الاثنين، 26 يناير 2015

قصص بشر -رقم 1

(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).


(1)
امرأة- مثلية-لادينية
       اخترت أن تكون الأولي، ليس لأنها أول من خطر ببالي عندما فكرت في كتابة هذه السلسلة بل؛ لأنها من أكثر من غاص ألمهم عميقًا داخلي، و جعلني  أكره المجتمع أكثر و أكثر. إنها من أكثر من أثروا فيّ و جعلوني أصر أن أمضي في قتالي ضد المجتمع و طغيانه.
        تعذبت طويلاً وحيدة. عانت طويلاً مع الدين، و حاولت أن تجبر نفسها أن تؤمن به، و كانت متدينة متشددة حتي عانت من الوسواس القهري. احتقرت نفسها؛ لأنها شيء يرفضه الدين، لم تحاول مثل الغالبية إنكار مثليتها، و لكنها احتقرت نفسها عليها و كرهتها حتي تلذذت بتعذيبها. أحبت فتاة، و تألمت لحبها، و وجود تلك الفتاة وحده جعلها تشعر أنها ليست وحيدة و أن هناك شيء في الحياة يستحق أن تحيا لأجله. و عندما رحلت تلك الفتاة عادت إليها وحدتها، و اشتد تفكيرها في الدين، و بدأت تعذب نفسها لتشعر أنها مرتاحة لتتحرر من احتقارها لنفسها، كادت تصير سادية و كادت تصل لإنفصام الشخصية. صراعها مع الدين أجبرته الصمت، اكتفت بإجبار نفسها علي تصديق ما لا تؤمن به.  حاولت أن تبحث عن من يعينونها علي فهم الدين أكثر علها تؤمن به لكنهم كلهم كرهوها في الدين أكثر، و لم يملكوا إجابات. تعرفت علي رجل عرف كيف يستغل نقاط ضعفها و كراهيتها لنفسها، و ربما رغبتها في أن تثبت لنفسها أنها ليست مثلية، فتلاعب به ليأخذ منها متعته الجنسية رغم أنه أخبرها أنه متزوج.
      لم ينقذها إلا ظهور صديقة في حياتها "س". تلك الصديقة شعرت بها، و سألتها عن سر معاناتها و وجدت رقم 1 نفسها تحكي ل "س" كل شيء. "س" شعرت أنها أمام أشجع فتاة عرفتها؛ لاعترافها لها بكل شيء. "س" ساعدتها و ذهبت بها إلي طبيبة نفسية ثم إلي كنيسة لتتطلع علي الدين المسيحي. رقم 1 أمضت وقتًا طويلاً مذبذبة بين المسيحية و الإسلام حتي قررت أن تعتنق المسيحية ثم بعد  فترة قررت أن تصير لا دينية، أن تتبع الإله الذي أحبها و أحبته و بعث لها من يحبونها و يساعدونها، و تعبده بطريقتها بعيدًا عن الدين الذي شوه صورته لديها.
      تحررت من الظلام تدريجيًا بعد معرفتها ب "س". أخبرت كل من حولها بحقيقة أفكارها الدينية و ميولها الجنسية. و كانت فترة عصيبة جدًا. أكثر من سبعة رجال طلبوا منها طلبات جنسية تصل حتي العلاقة الكاملة؛ لأنهم حكموا أن "مثلية"  و و "لا دينية" مساويان ل"عاهرة". أحدهم عرض عليها أن يحضر لها مخدرات و داعرة مقابل علاقة جنسية معه! كل مرة صدمت و بالكاد نحن-قليل من أصدقائها- أنقذناها من أيديهم. اّخر مرة وجدتها تتصل بي لتقول لي: "أنا وسخة". رأت نفسها هي القذرة ما دام أغلب الرجال رأوها كذلك دون أن تفعل لهم أي شيء. كل مرة حاول رجل اسغلال ضعفها و جرحها بطلبه أو أسئلته الفجة، كان خنجر يدس داخلي و أكره المجتمع أكثر. 
       حتي من لم يطلبوا منها علاقات جنسية، حكموا عليها أحد حكمين –سواءً كانوا رجالاً أو نساءًا- إما أنها مريضة نفسية و مجنونة و تحتاج منهم قبولها بسبب مرضها، أو أنها فاسدة أو ضعيفة الإيمان تحت مستواهم، مع أن كثيرًا منهم أبعد ما يكون عن الأخلاق أو المباديء. لا أحد منهم فهم كيف تسبب لها في المعاناة، لا أحد منهم فهم كيف جرحها، و ساهم في معاناتها النفسية و العصبية و في لحظة فكرت في الانتحار من قبل.
       تركت تفاصيل كثيرة ناقصة في القصة. ذكرت فقط علامات معينة في قصتها أثرت فيّ، و لكن حقيقة معاناتها أكبر، و هناك أشياء لا استطيع أن أرويها الاّن عنها. أنتم-أغلبكم- لا تعرفونها، لكن إن عرفتموها ستكرهون المجتمع مثلي أكثر؛ لأنها إنسانة صافية شديدة النقاء بشكل نادرٍ وجوده في مجتمعنا. إنها إنسانة بكل معني الكلمة، لا تحمل ضغينة و لا شرًا و لا كراهية رغم كل ما واجهته. و يندر أن تقابلوا إنسانة تحمل رؤيتها الصافية المحبة المثالية للإله. إنها تراه بصورة أنقي من كل من قابلت. تراه بصورة تجعلني أحبه؛ لأنه بعث لها من وقفوا بجوارها وسط معاناتها.
     بقي شيء أخير. أنا مدينة لها، لم أكن لأواجه المجتمع ما لم تواجهه هي قبلي. لم أكن لأواجه نفسي و صراعاتي، ما لم تواجهها هي قبلي. عندما قرأت جزءًا من قصتها منها أول مرة شعرت بكم هي مشابهة لي، ربما لذلك أثر فيّ ألمها أكثر من الغالبية. لكنني وأنا أكتب الاّن أري بوضوح أكبر، كم نحن متشابهتان.
     أتذكر الاّن ألمي لأجلها، و لأجلها لن أصمت عن حق المظلومين. لن أسكت علي ظلم المجتمع.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق