الجمعة، 3 أغسطس 2012

هيبة الدولة و هيبة السلطة

( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ). القمع المستمر و الديكتاتورية السياسية الغاشمة يولدان أزمة اتحاد الدولة مع السلطة، و غرس فكرة أن الاثنين رأسان لوحش واحد يفرض سيطره قهرًا علي جموع الشعب .و نتيجة لذلك يصبح هم الثائر/ة الأول عندما يطفح الكيل هو اسقاط رموز الدولة ؛لأنها في لا وعي الحكام و المحكومين ليست سوي مرادف للسلطة ، و رموزها هي رموز للسلطة.هذا كله ينبثق من الهيمنة التي تمارسها النظم القمعية ، الهيمنة التي تمتد لكل رموز و كيانات الدولة و تحولها كلها لرموز و كيانات السلطة. اتحاد السلطة مع الدولة ينتج نوائب لا حصر لها.فهو يجعل الشعب يعتقد في أن الدولة ليست بمؤسساتها ملكه أو ملك الوطن بل ملك للسلطة الحاكمة ، فاذا كانت السلطة الحاكمة محبوبة و مطاعة كانت الدولة محبوبة و مطاعة ، و اذا بغض الشعب السلطة و حاول تحديها بكل الصور ، كان أول ما يحاول اسقاطه هو الدولة و كياناتها.و هذا يظهر جليًا في أفعال صغيرة مثل تحين الفرصة لكسر اشارة مرور أو التفاخر بمخالفتة أي اجراء أو قانون أو التهرب من ضريبة . و هو ما برز بقوة بعد ثورة 25 يناير ، و خاصة عندما صار رمز للثورة الهجوم علي رموز الدولة مثل وزارة الدفاع و الداخلية. لو كان مترسبًا في عقلية المواطن/ة أن هذه الوزارات ملكه/ا و رموز للدولة لا للسلطة لما حاول/ت الاعتداء عليها. هيبة السلطة قد يباح التعدي عليها و لكن هيبة الدولة تعد خطًا أحمرًا حتي في أخطر الظروف ؛لأن هيبة السلطة محل خلاف و تحفظ طالما التزمت السلطة بواجباتها، بينما هيبة الدولة هي درع الأمان للجميع و التي تكفل حماية القانون و سيادته.و طبعًا الربط بين السلطة و الدولة يولد دائمًا الربط بين الدولة و هيبة السلطة ، و قد يظن الطغاة أن ذلك قد يحميهم من شعوبهم و لكن الحقيقة أن الالتحام ما بين لدولة و السلطة و هيبة الدولة و هيبة السلطة لا يحمي السلطة في شيء و لكن يدمر الدولة و قيمتها و معانيها و بالتدريج هيبتها. لم يحمِ أي نظام عربي ديكتاتوري ربطه بين الدولة و السلطة سلطته بل جميعهم اما أزيحوا في ثورات الربيع العربي و اما يواجهون حربًا دروسًا مع شعوبهم التي ستنتصر ، و لكن في المقابل الدولة في ليبيا سقطت ، و في اليمن علي وشك السقوط و في مصر و تونس متأرجحة السقوط.أي أن تعشيق الدولة في السلطة لم يصن السلطة و لم يحمِ الدولة في النهاية. لسنوات طوال و نحن لا نميز بين السلطة و الدولة ؛لأننا تربينا علي أن حكامنا الطغاة وحدوهما ؛لكي يهيمنوا علي الوطن بأكمله ، و لكن ان لم نفق و نميز بين الدولة و رموزها و هيبتها و السلطة ،فحينها سنخسر الاثنين . و فقط عندما تتحقق الديمقراطية التي بها السلطة و النظام شيء فانِ و الدولة الي أبد ، سنعلم الفرق بين الاثنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق