( هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).
منذ فترة حدث سجال بيني و بين مجموعة نساء تنتقدن ثيابي و تصفنها بما يربو علي المثيرة (مع أني لم أكن أراها كذلك) و انفجرت فيهن بعنف ، و كانت احداهن تقول لي شيئًا لا أذكره فرددت بأني احترم القانون و لا أخالفه أبدًا ، فردت ردًا عندما أتذكره الاّن استشيط غيظًا ، قالت أن القوانين وضعية ليست كقانون الله –عز و جل- و هي تتبدل .و قالت اّخري في ذات السجال أن من ينظر الي اليوم نظرة قذرة سيحاول غدًا التحرش بي ، و سأكون أنا السبب بسبب ثيابي.حينها رددت عليها ردًا مشابهًا لما قلته للأولي ، قلت أنني عندما ارتدي ليست شديدة العري لا أخالف القانون بينما هو عندما يتحرش بي يرتكب جريمة قانونًا و حمد لله أنني لا أذكر أنها ردت علي هذه النقطة.
أذكر هذه القصة الغريبة الاّن ؛لأن بها نقطة هامة جدًا داخل مجتمعنا ، نقطة كوننا كمجتمع لا نعرف ما هي قدسية القانون ، نحن نؤمن بقدسية الدين ، قدسية الأعراف و العادات و التقاليد ، و لكننا لا نصدق أصلاً في شيء يسمي (قدسية القانون) ، عندما يسير أحدنا عكس الاتجاه بسيارته بالشارع لا يري نفسه مذنبًا بل أحيانًا يتفاخر بخرق القانون.عندما يقرر المواطنون و المواطنات الثأر من السارق/ة بالضرب وسط الشارع بدون تسليمه/ا للشرطة رغم أن ضرب المجرم المأسور يعد في حد ذاته خرقًا للقانون و استهزاًء بدوره فانهم يثبتون أن القانون ليس مهمًا.عندما يطرد سكان منطقة ساكن/ة بالقوة ضد القانون ؛لأنهم يعترضون علي سلوكه/ا أو دينه/ا فهذا ضرب بالقانون عرض الحائط.عندما تعتبر المعاكسات التليفونية شيئًا عاديًا رغم كزنها مجرمة قانونيًا هذا يسمي استخفاف بالقانون.عندما تصير مشاجرات الشباب بالأسلحة البيضاء جزء من مرحلة المدرسة و تتكتم المدرسة علي الأمر رغم اصابة الطلاب يسمي هذا أيضًا عبث بالقانون.
و الذي يدعو للاشمئزاز أن هذه النماذج تعتبر من المجتمع أمورًا عادية لا تضايقه في شيء ، و لا يكتفي المجتمع بالتستر عليها ،و التعود عليها بل يتمادي أحيانًا لدرجة القبول بها و الحض عليها !و حتي عندما يغضب المجتمع قليلاً من احداها فغضبه لا يكون بسبب كونها نماذج لدهس قيمة القانون و لكن أحيانًا لكونها مخالفة للدين أو العادات و التقاليد.و ما يدعو للتقيؤ أنه أحيانًا يجب المجتمع تصرف مثل ضرب المجرم/ة أو طرد العاهرة من منزلها قسرًا أو الثأر للشرف بالقتل لا بابلاغ الشرطة أو تحطيم الملاهي الليلية ، سلوكيات يحبها الدين و يدعو اليها و لذلك يجب أن تفعل حتي و لو علي حساب هذا القانون الوضعي القاسر الفاسق الفاجرالذي يحمي الفسوق !
الأزمة في أننا لا نربي أطفالنا علي (قدسية القانون) كما نربيهم علي (قدسية الدين )و (قدسية العرف ) ، نحن لا نحاسب أبناءنا عندما يقودون التوكتوك في سن لا يسمح بها القانون أو بالنسبة للطبقات الراقية السيارات الفارهة ، بل و أحيانًا نستعمل سلطاتنا و مالرفنا لنحميهم عندما يدوسون القانون بأحذيتهم. المدرسة لا تعلم طلابها احترام لوائحها و قواعدها ، فكرة التزام الطلاب بمواعيد الحصص أو بزي المدرسة هي أصلاً لتدريبهم علي الخضوع للقواعد التي فرضها قانون عليهم. عندما نعلمهم أن يغيروا لوائح المدرسة بتصويتهم و بعرضهم لوجهة نظرهم علي المدرسة ، نحن في الحقيقة نزرع داخلهم قيمة أن من يريد تغيير القانون يغيره بالطريقة الشرعية لا بالاستهزاء به و خرقه و دهسه.
الأهم هو تغيير نظرة المجتمع للقانون ، الديكتاتورية غرست داخل شعبنا فكرة منحطة هي أن القانون ما هو الا أداة الحاكم/ة لفرض السيطرة و من هنا ظهرت عبارة :" السجن للرجالة" ؛لأن كسر القانون كان يعتبر في العقلية الجمعية للمجتمع شجاعة و تحدٍ للحاكم/ة و من هنا أيضًا ظهر أبطال صنعوا بدهس القانون !اعادة الاعتبار و الجلال لقيمة القانون تبدأ من تغيير النظرة له ، من وسيلة قمع الي حامٍ حقيقي لبناء المجتمع الاجتماعي و السياسي . أن نقنع الطفل منذ صغره بالمدرسة و الاعلام أن القانون يقيه لا يقمعه هو الدرجة الأولي علي السلم المؤدي ل( تقديس القانون ) .و هذا أيضًا لن يحدث أبدًا ما دمنا نفرض عليه منذ الصغر (الصواب )و (الخطأ) و القواعد التي لا يخرقها بدون أن نقنعه أن هذا القواعد تحرسه هو لا تقيده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق