الأربعاء، 7 مارس 2012

الكرامة الوطنية أم الخضوع للعصا و الجزرة

(هذا المقال بقلمي لا بقلم الطفلة ).

لن أعلق علي سفر المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي خارج مصر ؛فمازلت لا أريد أن أتهم أحداً بعقد ثفقات سياسية أو الخضوع لتهديدات خارجية ،و لأني أفضل أن لا يكون القضاء المصري ملتشطة و معرضاً للسباب و التخوين من القاسي و الداني قبل تحقيق نزيه يتبين فيه معالم الموقف. و لكني في هذا المقال سأجادل مفهوم (الكرامة الوطنية) مجدداً و هل يمكن التغاضي عنها لأجل المعونات أو خشية تهديدات عسكرية أم لا .
في اعتقادي أن (الكرامة الوطنية) ليست كلمة سياسية حماسية بل هي مصطلح سياسي يشكل الواجهة السياسية الجذابة لمصر بالخارج. بمعني اّخر عندما تكون مصر قوية و تحرص علي كرامتها الوطنية فوق كل الاعتبارات ، فهي تصير قوة اقليمية و زعيمة يتطلع اليها العالم بتقدير ، تحسب لها القوي الكبري ألف حساب و تنظر اليها القوي النامية بعين التقدير و التمني. عبد الناصر عندما أعلن أن مصر تتحدي الدول العظمي ، و تأبي الخنوع ، تحولت مصر الي نموذجاً و قدوة عالمية يعرفها حتي ثوار أمريكا اللاتينية و يتطلعون أن تصير بلادهم مثلها.مصر صنعت بتحديها للقوي العظمي قوي ناعمة لها ، جعلتها قوة اقليمية و دولية هامة.
رغم أن ايران فعلياً تحتل ثلاث جزر اماراتية عربية الا أن ايران بالنسبة للكثيرين في العالم العربي و منهم سياسيون مثلاً و قدوة ينظر اليها بكل تقدير ، و ربما يتمني أن تصير الدول العربية بقوتها ؛لأنها رسمت صورة لدي العالم أنها تتحدي أمريكا ؛لأجل أن تحفظ كرامتها الوطنية ،و لكي لا يفرض عليها أحد موقفاً في توجهاتها النووية.مصر عندما تحفظ كرامتها الوطنية و ترسم لنفسها صورة الدولة القوية الأبية التي مهما كانت قوة الدول العظمي التي تترصد بها لن تخضع ، فهي لا تصنع فقط لنفسها قوة ناعمة ، و تجعل نفسها مثلاً و قدوة اقليمية و عالمية ، و لكنها أيضاً توقظ الروح الوطنية و الانتماء داخل الشعب المصري.
لماذا قاتل الشعب المصري بضراوة العدوان الثلاثي علي مصر و لم يحاسب عبد الناصر علي تأميم القناة التي لم يكن يتبقي علي انهاء عقدها سوي 12 عاماً من 99 عاماً ؟ الاجابة في اعتقادي ، هي أن الشعب المصري شعر أنه يقاتل ؛لأجل كرامته الوطنية و مهما كان الثمن لن يكون بغلو الكرامة الوطنية ، و هذا الشعور بالكرامة الوطنية أيقذ عند الشعب المصري الانتماء في حقبة الخمسينات و الستينات. لماذا لا يشعر الكوريون الشماليون أن عليهم التسليم لأمريكا رغم كل العقوبات التي تفرضها أمريكا و التي حولت الكوريين الي شعب من أفقر شعوب العالم ؟ في اعتقادي أن الأمر ليس فقط خضوعاً للنظام المتوحش الديكتاتوري ، و لكنه أيضاً اقتناعاً من الشعب الكوري الشمالي أنه يعاني من أجل كرامته الوطنية و هذا يوقظ لديه الانتماء الوطني و القدرة علي تحمل المأساة الانسانية التي يقاسيها.
ليس معني هذا أنني مع موقف كوريا الشمالية الذي ضحي بالشعب في سبيل اقتناء سلاح نووي أو أني متفقة تماماً مع كل سياسات عبد الناصر الخارجية ،أو اعجابي بالنموذج الايراني، و لكنني أعني أن حفاظنا علي كرامتنا الوطنية و تحدي القوي العظمي هو سبيلنا لأن نصير دولة ذات قوة ناعمة قوية و ذات مكانة عالمية ، و لندفع شعبنا المصري ليشعر بالكرامة و بالقدرة علي الحلم و تحقيق النهضة لمصر، يجب أن نشعر الشعب أننا لسنا أضعف من القوي العظمي ، و أننا لسنا ملتشطة لأمريكا و يجب أن نطيء رؤوسنا لها حتي لا نداس بأحذيتها.
كما لا يجب أن نسمح للمعونات من أمريكا أو غيرها أن تكون ورقة ضغط و لو تافهة علينا ، و يستحسن لو توقفنا عن التسول ، و رفضناها من الأصل ، فاثين من المليارات لن تحل أي من أزماتنا كما أن أمريكا تفرض علينا قيود اقتصادية لدعم شركاتها متعددة الجنسيات تكفل عودة هذه المليارات مضاعفة الي أمريكا.كما لا يجب أن ندع شائعات عن تهديدات أمريكا بالتدخل العسكري ان لم نخضع لها تنتشر ، فنحن بذلك نبيح أن يقال أننا نخاف أمريكا فنخضع لها.
و علي أي حال أمريكا لا تحارب بعشوائية أي بلد تتحدها ، و حرب أمريكا علي العراق لم تكن ؛لأن صدام خادمها الوفي تمرد و عصاها ،و لكن كانت لبسط النفوذ في توقيت معين ، بدليل أنه رغم كل استفزازات ايران لأمريكا منذ حادث احتجاز الأمريكيين في ايران عقب الثورة الايرانية و حتي الاّن لم تدفع أمريكا لأي مواجهة عسكرية حقيقية مباشرة مع ايران.و هذا يعني أننا مهما تحدينا القوي العظمي و علي رأسها أمريكا و أعلنا العصيان فهذا لن يكون سبباً رئيسياً أو حتي حقيقياً في مواجهة أمريكا عسكرياً .
و تبقي رأي لي شخصي الي حد ما ، لا اعتقد أن الجميع سيقتنع به ، اني أري أنه في الحالات النادرة و الظروف الأخيرة التي يكون فيها الخيار صريحاً اما (الكرامة الوطنية) أو الحرب أو الجوع ،فالكرامة الوطنية هي الخيار الأصوب مهما كان الثمن.
الكرامة الوطنية هي التي تشكل قوتنا و مكانتنا الاقليمية و الدولية و هي التي تحيي لدي شعبنا انتماءه و ايمانه بالوطن ، و تمنحه الارادة و التصميم لينهض به و ليقاوم من أجله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق