الجمعة، 10 أغسطس 2012

حرية العقيدة

(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ). تنويه: ( داخلي كنت قد قررت أن أتركهم يعبثوا كما يشاؤون.كنت قد قررت ككثيرين أن اعتزل الكتابة عن الدستور و أفض دماغي المسكينة من هموم الدولة و أدعها لهم .كنت قد علمت السبب الحقيقي وراء عزوف المصريين عن السياسة قبل ثورة 25 يناير ، ذلك العزوف الذي كنت سأنظر له علي أنه تكاسل و تقصير في حق الوطن.كنت قد خبرت الشعور بأنني ليس لي علاقة بما يحدث في السياسة و أنني سأودعها لحكامها الحقيقيين الاّن الذين استغلوا اللحظة أتم الاستغلال و استطاعوا أن يضعوا الدولة كلها داخل قبضتهم .كنت أقول لنفسي فليفعلوا ما يحلو لهم ،فحتي و ان وضعوا الدستور المفصل علي مقاسهم ،حتي لو أحكموا قبضتهم علي كل ضلوع الدولة من اعلام و ثقافة و مجالس محلية و مجالس نيابية ، فغدًا سيأتي ، و حينها سنبدأ من جديد.اعترف بكل هذا الضعف و التقصير و الاستسلام ،أقر به ؛لأنني لا أحب الكذب و لا التجمل و لا ادعاء البطولة و الوطنية.و أعلن أنني أكتب هذا المقال تخليصًا لضميري ،و لأجل ما تبقي من حمية دمائي .و أقول أنني سأظل أكتب لأجل واجبي حتي و ان فقدت مشاعري و حميتي). أغرب ما فينا أننا ندعي كل شيء و نؤمن بضده ! ندعي احترام الحرية الشخصية و نقييدها بعنف طبقًا لرؤيتنا نحن للصواب و الخطأ.ندعي التصديق بحرية المرأة ، و نخنقها أيضًا بما نراه نحن الحدود لطموحاتها و أهدافها و تطلعاتها.ندعي الايمان بحرية العقيدة و نحن نلزم من حولنا أن يؤمنوا بما نراه نحن دينًا نقبله و نعترف به! أعجب ما فينا أننا نريد أن نجعل الجميع يتحركون داخل أسوار السجن الذي نصنعه نحن ، ثم نعود لنصرخ فيهم : " أنتم أحرارًا"! مادة الدستور التي يتم صياغتها الاّن عن حرية العقيدة مثال صارخ علي ازدواجيتنا من كل الزوايا .دليل علي أننا لا نحترم أصلاً فكرة حرية الايمان و أنها مجرد شعار من الشعارات الكثيرة التي نعشق التشدق بها و الدعوة اليها بل و الاتجار بها أحيانًا بينما في الحقيقية نحن أبعد ما نكون عنها. المادة التي تصاغ تعترف طبعًا بحق من يدينون بالديانات السماوية كلها –بما فيهم طبعًا أهل الذمة من غير المسلمين- في عقيدتهم ، و لكن غيرهم من الكفرة و الوثنيين و المجوس فتعتبر حريتهم في العقيدة ضد الدستور بل و أيضًا تهديد للنظام العام أي بلغة النظام القديم :" جريمة أمن دولة"! و لا حاجة لي أن أصف معني هذا التعريف . نحن – كمسلمين مصريين- ننظر للمسيحيين و اليهود علي أنهم أهل كتاب و علي غيرهم علي أنهم كفرة ، ملحدون،بلا دين.هذا حقنا ، هذه عقيدتنا ، و من حق المسييحين أن يروننا أصحاب دين مدعي كما ننظر نحن للبهائيين ، و من حق اليهود بالتبعية أن يروا كل من بالأرض عداهم أصحاب بدع لا ديانات. و كل هذا حق و حرية عقيدة ، و لكن ليس من حق أصحاب الدين أن يفرضوا رؤيتهم هذه علي غيرهم .بمعني اّخر ان كان يحق لنا التكذيب بكل الديانات غير السماوية ؛فهذا لا يعني أن من حقنا عدم الاعتراف بحق الذين يؤمنوا بهذه الديانات في ممارسة عباداتهم. لماذا نغضب من الغرب و ما نسمية " الاسلاموفوبيا" ؟ لماذا ندعو لمقاطعة الدول التي ترفض أداء المسلمين لطقوسهم الدينية ؟ لماذا يفور دمنا عندما نجد مسلمين قد منعوا من الصيام قسرًا في الصين أو من الصلاة في جماعة في روسيا؟ لماذا نثور هكذا و نحن نفعل الشيء ذاته في من لا نصدق في دياناتهم ؟ الصيام و الصلاة الجماعية و الماّذن و الحجاب كلها طقوس دينية اسلامية يريد الغرب و بعض دول الشرق منعها قمعًا بالقوة ، و هذه جريمة ضد حرية العقيدة بلا شك. و لكن مجددًا لماذا ننفجر هكذا ؟ الغرب و بعض دول الشرق لا تري الاسلام سوي فلسفة أو دين مدعي ، و نحن نري البوذية و البهائية و غيرها بنفس الطريقة .لماذا اذًا حرام علي الغرب قهر حريتنا الدينية و حلال علينا قمع حرية أصحاب الديانات الغير سماوية الدينية ؟ انها مجددًا ازدواجية معاييرنا مع الغرب(كما تحدثت عنها في مقالِ سابق)، انه كذبنا و خداعنا لأنفسنا. يقول المدافعون عن هتك حق المصريين المؤمنين بغير الديانات السماوية أن هذا الاعتداء علي حقهم انما هو حفظ (للنظام العام) . "النظام العام" العبارة الهلامية التي تطلق من كل الجهات لارعابنا و جعلنا نريد و نؤمن بضرورة التغاضي عن الأمور الثانوية مثل الحريات من أجل الحفاظ عليها. الغرب أيضًا و معه الصين و روسيا يرددون أن "الاسلام" تهديد ل" النظام العام" و الأمن و لذلك يمنعون المسلمين من حقهم في حرية عقيدتهم و طقوسهم.و للانصاف حجة الغرب أقوي من حجتنا نحن في رفض أصحاب الديانات غير السماوية . فلو كان الغرب قد جرب فعلاً تهديد بعض المسلمين لأمنه عن طريق ارهابيين امسلمين قاموا بعمليات أقل ما توصف بها الدموية،مما جعله يتحفز تجاه كل ما يمت للاسلام بصلة ،فنحن لم يحدث و لو لمرة أن حدثت عملية ارهابية واحدة من بهائي/ة مثلاً ،مما يعني أن الغرب لديه أسباب أقوي عشرات المرات لمنع حريات المسلمين داخله من أسبابنا المتخيلة لمنع المؤمنين بغير الديانات السماوية من حقهم في ممارسة شعائرهم. الحقيقة أن كل ما نراه نحن المسلمين المصريين ضد ديننا نلبسه تهمة الاخلال ب "النظام العام" مثل الحكام الدكتاتوريين بالضبط و لكنها ليست ديكتاتورية الفرد انها أسوأ بمراحل انها ديكتاتورية الأغلبية. لماذا مثلاً يعتبر التبشير المسيحي للمسلمين جريمة يعاقب عليها القانون و لا تعتبر الدعوة للاسلام جريمة ؟ لماذا يخل تبشير المسيحيين بالأمن و النظام العام و الدعوة للاسلام منزهة عن الجرم ذاته ؟ لماذا حتي التبشير بالاسلام الشيعي اضرار بالأمن و النظام "العام" ؟الاجابة بسيطة جدًا ،الموضوع لا علاقة له البتة بالأمن و لا النظام ، الموضوع بكل صراحة و وضوح أننا كمسلمين سنة الأكثرية ،الأغلبية بقوة ذراع الأغلبية الديكتاتورية نجعل ديننا و طائفتنا هي الأقوي و هي التي تتحكم و لا تحاكم . و لأننا الأغلبية و أصحاب اليد العليا نفرض بالقوة معتقداتنا علي الأضعف.و لأننا دكتاتوريون متمرسون نعلم كلمة السر التي نشرهرها في وجه كل من يعارضنا " النظام العام" .فلنقلها صراحة و كفانا تخفينًا بجبنِ وراء عبارات هلامية ، نحن لا نؤمن بوجود شيء يسمي دين غير سماوي ، و لا يجب أن نسمح بأن يعتنقه أحد في أرضنا التي نمتلكها نحن . نحن الأغلبية ، نحن الأقوي ؛لأن هذه الأرض تحت سيطرتنا نحن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق