تكاد تتفق الأديان الإبراهيمية في نظرتها للإله علي أنه لا يخطئ قط، حتي عندما يأمر الإله بارتكاب مذابح وإبادة شعوب، ينظر له علي أنه يفعل الصواب، ولا يخطيء. وحتي في المسيحية، حيث يأخذ الإله صورة الإنسان، فهو يظل إنسانًا كاملاً لا يخطيء. الأديان الغير إبراهيمية تختلف إلى حد ما في نظرتها للإله، فبعضها يراه يخطيء، والبعض الاّخر لا يتقبل فكرة خطأ الإله فحتي اّلهة الحرب مثلاُ تصنف شيئًا حسنًا بالنسبة لشعوبها، فهذه الشعوب (مثل الإغريق)، لم تكن تري الحروب خطأ.
السؤال هنا هو لماذا يجب أن يكون الإله كاملاً، ولا يخطيء؟ لماذا لا يمكن أن يكون الإله غير كامل أو يرتكب أخطاء في أوقات؟ ألا يمكن أن تكون صورة الإله الكاملة هي مجرد رغبة للبشر في رسم صورة كاملة لشيء محدد يريدون بلوغه حتي يسعون خلفها؟ مثلاُ الشعوب التي ترغب في بلوغ القوة والسيطرة القاسية تصنع صورة إله قوي ومتجبر لأقصى صورة حتي تسعى خلفها. والشعوب التي ترغب في بلوغ أقصى درجة من الرحمة والحنان، والإنسانية تحاول رسم صورة إله حنون وإنساني ولا يؤذي أحدًا قط.
ألا يمكن أن تكون صورة الإله إنعكاسًا للقيم الاجتماعية لمجتمع معين في صورتها المثلى؟ ألا يمكن أن يكون الإله الأب مثل يسوع صورة الإله المثلي في مجتمع أبوي؟ ألا يمكن أن تكون الاّلهة الإغريقية العنيفة هي الصورة المثلى للقوة في مجتمع يقدس قوة الجيوش وقهرها لغيرها مثل المجتمع الإغريقي؟ ألا يمكن أن تكون صورة الإله الرحيم المنتقم هي الصورة المثلى للإله الذي يدمج بين القوة و الانتقام، والرحمة عند المقدرة، وهي صفات يحترمها المجتمع العربي البدوي؟
لماذا لا يمكن أن تكون حقيقة الإله عظيمة جدًا، ولكن ليست كاملة تمامًا؟ لماذا لا يمكن أن يكون الإله إلهًا عظيمًا، ومستحقًا لكونه إله بدون صفة الكمال؟ لماذا نفرض علي الإله أن يكون متفقًا مع صورتنا المثلي لقيمنا مهما اختلفت؟ يبدو أن الصورة البشرية للإله تتغير بتغير الزمن، والمجتمعات، والقيم الإنسانية، وربما صورتنا للإله تقبل في وقت ألا يكون كاملاً أو أن يخطئ إذا قبلنا لأنفسنا ألا نكون كاملين وأن نخطيء ونقبل بنقصاننا، وخطئنا.
ملحوظة: هذا المقال متأثر بحوارات وكتابات مع فادي صفوت، ورانيا أشرف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق