الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

الحصانة باسم الدين


    (هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

      عندما يصير الدين لدينا مجرد واجهة اجتماعية ، و رمز مقدس بلا قيمة حقيقية وراءه ، و مقتصر علي عبادات و مظاهر نتفاخر بها ، حينها تظهر أمراض حقيقية بسبب استغلال الدين بما يناسب الموقف و الشخوص ،هنا يكون الدين حصانة لمدعيه /مدعيته حتي ضد القانون ، و لا يجرأ أحد علي الاعتراض و الا يجد/ تجد  نفسه/ا بمثابة المتجرأ/ة علي الدين.
         قد لا تصدقونني ، قد تقولون عني أني أبالغ ، و قد تتهمونني بالتجني علي المتدينين بل ربما الدين ؛لأني علمانية. و لكن قبل ذلك اسمعوني ، و اجيبوا أنفسكم ، هل ما أقوله حقيقية أم زيف ؟ ألا ترونه في حياتكم أم لا؟
عندما تحدث فتنة طائفية مثل قصة قطع الأذن الشهيرة و عشرات غيرها ، ألا ينجو المجرمون من العقاب بجلسات عرفية ؟ لو كانت هذه الحوادث مثل الاعتداء علي الغير و تدمير المنشاّت و الاعتداء علي دور العبادة ارتكبت بغير واجهة الدين أكان مرتكبو هذه الأحداث سينجون من العقاب ؟ في حادثة كاميليا شحاتة الشهيرة يقال أنه ورد في التحقيقات أن رجال الدين المسيحيين احتجزوها و مع ذلك لم يجسر أحد علي محاكمة هؤلاء علي جريمتهم ؛لأنهم رجال دين ، بينما لو كان فرد عادي قد احتجز امرأة لحوكم علي ذلك .
              حتي عندما دعي داعية شهير من الدعاة الدينيين للاتجار بالاّثار ؛لأنها أوثان لم يستطع القانون النيل منه ؛لأن تحريضه علي سرقة الاّثار جاء باسم الدين ، بينما لو دعي شخص عادي لمثل هذه الجريمة لوجد نفسه / وجدت نفسها أمام تهمة التحريض علي الاتجار بالاّثار.و الدعوة لزواج ملك اليمين بل و حدوثه فعلاً ان لم يكن قد تم ذلك  باسم الدين و علي يد دعاة و شيوخ سلفيين لكان الأمر تحول الي قضيتي زنا و تحريض عليه .حتي عندما يحرض أئمة المساجد و بعض الدعاة المسلمين و أيضًا المسيحيين الي الفتنة و كراهية الاّخر و يتسببوا في حوادث فتنة يروح ضحيتها الكثيرون يخرجون بلا جزاء؛لأنهم دعاة  دينيون يتحدثون باسم الدين و يخشي مجرد مساءلتهم  ،بسبب نفوذهم الديني و تأثيرهم علي الفقراء.
              و في حياتنا اليومية يتسامح المجتمع بل و يدعم الذين يدهسون القانون باسم الدين ،مثل أولئك الذين يعتدون علي الملاهي الليلية أو العاهرات و يعظمهم المجتمع و يراهم واقفون في وجه الفسق حتي و لو عن طريق الاعتداء و خرق القانون.  وقت صلاة الجمعة ، ألا تصطف سيارات عديدة أمام المساجد صفوف ثانية و ثالثة ، و لا يستطيع حتي ضابط الشرطة تسجيل مخالفة لها ؛لأن من فيها يصلون ؟ اذا أصر/ت طالب/ة علي حضور امتحانه/ا بقناع يخفي وجهه/ا و لا يمكن المراقبين من التعرف علي هويته/ا ، هل سنري الجامعة مخطئة ان رفضت حضوره/ا للامتحان ؟ قطعًا لا ؛لأنه ما الذي يضمن للجامعة أن الطالب/ة الحاضر/ة هو/هي  صاحب/ة البطاقة الجامعية ان أخفي/ت وجهه/ا. و لكن ؛لأجل ايماننا بحصانة الدين حتي ضد القانون ، فقد انتفض الكثيرون و أحدثوا حالة من الجدل حول منع الطالبة المنتقبة التي تخفي وجهها باسم الدين من حضور الامتحان بنقابها.
      هذه هي الحصانة باسم الدين ، الاحتماء بالدين حتي ضد القانون و الدين معًا. هل هذا هو ما أمرنا به ؟ هل هذا هو ما يريده الله –عز و جل- من تمسكنا بالدين ؟ هل حقًا غاية ربنا من ديننا أن نتشبث بشكلياته و نجعله واجهة تقينا من مساءلة القانون عن خطايانا ؟
        و لكن يبقي دائمًا الحل في يد الدولة، و ليست أي دولة مالكة للحل ،الدولة القوية هي التي تملك مفتاح شفرة الحل. الدولة القوية التي تطبق القانون علي الجميع سواسية أيًا كانت قلاعهم اللاتي تدافع عنهم منه حتي و ان كانت (اسم الدين) . الحل في دولة تطبق القانون علي رجل الدين كما تطبقه علي الكافر ، و لا تسمح بأن يحتمي أيًا كان باسم الدين من هيبتها و قانونها.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق