الثلاثاء، 23 مايو 2017

تساؤلات (11): علي ماذا يستند الإيمان؟

        الهجوم الشهير من المؤمنين بالمنطق أو المؤمنين بالمنهج العلمي (المنطق ليس والمنهج العلمي سواء، هناك اختلاف كبير بينهما) علي الدين أو حتي علي أفكار غير دينية يصعب إثباتها بأدلة ملموسة أو تناقض المنطق هو فكرة عدم إثباتها وكونها غير منطقية. والدفاع المشهور من المؤمنين الدينين الذين يرفضون مواجهة الأسئلة المنطقية ضد الدين هو أن الإيمان هو التصديق حتي دون أدلة ملموسة، ومع التصادم مع المنطق.

         لكن المشكلة الحقيقية عند رفض المنطق والأدلة الملموسة هو كيفية إثبات الإيمان أو تسبيبه. أليس الإيمان دون سبب مجرد تمسك بفكرة معينة لمجرد أنها تروق عاطفيًا للمؤمن/ة بها أو لأنها شيء تعود/ت عليه، ويخاف/تخاف فقدانه؟ أليس الإيمان دون أساس يستند إليه هو مجرد رغبة في الأمان الزائف أو الخوف من هدم كل ما تربى عليه الفرد، وعاش عليه عمره؟ أليس الإيمان بهذه الصورة رخيص جدًا ويرخص ما نؤمن به؟ ألا يجعل الإيمان بهذه الصورة من نؤمن به (مثلاً الإله) مجرد فكرة ننتفع بوجودها و نخاف أن نفقد الأمان الذي توفره، ولذلك نتمسك بها؟

        من ناحية أخرى، من أين يأتي الافتراض بأن المنطق أو الدليل الملموس هو فقط الأساس الذي يمكن أن يستند إليه الإيمان؟ لماذا هما فقط يصلحان كسبب للتصديق؟ ألا يمكن أن تكون هناك صور أخرى للأدلة؟ ألا يمكن أن تكون التجربة الشخصية للفرد في علاقته/ا بشيء ما هو سبب يستند إليه هذا الإيمان؟ ألا يمكن أن تكون تجربة روحانيًا فردية سببًا قويًا للإيمان؟ ألا يمكن أن تكون علاقة شخصية الفردية بإله أثبتت له صدق وجود الإله أو فكرة معينة عنه؟

        لماذا يجب أن يكون دليل أو أساس الإيمان صالحًا لإقناع كل فرد به؟ لماذا يجب أن يكون شيئًا غير فردي؟ لماذا لا يكون أساس الإيمان والإيمان ذاته تجربة فردية؟ لماذا يجب أن يكتسب الإيمان صورة اجتماعية جماعية بأدلتها، وأساسها؟ الإيمان دون سبب أو لمجرد أن الدين الذي تربينا عليه أو الكتاب المقدس الذي كبرنا علي وجوده أو المجتمع الذي تربينا فيه يقول أشياءًا محددة فنؤمن بها ربما هو إيمان خاطئ وكاذب ويرخص ما نؤمن به، لكن هناك صور أخرى للإيمان بأشياء حتي وإن كانت ضد المنطق والأدلة الملموسة. ربما هناك أدلة فردية من نوع آخر يمكن أن يستند إليها الإيمان. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق