الجمعة، 24 أغسطس 2012
الرحمة
دخلت عصفورة صغيرة من النافذة و سقطت وراء الكرسي ،خفت جدًا عليها و جريت نحوها ( كانت رقيقة جدًا) و لكنها كانت جبانة أيضًا ؛لأنني كلما كنت اقترب منها كانت تختفي وراء الكرسي أكثر و تزنق أكثر. شعرت بأن قلبي يؤلمني جدًا عليها ، و حزنت ؛لأنني قد أكون السبب في أنها تنزنق أكثر وراء الكرسي ،ماما حاولت حملها لتجعلها تطير و لكنها انزنقت أكثر خلف الكرسي ، فشعرت بالذنب أكثر و أكثر ،و بقيت أحاول اخراجها و هي لا تخرج و أخيرًا طارت في النهاية.
و العصفورة خلف الكرسي شعرت بقلبي يبكي و حزين و يتألم لأجلها ، أليس هذا الشعور هو "الرحمة " ؟ الرحمة هي التي جعلتني أتألم لأجل العصفورة الضعيفة المسكينة و هي محبوسة خلف الكرسي .الرحمة شعور صادق ،صادق جدًا و ليس فيه كذب ،صحيح أنني تألمت لأجل العصفورة ، و لكني شعرت أن قلبي أصبح أصفي و مرتاحًا أكثر عندما خفت عليها .
ربي أرحم مني ،علي الأقل أنا رحمت عصفورتي عندما سقطت و انزنقت خلف الكرسي ، و لكن ربي رحيم بنا دومًا و نحن ضعفاء و نحن أقوياء ، حتي و نحن مخطؤون ، لذلك فهو ربي الذي أحبه جدًا و أثق به.
كيف لا توجد رحمة داخل قلب الأشرار ؟ كيف يستطيعون أن يؤذوا الضعفاء بدون أن يتألموا حتي ؟ لماذا شعرت بالذنب عندما انزنقت العصفورة و هي تهرب مني ، و لا يشعرون هم بأي شيء و هم يقتلون الضعفاء و يجعلونهم يعانون ؟ لماذا ماتت الرحمة داخل قلوبهم هكذا ؟ لماذا ؟
بابا لا يشعر بأي حزن عندما يقتل الصراصير ، ماما تقول أنها كانت تشعر بالحزن عندما تقتل الصراصير و هي صغيرة و الاّن لا تهتم .أنا لا أريد ألا أشفق علي الصراصير ،صحيح أنها تضرنا ان وقفت علي الطعام ، و لكنها لا تقصد ذلك ، لو صرت لا أبالي بموتها و لا أحزن عليها ربما أقتل أيضًا الرحمة داخلي و أصير مثل هؤلاء الأشرار لا أشعر بالرحمة أبدًا علي الضعفاء و لا أتألم عندما أجعلهم يعانون.
الرحمة شعور جميل ،أعطاه الله –عز و جل – لنا ؛لأنه يحبنا و رحيم بنا ، و لا يريدنا أن نكون بلا قلب ، هو يحبنا و يريدنا أن نحب بعضنا و نحب كل شيء خلقه و نشفق عليه ،حتي لا نصير كالأشرار بلا مشاعر و لا ألم و لا رأفة .أريد أن أبقي أبدًا رحيمة بكل شيء ،العصافير و البشر و الطبيعة و زرعتي و البحر و النيل و الحيوانات و الصراصير و ألعابي و حتي الكرسي، و لا أصير أبدًا من الأشرار الذين لا يرحمون شيئًا أبدًا حتي أنفسهم ،عندما يصيرون بلا رحمة .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق