الأربعاء، 19 أبريل 2017

تسؤلات (2): هل الطبيعة عادلة؟ وهل تصلح معيارًا للخطأ والصواب؟

تستند كثيرًا من الآراء الدينية والاجتماعية والسياسية لمختلف الأديان والطوائف والمذاهب الفكرية والسياسية والأخلاقية علي فكرة الطبيعة أو القانون الطبيعي أو الفطرة، بغض النظر عن الاختلاف في تأويل هذه الطبيعة. مثلاً كثير من معتنقي المسيحية والإسلام يهاجمون بقسوة فكرة المثلية لأنها مخالفة الطبيعة؛ لأن الطبيعة هي علاقة الذكر والأنثى بغرض الإنجاب، ويرد أنصار المثلية بأن أكثر من 1500 نوع حيواني يمارس المثلية،؛ فهي إذًا طبيعية. وفلاسفة  الليبرالية الأوائل من أمثال روسو ولوك دافعوا عن الحرية بحجة أنها القانون الطبيعي والفطرة الإنسانية الطبيعية. ويدافع انصار الزواج الفردي عنه بأنه هو الطبيعة، بينما يدافع أنصار التعدد عنه بأن الطبيعة الإنسانية تميل للتعدد. ويجادل المسلمون بأن فطرة الله التي خلق الناس عليها هي الإيمان به، وأن الإلحاد ضد الفطرة الإنسانية.

بغض النظر عن تنوع هذه الموضوعات، وتنوع وجهات النظر فيها، نرى الطبيعة يتم التعامل معها  كمعيار الصواب، والخطأ؛ فما يتفق معها هو الصواب، وما يتنافر معها هو حتمًا خطأ. 

 لكن التساؤل المهم هو لماذا نبدأ بافتراض أن الطبيعة هي الحق؟ لماذا نفترض أن ما يتفق معها هو الصواب، وما يختلف عنها هو الخطأ؟ من أين لنا أن نثبت عدالة أو جمال أو حقيقية أو مثالية الطبيعة؟  أين الدليل علي ذلك؟ 

لنسأل سؤالاً أوليًا: هل الطبيعة عادلة؟

هل من العدل أن القوي يأكل الأضعف؟ هل من العدل أن الأنسب للبيئة بمحض الصدفة هو الذي ينجو من الهلاك؟ هل من العدل أن الطبيعة تحتوي كائنات تملك قدرات تفتقر إليها كائنات أخرى؟ هل من العدل أن الأنثى تملك القدرة علي الحمل، ويفرض عليها تبعات ألم الحمل، ولا يفرض علي الذكر ذلك، بل لا يملك اختياره أصلاً؟ هل من العدل أن الذكر يستطيع إختراق فرج الانثى، ولا تستطيع الأنثى ذلك بالمقابل؟ هل من العدل أن هناك أفراد يولدون مفتقرين إلى أعضاء، وأفرادًا  اّخرين يولدون بهذه الأعضاء؟ هل من العدل أن النظام الطبيعي بالكامل مستند علي فكرتين متناقضتين؛ الأولى هي التضامن بين الكائنات الحية، والثانية هي احتياج الكائنات الحية لإيذاء بعضها لتنجو بل واستفادة بعض الكائنات من ضرر كائنات أخرى (مثل البكتريا التي تعيش علي الأجساد الميتة)؟ 

هذه مجرد نماذج لأسئلة تجعلنا نتشكك في عدالة نظام الطبيعة، ويجب أن نحدد أولاً أن الطبيعة عادلة حتي نبدأ في دراسة هل تصلح كمعيار أخلاًقي أمً لا. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق