(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة).
ترانس
امرأة لذكر
(وافقت
أن يكتب عنها بمرادفات الأنثي)
عندما عرفتها دون أن أعلم ميلها الجنسي
و الجندري، عرفتها معرفة سطحية. لم أعرفها كإنسانة بصدق. بقت إحدي معارفي و لكنها
لم تتحول لصديقتي. لم أعرف عنها أجمل ما فيها إلا عندما عرفتها في مجتمع مختلفي
الميول الجنسية و الجندرية.
إنها من أشجع من قابلتهم، علمتنيالشجاعة
بمعنٍ مختلف. ربما شجاعتي من النوع المواجه، المجنون، الذي يتحدي المجتمع، بل ربما
هي انتقام أكثر منها شجاعة، لكن شجاعتها شيء مختلف. إنها تعرف الخوف، لكنها تحاربه
و تقدم علي أفعال تحتاج شجاعة نادرة؛ لأجل أن تساعد أناسًا حتي لا تعرفهم
يحتاجونها. إنها شجاعة، ليست بإنعدام الخوف و لكنبتحدي الخوف، و ليس لأجل النفس
فقط، بل لأجل الاّخرين.
قررت في فترة كانت ما تزال فيها تتلمس
طريقها- بعد أن أقرت لنفسها أخيرًا (وهي في السابعة عشرة) بميلها الجنسي و الجندري-
أن تساعد مختلفي الميول الجنسية و الجندرية و تؤسس صفحة يشعرون فيها بكونهم ليسوا
وحدهم. فعلت ذلك و هي خائفة من المجتمع و الدولة، فعلت ذلك و هي ما تزال متخبطة.
فعلت ذلك لأجلهم، لمجرد أنها قرأت علي جدار أحد الحمامات كتابة مثلية قالت أنها تشعر
أنها وحيدة. أرادت أن تساعد تلك الفتاة و اّخرين بأن يشعروا أنهم مدعومين و أنهم
مقبولين في مكان ما، -حتي و إن كان صفحة إلكترونية-. أرادت أن تساعد حتي و هي
خائفة، و حتي و هي تحتاج من يقفون بجوارها.
إنها لا تبحث عن الأضواء، و أرادت أن تبقي في الظلام، أرادت أن تدافع
حتي من بعيد. هي أيضًا لا تتصرف كقائدة، لا تتصرف كأحد متسلط، أو مستبد حتي مع مجموعة
تدعم مختلفي الميول الجنسية و الجندرية ( ظهرت نتيجة صفحتها). إنها أكثر تفاهمًا
من أغلب من عرفتهم. و تتحمل كثيرًا جدًا حتي تكمل و تساعد من يحتاجون الدعم، من
يشعرون بالضياع، من وصفتهم بأنهم يجذبون من ناحية من ميلهم الجنسي و من الناحية
الأخري من المجتمع. تتحمل الضغط العصبي،
تتحمل خوفها و شعورها بالتهديد من الدولة في أي لحظة، و تتحمل مشاكل شخصية كثيرة
بين من تساعدهم. تتحمل ذلك و أكثر وحدها. تتحمل ما لا يستطيع الكثيرون تحمل شيء
بسيط منه.
جرحها من أقرب أصدقائها عندما
رفضوا دفاعها عن المثليين –وهم لا يعلمون أنها ترانس-، و قالوا لها ما معناه أن أمثالها
يستحقون القتل، جعلها تبتعد، و تنغلق في مجتمع مختلفي الميول الجنسية و الجندرية.
بدأت تقبل نفسها و تتغير، و تعيش ما تري أنها تريده، و تصبح أقرب في طريقتها
للفتيان. في هذه الفترة التي كانت تكتشف فيها نفسها و ما تريده، ابتعدت عن كل من
رأتهم سيرفضونها إن علموا، و انغلقت داخل مجتمعها الصغير. ليست وحدها، لكن كثيرين
مثلها، يختارون الانغلاق داخل مجتمع صغير يقبلهم، جيتو يحميهم، بدلاً من مجتمع
واسع يرفضهم و يحتقرهم و يجرحهم.
لم تجرح فقط من أصدقائها، بل جرحت
من فتاة أحبت. بعد أن أحبتها، و ارتبطا، وجدت الفتاة تبتعد و تقول لها أنها لن
تستطيع أن تكمل في علاقة تعلم أنها لن تفضي إلي زواج و أبناء، و هذا ما تريده. رقم
5 أيضًا تريد زواجًا و أبناءًا، لكن المجتمع لن يسمح لها بذلك و لن يعترف لها بهذا
الحق، حتي إذا أجرت عملية التحويل. عندما ابتعدت عنها الفتاة التي ارتبطت بها، بدأت تقلق جديًا علي المستقبل، بدأت تواجه واقع
مجتمع يرفض لها حلمها كإنسانة في ان ترتبط بمن تحب و تتزوج و يكون لديها أبناء.
إنها ضمن أكثر من احترمتهم. احترمتها؛
لأنها تواجه خوفها. احترمتها؛ لأنها تريد أن تساعد –حتي من لا تعرفهم- و تشعرهم
أنهم ليسوا وحدين. احترمتها؛ لأنها تريد أن تشعر غيرها بالدعم، و دعمتني كثيرًا من
قبل، و فهمت كثيرًا من مشاعري.
إنها ليست مثالية. تيأس من
الناس، و ربما تحكم عليهم أحيانًا بسرعة من الخارج.أحيانًا لا تحاول أن تعطي من
أمامها فرصة ليتغير/تتغير ، لكنها –في النهاية- ليست مضطرة لاحتمال الألم لتغير
أحدًا. إنها –و هذا مبرر جدًا- تخاف الألم، و أحيانًا أظنها تخاف أن تبدو ضعيفة.
بقي أن أذكر عنها أنها مرحة.
إنها من أكثر من عرفت قدرة علي أن تحويل أكثر الأشياء إيلامًا إلي مصدر سخرية و
ضحك. تتقن فن الكوميديا السوداء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق