رأته/ا بأفكارها ضد مبادئها. و الأكثر إدهاشًا أن كل ما سأروي قاسته لم يغير
شيئًا صغيرًا من نقاء قلبها، لم يلوثها و يجعلها تتعطش لدماء حتي من يتعطشون
لدمائها و دماء من تحب.
رأت
الموت و واجهته كثيرًا، و لكن ربما الأصعب من رؤية الموت رؤية من يطبلون له، من
يتعطشون للدماء. كأي إخوانية تتظاهر و لو حتي بملابس بيضاء تواجه الرصاص، و تري من
يفرحون في دماء من حولها عندما تسيل.
والدها
اعتقل و تلاه أخوها الذي أمضي عامًا محبوسًا حتي خرج. و أخوها الأصغر أصيب برصاص
في قدمه، لكنها لحسن الحظ كانت إصابة سطحية. احتفلت بزفافها دون والدها و لا أخيها
الأكبر. بيت عائلتها هوجم و حطمت و سرقت كثيرًا من محتوياته. قريبتها الطفلة التي
لم تتجاوز الثانية عشرة كانت بالمنزل وقت اقتحامه، وضع الضابط المسدس برأسها و
سألها عن مكان قريبها، فأخذت ترجوه ألا يقتلها.
في فترة
فكرت رقم 2 ألا تنجب حتي لا تفقد من تنجب.
و رغم
كل ذلك، ظلت إنسانة. رغم كل ذلك، لم تحمل دم أحد، لم تطلب الدماء، لم تبررها، لم
تقبل حتي بالسباب و اعتبرتها خارجة عن التربية الدينية التي تربت عليها. يعسر تخيل
أن من عانت كل ذلك يمكن أن تبقي محافظة علي مبادئها و فوقها إنسانيتها و قبولها
للمختلف/ة.
و
يرونها من بعيد هي المجرمة التي تؤمن بالعنف و ترفض المختلف/ة و الإرهابية! و هم
من يبررون دمها، و كل ما تقاسيه لمجرد كونها تحمل فكرًا سياسيًا و دينيًا مختلفًا
عنهمَ. من منهم الإرهابي؟ من منهم المؤمن بالعنف؟ من منهم يرفض المختلف/ة لمجرد
اختلافه؟ من منهم المجرم؟ هي أم المجتمع؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق