(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
نتشدق ليلاَ
و نهارًا عن الحرية و مدي ايماننا بها ، نقول أننا نصدق فيها و أننا نحترمها و
ندافع عنها ، و لكن هل ما نتشدق به حقيقي ؟ هل نحن حقًا مجتمع يؤمن بالحرية ؟ هل
لسنا مجتمعًا كافرًا بها أو علي الأقل مؤمنًا بها داخل حدود ضيقة نأسرها داخلها ،
حدود للحرية نحددها بمنظورنا نحن للأشياء و نحن فقط؟
كم مرة ننتقد
و لو داخلنا بدون البوح بالنقد من يرتدي /ترتدي ملابس لا نراها مناسبة ؟ كم مرة
نتخطي حدود الانتقاد داخلنا لنشهر هذا النقد علي الملأ أو لننتقد من لا تعجبنا
ملابسه/ا وجهًا لوجه.و الغريب أننا لا نكتفي بانتقاد الملابس التي نراها ملفتة أو
خارجة عن تقاليد المجتمع ( و هذا ليس حقًا لنا ) و لكننا نتجاوز ذلك لانتقاد
الملابس التي نراها تقتقر الي الذوق أو لا تعجب ذوقنا نحن في الملبس ، سواءًا في
الألوان أو قدر البهرجة أو لا تتناسب و سن مرتديها في وجهة نظرنا.باختصار نحن نريد
أن نفصل ملابس الاّخرين كما تعجبنا و الا ننتقدها خفاًء بلٍ و علنًا. هل هذا تصديق
بالحرية ؟
فلندع الملابس جانبًا و ننظر الي شيء اّخر.
عندما نعلم أن أحدًا من عائلتنا أو معارفنا تزوج أو تطلق لأسباب لا تقنعنا، أو
عندما نعلم أن احدي النساء تزوجت من رجلِ متزوج.ألن ننتقد سرًا و علانية من تزوجت
من رجلٍ متزوج أو من تزوج /ت أو تطلق/ت لأسباب نراها واهية ؟ لو كنا نؤمن بحرية الزواج و الطلاق و أنها أمور
شخصية ،هل كنا سننتقدهم ؟
ونحن
حتي لا نؤمن بحق الاّخر/ي و حريته/ا في اختيار العقيدة. و عندما دعمنا فرض قيود
علي حرية غير أصحاب الديانات السماوية في ممارسة دينهم ،تحججنا بأن ذلك يحمي
المجتمع ، و لكننا حقيقة لم نكن نريد حماية شيء و لكننا كنا نريد فرض ديكتاتوريتنا
.كنا نريد أن نفرض علي الاّخر/ي عدم الاعتقاد في أي دين لا نصدق به نحن و نراه
هرطقة.نحن أصلاً لا نؤمن بأبسط حريات الاّخر/ي في اختيار الدين و ممارسته ،فكيف
نكون مؤمنين بالحرية ان كنا نكفر بأبسط الحريات ؟
و حتي درجة
تدين الاّخر/ي نحشر أنوفنا فيها رغم كونها أمر مع الله –عز و جل- وحسب و لا دخل
لنا فيه.ان كنا متشددين ننتقد من أقل تشددًا منا ، و ان كنا أقل تشددًا ننتقد من
نراهم متشددين أكثر منا .لا نؤمن أبدًا بأن درجة تدين الفرد لا دخل لنا بها ، بل
نعتبرها شيء يهمنا و يؤثر فينا أشد التأثير.هل هذا ما نسميه ايمانًا بالحرية ؟
احترام رأي
الاّخر/ي و هو أمر بارز و هو الحكم في مدي ايماننا بالحرية يظهر فيه بتجلي مدي كفرنا بقيمة الحرية.فنحن نحكم
علي من هو /هي متحرر/ة أكثر منا في الأراء الاجتماعية بالانحلال و الفسوق ، و من
هو/هي متشدد/ة أكثر منا بالتخلف و التعصب.نحن نحكم بالتبعية علي من يؤمن
بالعلمانية أو الليبرالية ان كنا ضددهم بالسعي وراء نشر الفسق و الانحلال و بالكفر
أحيانًا ، و ان كنا مؤمنين بالعلمانية أو الليبرالية نري الاسلاميين متخلفين و
رجعيين و يريدون العودة بنا الي القرون الوسطي.و في كل الأحوال نري الاّخر/ي
خائن/ة أو في أفضل الأحوال جاهل/ة.
نعين
أنفسنا قضاة للاّخرين نحاسبهم علي ملبسهم ، علي علاقاتهم ، علي دينهم ، علي
تصرفاتهم التي لا تمسنا بخير أو بشر ، علي أرائهم و نلقب أنفسنا بالمدافعين عن
الحرية أو المصدقين بها ، و لنضفي علي كفرنا بها بعض الشرعية نضيف الي الحرية التي
نؤمن بها لفظ (منضبطة) ليحق لنا أن نضع (الضوابط) التي تعجبنا علي حرية الاّخر/ي
مع الاحتفاظ بلقب ( المؤمنون بالحرية ) .هذا ما يسمي خداع الذات ،
نحن مجتمع لا يؤمن بالحرية ،تلك هي الحقيقة ، التي يجب أن نعترف بها لنغيرها . و
ان كنا نريد حقًا تغييرها فيجب علينا أن نبدأبأنفسنا و نحاكم نفسنا لا علي الكلمة
التي تبدر منا في حق الاّخر/ي بل علي النظرة التي ننظر بها له/ا ، عندما لا تعجبنا
ملابسه/ا ،تدينه/ا، علاقاته/ا،تصرفاته/ا التي لا تؤثر علينا خيرًا أو شرًا ،
أراؤه/ا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق