السبت، 26 مايو 2012
الأراء المنطقية و الأهواء
(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
منذ فترة وجيزة خضت جدالاً مع معلمي في حصة اللغة العربية ،كان الجدال حول (حد الردة) ، و أنبثق من هذا الجدال ، جدال اّخر حول الرأي في الدين ، كنت حينها أجادل أن الفقهاء بشر يخطئون و يصيبون و رأيهم الفقهي قابل للمناقشة ، و حينها قال المعلم أن الدين لا يحتمل الأراء الشخصية ، حتي لا يفعل الشخص ما يتبع هواه و يراه صحيحًا و يقول أن هذا رأيه في الدين. حينها كنت منغمسة جدًا في الجدال ، و لم أرد علي هذه النقطة ، و لكن عندما فكرت في الحوار مرات اّخري ، استوقفتني هذه النقطة التي لم أضحدها في جدالي ، و هذا جعلني انتبه للفرق بين الأراء الشخصية و الأهواء.
نحن في العادة لا ندرك الفرق ؛لأننا تربينا علي عدم استخدام المنطق في الجدال ، و الاكتفاء باختيار الرأي الذي يعجبنا و يواكب هوانا ، لا الرأي الذي يحترم عقلنا و أكثر ميلاً للمنطق .هناك فرق شاسع ما بين الرأي و الهوي ، الهوي فكرة قد تكون بلا منطق نختار اتباعه و الايمان به ؛لأنه يعجبنا ، و لكن الرأي هو فكرة قائمة علي أراء منطقية مستندة و مدعمة بالأدلة و البراهين.
علي سبيل المثال ، جدال بسيط حول فكرة عامة ( التسامح أو الثأر) ، فالنفترض أنني قلت أن التسامح أفضل ؛لأنني أحب التسامح هذا يعني أنني اتبعت هواي ، و اّمنت بالتسامح ؛لأني أحبه ، هكذا أنا أتبع الهوي.و لكن ما يجعل ايماني بالمبادئ رأيًا شخصيًا محترمًا هو أن استخدم فكرة منطقية مدعمة بأدلة ، علي أن التسامح أفضل ، كأن أقول أنني أري التسامح أفضل لا ؛لأنني أفضله و حسب و لكن ؛لأن الانتقام قد يؤدي الي ظلم أناس أبرياء (هذه هي الفكرة المنطقية) ، يجب أن اثبت أيضًا بالأدلة هذه الفكرة ، يجب أن أعطي برهانًا علي أن الثأر يهدي الي الطغيان.هنا سأذكر دليلاً من التاريخ مثلاً عندما ثأر ثوار الثورة الفرنسية من النظام الارستقراطي الذي كان يعذب شعبه من الفقر و ينعم بالثراء الفاحش ، أدي هذا الثأر الي قتل مئات ممن لا ذنب لهم و لم يكونوا جزءًا من الظلم الذي مورس علي الشعب.بل أن روح الثأر داخل الشعب استغلها السياسيون ليقضون علي خصومهم باتهامهم بمعاداة الثورة الفرنسية الانتقامية. و يكون رأيي أقوي ان دعم بأكثر من دليل ، هنا أذكر مثلاً أن الانتقام في صعيد مصر ، يتسبب في حصد أرواح أبناء لا ذنب لهم في أخطاء أهلهم ، و هذا في حد ذاته دليل حي لظلم الأبرياء بسبب الرغبة في الانتقام.
الرأي ليس ميلاً شخصيًا تجاه فكرة أو مبدأ ما ، الرأي الشخصي المنطقي الذي أعتقد أنه جدير بأن يستخدم في الحكم علي كل نواحي الحياة من سياسة و اقتصاد و دين و مجتمع ، هو رأي قائم علي أفكار منطقية قائمة علي بنيان متين من القرائن و الأدلة و البراهين .لذلك فمن الخطأ الخلط ما بين الرأي الشخصي المنطقي و الهوي الذي لا أساس له سوي الميل الشخصي الي فكرة ما.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق