( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
لا يحق لي أن ألعب ، لا يحق لي أن أحلم ، لا يحق
لي أن أكون حرة ، لا يحق لي أن اختار، لا يحق لي أن يكون لي وطن ، لا يحق لي أن
أكون إنسانة، لا يحق لي حتي أن أحيا يكفينا أن يمن عليَ بالعيش.
و أنا طفلة
أمنع من اللعب بحرية ؛لأني فتاة يجب أن تلتزم بقواعد المجتمع. و أنا طفلة أحرم من
أحلامي ،لا يحق لي أن أحلم حلمًا يرفضونه ، لا يحق لي أن أحلم بأن أكون شرطية تلقي
القبض علي الأشرار ، و تحمي الناس منهم . لا يحق لي أن أحلم أن أكون ضابطة بالجيش
أدافع عن بلدي من كل معتدٍ مثل أبطال الرسوم المتحركة. لا يحق لي طبعًا أن أحلم
برئاسة الجمهورية، بقيادة وطني ؛لأنني فتاة عاجزة مهما كنت قوية ؛لأن الجميع يري
أنني خلقت أمة عاجزة لا يحق لي أن أحلم بأن أصير سيدة ذات يوم.إنني أمة، و لن أكون
يومًا سيدة.
لا يحق لي الحرية طفلة أو حتي كبيرة ، فحتي
زواجي يفرضه عليَ المجتمع حتي لا أصير في ناظريه عانسة أو لربما أحيانًا داعرةً.و
عندما أتزوج أتلون علي مزاج زوجي كما كنت أتلون قبله علي مزاج أبي ! أصير متحررة
إن كان متحررًا أو متعصبة إن كان متعصبًا ؛لأني لست حرة ،أنا أمة و الأمة تتبع سيدها
،تخضع له ، إنه يملكها جسدًا و عقلاً و يسلبها حتي القلب.لست حرة في أي شيء ،لا في
جسدي الذي بالكاد اختار من يشتريه إن سمح لي، و لا في عقلي الذي يشكله المجتمع حيث
يشاء .لست حرة في أي اختيار ، زواجي ، ثيابي ، أفكاري ، أحلامي ، طموحاتي. كل هذه
الأشياء يحددها لي المجتمع ، الزوج أو الأب أو الخال أو الأخ أي ذكر ، يرسم لي
حدودها و يسجنني داخل هذه الحدود ، و لا يحق للأمة أبدًا أن تعترض علي السجن ،فهي
ملك لمولاها يفعل بها ما يشاء.
كل هذا
اعتدنا عليه، تربينا عليه ، لن نستطيع يومًا علي ما يبدو أن نحطم أسرنا و خوفنا و
نثور عليه.لكن مؤخرًا لم نعد إماء فقط ، لم نعد بلا حرية و حسب ، بل صرنا أيضًا
بلا وطن.
ربما
سلبنا الحرية قرونًا طوال ، و صمتنا.ربما اّمنا أن الحرية لم تخلق لنا ، و أننا
لسنا بشرًا مثلهم،مثل الذكور ،الذين خلقوا أعلي منا و لسنا أبدًا سواسيةً بهم.ربما
مع الوقت اّّمنا بعبوديتنا و دافعنا عنها ، ربما اّمنا بالنازية الجنسية ،و دافعنا
باستمامتة أحيانًا عن كوننا أدني منهم ، زرعنا داخل بناتنا أننا و هن سنبقي أبد
الدهر أدني منهم ملكًا لهم ، ربما حتي عذبنا و نكلنا بكل امرأة حاولت أن تحررنا من
العبودية ، ربما كنا نحن قبل الذكور من حفرنا لها قبرها ، و لكننا رغم كل ذلك ربما
كنا نظن أننا رغم عبوديتنا مازلنا نحتفظ بحقٍ صغيرٍ في أن تكون لنا بلد ننتمي
إليها ، نحتفظ بحقنا في أن نحبها ، و إن كنا كإماء نعلم أنه لا يحق لنا أن ندافع
عنها ، أو أن نصل إلي أي منصب حكموا علينا ألا نوطئه.
كنا
حموقاوات ، أو لأكون أدق من كن منا يظنن أن لهن وطن كن حمقاوات. الإماء أبدًا لا
وطن لهن ، وطنهن حيث يبعن في أسواق النخاسة ،وطنهن حيث يوجد أسيادهن ، لا حتي هذه
الأماكن ليست أوطانهن ، لا حق لهن في وطن ، هذه الأماكن هي أوطان أسيادهن ، و هن
فيها مجرد إماء بلا هوية.
اليوم
، لم يعترف بنا الدستور ، هل كنا بهذا التبجح و الجنون ؟ هل كنا نظن حقًا أننا
سنكون موجودات في دستور مصر ؟ الدستور لأهل الوطن و نحن إماء لا وطن لنا . الوطن
للذكور ، الوطن لهم ، و لذلك الدستور لهم هم.هل كنا بهذا المروق ؟ هل كنا حقًا
نريد أن ينص الدستور علي مساواتنا ، نحن الإماء بالأسياد ؟ هل حقًا كنا نفكر أو
حتي نحلم بهذا ؟ فلنحمد الله أن أسيادنا لم يجلدوننا ، لم ينكلوا بنا ،لم يسحلونا
، لم يشهروا بنا في وضح النهار .نحن الإماء اللاتي أردن المساواة بالأسياد ! نحن
اللاتي ظنن ذات يومٍ بكل حمقٍ أن لهن وطن.
أنا
غضبت ،اغتظت ، بكيت و الاّن أكتب.و لكني لم اعترف يومًا بقيودي ،تمردت علي أسيادي ،
أعلنت العصيان بل و الثورة. رفضت أن تقوض أحلامي ، أبيت أن أصير ملكًا لذكرٍ حتي و
إن كان أبي أو خالي ، و ساّبي أن أكون لذكرٍ لا اختار ، و سأعصي ذلك الذكر الذي
اختار ،و أثور عليه إن أراد أن يحدد لي سجن في فكري ، في اّرائي ، في طباعي ، في
ثيابي ، في أحلامي .أنا اخترت أن أجن بنفسي .أنا الأمة المجنونة تعلن الثورة ،
تعلن بإباء رفض الخضوع أو الخنوع . تعلن أنها حرة ، أنها إنسانة، أنها ستحلم ،
ستلعب ، ستحيا حقًا ، و ستكون لها أرض،ستكون لها بلد تنتمي إليها حتي و إن عبث
الأسياد الذين تثور عليهم كما شاؤوا
بدستورهم . إنني إنسانة ، إنني حرة ، إنني أساوي كل الذكورٍ ، و لست أدني من أحد ،
ليسوا أسيادي ، ليسوا أرقي مني ،إنني أساويهم ، و بعلمي و عملي و أحلامي و إيماني
و طموحاتي و لعبي و حياتي سأصير أفضل منهم جميعًا. و أهم شيء أن لي وطن ، أنا
مصرية شاؤوا أو أبوا و لي حق في كل شيء في هذا الوطن مساوٍ لهم ،بإرادتهم أم من
دونها ،بدستورهم أو بدونه.سأحلم بحرية ، سأحيا مصرية حرة . ولن يوقفوني أن أحلم
بأي شيء و أصل إلي أي شيء في هذا الوطن ، لن يوقفوني أن أدافع عنه في جيشه ، و لن
يوقفوني إن أردت أن أكون رئيسته .و لن يسلبوني أي حق في بلدي إنها بلدي. إنني
مصرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق