(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
منذ
عام تهاويت، جذبت ملابسي كالمجنونة و أنا أبكي و أصرخ، و كدت أضع لحياتي حدًا. لم
أجن، لم أفقد صوابي، فقط رأيت جانبًا من حقيقة وطن و شعب دفعاني لما هو أفظع من
اليأس. رأيت من حولي ليسوا بشرًا، بل وحوش متعطشة لدم المختلف لمجرد كونه المختلف.
كان بإمكاني أن أصمد و أقاتل و لا أفكر في إنهاء حياتي إن اقتصر الأمر علي إجرام
دولة، أو طغيان حاكم مستبد أو حتي قتل سفاحين باسم حماية الوطن. لكن ما لم أكن
استطيع تحمله هو فاشية الشعب، فاشية من حولي، و تجردهم من الإنسانية بحيث يصفقون و
يطبلون تشجيعًا للقتل و يرقصون فوق الدماء.
لم أكن
داخلي أقويَ علي فكرة العيشة وسط من تجردوا من الإنسانية. كنت أعاني و أنا أري من
حولي، من أحب نصفين، كل نصف يبرر دم الاّخر و مستعد لأن يسيل دماء الاّخر بيديه.
يصعب وصف شعوري و أنا أعرف أن من حولي، بل من أحب قتلة و فاشيون. يصعب وصف شعوري و
أنا لا أحتمل العيش وسط اللاإنسانية، بين اللا بشر.
حينها كدت
أقرر تركهم، و الرحيل، و أوقفني شعوري أنني سأكون نذلة إن تركت أمي وحيدة و هي لا
تملك سواي. حينها وقفت بجواري صديقة تحملت أكثر بكثير مني، و هي تري أهلها يعتقلون
و صديقاتها تترملن و من حولها يقتلون نصب عينيها. وقفت بجواري و قوتني، لم تكن
وحدها، غيرها وقفوا بجواري أيضًا.
خلال هذا
العام حدثت لي أشياء كثيرة، و أخذت قرارت حررتني، و جعلتني أعرف أن حولي كثيرين
بشر. صحيح أن حولي فاشيين، لكن كذلك حولي بشر يحبونني و أحبهم و يتمتعون
بالإنسانية. رأيت فيهم خيرًا و حبًا جعلاني أقرر أنني لن أنتحر. أقرر ذلك لا لأجل
خوفي علي أمي و لا تحديًا و صمودًا و قتالاًَ هم واجبي كمقاتلة لكن لأن هناك أمل
في البشر؛ لأن حولي بشر، لم يخسروا إنسانيتهم رغم كونهم جزًء من مجتمع يخسر الإنسانية؛
لأن حولي من يحبونني و أحبهم،
سأحيا لأجل البشر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق