الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

الايمان الحب و الايمان الكره


   (هذا  المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

  أغلب الارهاب و الحروب الطائفية التي سطرت بالدماء علي مر التاريخ سببها ظن بأن الايمان الحقيقي هو بغض عظيم  للاّخر ، لكل من هو ليس جزءاً من طائفة أو مؤمن بها.  الكثيرون من المتشددين لدين أو فكرة أو ايديولوجيا أو قومية أو عنصر يقيمون ايمانهم علي بغض كل من ليس داخل الدائرة التي يختارون الانتماء اليها.
               هناك نوعان من المؤمنين بأي فكرة ، نوع (مؤمن محب) يحب ما يؤمن به و يصدق فيه ، و لا يجعله ايمانه يرفض الاّخر و( مؤمن كاره ) يبغض كل من ليس متفقاً معه فيما يؤمن به و يرفض كل مختلف عن ايمانه .
    من اختاروا فكرة الايمان بالدم الأزرق من الملوك و الاستقراطيين القدامي و المعاصرين ، قرروا ازدراء بل و كراهية من  ليسوا ضمن(الدم الأزرق) و من لا يؤمنون به من الأغنياء أيضاً.من اختاروا  الايمان بالاشتراكية مثلاً من متطرفيها بغضوا كل من يؤمن بالرأسمالية و كل من انتمي لها و وصل بهم البغض الي الانتقام الدموي. و نحن –هذا الجيل – نري و ندرك أمثلة جلية لثمن البغض القائم علي الدين . نحن نعرف متدينين في حياتنا العادية يكرهون كل من لا يؤمن بدينهم أو حتي من لا يؤمن به علي طريقتهم.
       لماذا يكره مثلاً بعض المسلمين الذين يدعون التدين المسيحيين و العكس؟ لماذا يصل التعصب ببعض المتشديين المتدينين لتكفير من لا يؤمنون بايديولوجيتهم ؟ لماذا كان الناصريون يخونون الساداتيين؟ التعصب و التخوين و التكفير صور منعكسة في مرايا مختلفة أصلها الكراهية.و هذا يعني أن مفتاح اجابة أسئلة كثيرة  يكمن في سؤال بسيط"لماذا الكره؟"
     من تحب أو يحب ما يؤمن أو تؤمن به حقاً قد يجد/ تجد الشفقة علي الاّخرين طريقاً الي قلبه أو قلبها،و لكن "لماذا الكره؟" ما جدوي كره من يفتقر أو تقتقر الي الايمان الذي نظنه صواباً؟ ما معني هذا الكره أصلاً؟ أعتقد أن الكراهية للاّخر هي خوف منه ، قد يكون خوفاً من تأثير الاّخر علينا أو خشية تأثيره علي ايماننا.ان كان ايماننا هشاً فلن يقويه و لن يحميه البغض المقصود الموجه للاّخر.
     الايمان الحقيقي يتطلب حباً للمؤمن به أياً كان و اقتناع حقيقي به. و الاقتناع يتطلب استعمال القطعة المهملة المسماة العقل، هل يستعمل المؤمن الكاره للاّخر عقله في الايمان و الاقتناع بما يؤمن به؟ و كيف يستعمل هذا العقل في الايمان ؟ الحب و الكراهية يقتضيان أسباباً  لهما ، و خاصة ان كانا مرتبطان بايمان ما ، و لكن ما السبب المقنع لكراهية غير مؤمن لم يرتكب أي خطأ سوي أنه في نظرنا غير مؤمن ؟ من المرجح أن يكون التعالي ،فقد نري أن غير المؤمن هو أقل منا ؛لأنه لم يصل للايمان بما نؤمن به ، و لكن حتي التعالي لا معني له ؛ لأننا كلنا قد نخطئ في الوصول الي الايمان الصواب .
          المحب المؤمن سيشفق علي من لم يصل الي النعيم الحقيقي الذي وصل اليه ، و لكن من يؤمن و يكره الاّخر سيحتقر و يبغض و قد يتمني الموت لمن لا يؤمن بما يراه. المؤمن الكاره قد يتحد عنده ايمانه مع نفسه ،فيجد نفسه مستعداً لقتل من يجرح ما يؤمن به ليس لحبه لما يؤمن به قدر شعوره بأن من أهان ايمانه وجه اهانة شخصية له . أما المؤمن المحب لما يؤمن به فقد يغضب عندما يهان ما يؤمن به ؛و لكن ليس لأنه سينظر للأمر علي أنه اهانة شخصية له و لكن ؛لأنه يحب حقاً ما يؤمن به.
   الايمان كحب قرين بالتسامح  بينما الايمان ككراهية قرين للتدمير و التعصب و التطرف .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق