الاثنين، 17 أبريل 2017

تساؤلات (1): مشكلة النعيم والجحيم

          الفكرة التقليدية في الأديان الإبراهيمية (وبعض الأديان غير الإبراهيمية) أن الحياة تليها حياة أخري؛ بها نعيم أو جحيم. وتختلف صورة  ومفهوم النعيم أو الجحيم طبقًا للديانة؛ فالمصريون القدماء مثلاُ رأوا الجحيم في خسران القلب، وهو فرصة الحياة في الحياة الأخرى. والنظرة المسيحية التقليدية مثلاُ ترى أن النعيم هو "السما" وهي حياة أخرى فيها خير فقط وفيها صلاة للرب، ولا يوجد فيها ملذات أرضية "رخيصة" كالجنس.  والمسلمون يرون أن الجنة هي أرض الملذات الكاملة؛ حيث يحصل الفرد علي كل ما تمنى، وحرم منه في الدنيا لأجل طاعة الله.  والنار هي الهولوكوست الحقيقي بأبشع صور التعذيب. هناك نسخ جديدة أكثر انفتاحًا في مفهوم النعيم والجحيم خاصة في البروتستانتية المسيحية لكنها تتمسك بنوع من النعيم ونوع من فقدان النعيم.

          بغض النظر عن الصور المختلفة للنعيم والجحيم، لكن الشيء المشترك بين شتى هذه الصور هو فكرة أن الإنسان الذي يعيش بالطريقة التي يرتضيها الإله، ويمتنع عن نواهيه يكون مصيره النعيم، والمخالف لهذا السبيل يكون مصيره الجحيم. التشبيه الشهير الذي يسوقه بعض المسلمين أن الحياة اختبار؛ ومن ينجح في الاختبار يكافأ بالنعيم، ومن يفشل يكون مصيره الجحيم.

            لكن المشكلة الحقيقية في هذه القراءة أنها ترتبط بمنظور إشكالي للإله، وتتعارض مع فكرة الإله الخير. نحن نتوقع من المعلمة أن تقيمنا بدرجات منخفضة بعد الاختبار أو تعاقبنا، ونتوقع من القاضي أن يحكم علي المتهمة بغرض التقويم و الردع العقابي. لكن الحياة الأولى حسب الديانات التي تؤمن بالنعيم والجحيم حياة واحدة. هذا يعني أن الفرد لا يمنح فرصة التعلم بعد العقوبة.

            هناك احتمال آخر؛ هذا الاحتمال هو أن الإله يختبرنا حتى يحدد من منا الأصلح للنعيم. هنا يكون الإله مثل الشخص الذي يختبر الأنسب لشغل الوظيفة ؛لكن هذا الشخص عندما يختار الأنسب يكتفي باختيار الأنسب دون قصد الإضرار بغير المناسبين. لكن الإله هنا يقصد الإضرار بكل من يفشل في الوصول للنعيم.

              هذه الفكرة عن النعيم، والجحيم تستخف بفكرة الإله. الإله لا يجب أن يكون شخصُا غريبًا، يعذب البشر، ويختبرهم حتى يحدد من سيكون وسط مجموعة النعيم ومن سيوضع وسط مجموعة الجحيم. الإله يجب أن يرقى فوق هذه الطريقة الإنسانية في التفكير، والتصنيف، والتلاعب. الموضوع يشبه اللعبة التي يلعبها الإله بنا، الإله يجب أن يرقي فوق مستوي التلاعب.

             أنا لا أملك إجابة بخصوص الحياة الأخرى، وإن كانت موجودة أم لا، لكن نظرتي للإله تأبي أن أسلم بهذه الفكرة عنه، وعن حكمته في خلق الحياة.    

ملحوظة: هدف هذه المجموعة هو  خلق أسئلة وأفكار في عقلك، وهذا يعني أن المطلوب منك أن تفكر/ي في هذه الأسئلة، وتحاول/ي إيجاد حلول لها، ؛ سواءًا وجدت أو لم تجد/ي.
          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق