الجمعة، 18 مايو 2012
الاعتراف باسرائيل
( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
كنت بالأمس أحاور احدي صديقاتي علي الهاتف ، و كنا نتحدث عن ترتيب دول العالم من حيث الفساد ، قلت أن اسرائيل من أقل الدول فسادًا (ترتيبها 36 من 182 دولة) ، سألتني صديقتي ان كنت اسميها اسرائيل أم فلسطينٍٍ ، و بدأنا حوارًا حول هذا الأمر ، كنت أؤيد أنا فيه الاعتراف باسرائيل بشروط معينة ، و قبل أي موقف أريد ممن يقرأ / تقرأ مقالي الاستماع الي وجهة نظري كاملة في هذه النقطة.
قبل كل شيء أنا لا أقول أن أرض فلسطين هي حق لاسرائيليين ، هذا هراء و افتراء لا مجال له ،اسرائيليون ليس لهم أي حق في الأرض التي أقاموا عليها اسرائيل ( و هذا مؤكد بالحجة في مقالي الأسبوع الماضي) ، و لكن ما أقوله هو أننا يمكن أن نعترف باسرائيل رغم عدم شرعيتها في مقابل سياسي معين ليس مقابلاً يخدم مصر وحدها أو أي دولة عربية منفردة و لكن جميع الدول العربية و علي رأسها جميعًا فلسطين.
بمعني اّخر ان كان يضمن لنا اعترافنا باسرائيل عودة الأراضي المحتلة منذ عام 1967 (هضبة الجولان السورية و الضفة الغربية و القدس الشرقية) و قيام دولة فلسطينية علي حدود 1967 و عودة اللاجئين و اسقاط المستوطنات و حصول الدولة الفلسطينية علي اعتراف دولي و جيش منظم و موارد هي حق لها ، فأنا أعتقد أن الصواب حينها أن تعلن جميع الدول العربية اعترافها باسرائيل ، و لكن في حال عدم حصول الفلسطينين علي حقوقهم كاملة حينها يكون من الخطيئة اعتراف الدول العربية باسرائيل.و بالمناسبة الأراضي الفلسطينية التي ترفض اسرائيل التفضل بمنحها لذوي الحق فيها لا تتعدي كونها 28% من مساحة فلسطين التاريخية !
أما بشأن مصر و الأردن فأنا أعتقد أنهما ملزمتان بالاعتراف باسرائيل (علي الصعيد الدبلوماسي) علي الأقل بسبب اتفاقتي السلام المصرية الاسرائيلية و الأردنية الاسرائيلية و أنا لا أري أن خطوة السادات بالسلام مع اسرائيل كانت خطأ ،و لا أن الاعتراف باسرائيل مقابل عودة سيناء كان خطأ.لأنه ببساطة لو لم يكن السادات قد اعترف باسرائيل لما كانت سيناء عادت و لكانت الاّن كالضفة الغربية أو الجولان ممزقة بالمستوطنات الاسرائيلية و لكنا حتي الاّن عاجزين عن اعادة سيناء كما تعجز سوريا عن اعادة الجولان ، و لكنا اضطرننا الي تقديم تنازلات عن أجزاء في سيناء كما فعل الفلسطنيون أو كنا مانزال في مفاوضات لا تنتهي مع اسرائيل ، اسرائيل فيها لها اليد العليا ؛لأن السادات عقد السلام في وقت كانت مصر ماتزال فيه منتصرة بينما بدأ العرب اتباع خطي مصر في وقت لم يكن فيه العرب منتصرين.
ان كنا كمصريين نريد ألا نعترف باسرائيل فعلينا أولاً أن نعلن استعدادنا لمحاربة اسرائيل غدًا و حل اتفاقية (كامب ديقيد) و لكن مادمنا لا نريد الحرب ، و نريد السلام ، فيجب علينا جميعًا الاقرار باسرائيل دولة كما نقر بفلسطين دولة علي حدود 1967.و لكن أن نقبل أن تستمر (كامب ديقيد) و نرفض الاعتراف باسرائيل فهذا هذر .لست ممن يقولون أننا يجب أن نهاب اسرائيل ، و أننا أضعف ، نحن لسنا أضعف أبدًا بالمناسبة عسكريًا، و لكنني أؤمن أننا لا يجوز أن نقبل باتفاقية و ننقضها.
و علي مستوي الواقع ، اسرائيل دولة معترف بها دبلوماسيًا و قانونيًا ، بينما فلسطين ماتزال دولة غير معترف بها قانونيًا ( و هو ما تحاول فلسطين انهاءه بذهابها الي الأمم المتحدة طلبًا للعضوية ، و الذي تنوي أمريكا فضح نفسها بالفيتو ضدها) و علي جميع خرائط العالم اسرائيل موجودة كدولة ، و فلسطين موجودة باسم (الأراضي الفلسطينية) . اسرائيل تربح يومًا بعد يوم اعتراف أقوي بها ، و مرتبة أعلي علميًا و اقتصاديًا و سياسيًا، و كثير من جامعاتها من أرقي جامعات العالم ، و انتاجها التكنولوجي يدخل في أغلب الحواسيب و هي متطورة في الصناعات التكنولوجية ، و براءات الاختراع الاسرائيلية تزيد عدة مرات علي براءات الاختراع العربية مجتمعة.بمعني أدق اسرائيل دولة قوية سواء اعترفنا بها أم لا ، و هي لن تخسر كثيرًا برفضنا الاعتراف بها ، و لكنها ستربح كثيرًا جدًا ان أقمنا علاقات طبيعية معنا .نحن كعرب–في اعتقادي- من مصلحتنا ان نعترف باسرائيل ( التي هي دولة معترف بها شيئنا أم أبينا) و أن نقيم علاقات طبيعية معها ، و لكن شريطة أن تعيد اسرائيل لنا أراضينا المحتلة و اقامة دولة فلسطينية مستقلة بسيادة كاملة و جيش قوي و عودة اللاجئين الذين يبلغون نصف تعداد الفلسطينين و ازالة الوجود الاستيطاني ،و اعادة موارد فلسطين المسرووقة كمياهها الجوفية.
و لا مانع ان يكون سلامنا مع اسرائيل و اعترافنا بها وقتيًا ، و لكن يجب أن نحصل عليه علي الأقل حتي نستطيع أن نتفوق علي اسرائيل سياسيًا و اقتصاديًا و فوق كل شيء علميًا . و الخرافة التي تتداول أن الدول العربية ان اتحدت ستقضي علي اسرائيل غير حقيقية ؛لأنه للأسف خلال ما يزيد عن ستة عقود صارت اسرائيل علي أرض الواقع دولة بأركان يقطنها ما يزيد عن 5 ملايين صهيوني يحظون بأفضل مستويات التعليم و الثقافة و التطور و حتي ان هزمنا اسرائيل عسكريًا في ضربة واحدة ، لن نستطيع اعادة اسرائيل للفلسطنين ليحكموها مع وجود 5 ملايين اسرائيلي ( يصعب طردهم) علي مستوي تعليمي و ثقافي و تكنولوجي و سياسيي و اقتصادي أرقي بمراحل من الفلسطينيين.الكلام العملي الواقعي يقول أن أمامنا حلان.الأول أن نجبر اسرائيل علي السلام و نعترف بها و نحصل علي حل دولتين . أما الحل الثاني أن نصبر لعقود حتي يغلب الفلسطينيون الاسرائليين في العدد ، و هو ما سيحدث بحكم التكاثر السريع للفلسطينين مقابل الاسرائليين ، و لكن لنحقق هذا الحل علينا أن نضمن أن نحافظ علي الفلسطنيين من الابادة الجماعية التي يتعرضون لها و من الطرد المنظم ، و أن نساعد الفلسطنيين ليرتقوا بمستواهم العلمي و التكنولوجي و الثقافي و الاقتصادي و السياسي ليتمكنوا من التغلب علي الاسرائيليين ؛لأنه حتي و ان كان عددهم أكبر بمراحل ان ظلوا أقل اقتصاديًا و ثقافيًا من الاسرائيليين فحينها سيظل الاسرائيليون هم المسيطرون علي الدولة.
و أخيرًا أنا لا أقول أن رأيي هذا هو الصواب ؛لأنه يحمل ما بين طياته اعتراف بشرعية احتلال. و لكنني أراه الخيار الأقرب للصواب ان كان يكفل لنا عودة جزء من حقوقنا السليبة.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق